تلك كانت آخر اللحظات يا سمير.. كل القبضات ارتفعت تودعك وتحمّلك السلام.. اما الدموع.. دموعنا هذه فما كانت حزنا ولا فقدانا بقدر ما كانت دموع الخجل، دموع الاحساس بالصغر امام كبرك..
هل لمحتنا؟ هل جلت على الحشد بعينيك الواسعتين اللتين لطالما احتوتا القضايا والوطن؟
هل لمحت زينب، شريكة البيت والعمر.. تغسل بالدمع ارض محراب شهادتك.. هل شاهدت عليا، ينتظر ان تنهض وتضمه كما كنت دائما..
ايها الجبل الذي من طينته تصنع الاوطان وتنمو.. هل مررت بفلسطين في إسرائك وانت العائد اليها بياسمين الشام وبالحب الاصدق؟
هل شعرت في مرورك الاخير بنا كي توقد نار الثأر في كل قلب عرفك؟ هل رأيت كم ارتفعت اكف تود ان تلامس فيك الطهر يا شهيد كل بيت وكل عائلة؟
يا أيها العائد من اسر دام ٣٠ سنة وما نال من صبرك ولا قناعاتك.. واول المرتحلين الى جبهة لا تريد ان يغفو العدو فيها هانئا .. ها انت ترتفع، تصير نجمة تضيء الطريق، تصير نسمة محملة بليمون البيارات ودور الشام العتيقة..
قد صرت ايها الاسير الحر شهيدا.. زرت دنيانا كي تناضل ومضيت.. بعد عمر من مقاومة في الاسر ومقاومة على الجبهات.. اي عشق سكنك كي يكون عمرك كله هدية وقربانا.. على اي وعي احتويت كي يكون كل قولك فعلا وكل فعلك مقاومة.. وآخر المقاومة نصرا.. هل تذكر دمع الفرح الذي تكحلنا به يوم استقبلناك قبل سنين فيما كنت تجول في الحشد بناظريك كأنك على كل وجنة تضع قبلة من مجد ..
سبقنا الدمع الى وداعك اليوم يا بطل .. فكنت اجمل محطات اعمارنا في ايابك والذهاب..
انظر الينا من عليائك رجاء.. انظر الى قلوب الامهات تودع فيك كل الشهداء.. وانظر الى عيون الاطفال الشاخصة اليك كأنهم كلهم علي.. اصغ الى وقع نبض الرجال تعاهدك ثأرا ونصرا.. تصرخ والكون يسمع.. انّا على العهد.
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع