منذ بداية الربيع العربي بدأت تظهر صحافة جديدة، معادية لمقاومة الإرهاب تحت تسميات مختلفة، مثلاً من هو ضد السيادة السورية ومن هو ضد حزب الله اللبناني وما شابه، عُرفت بالصحافة الحرّة، او المطالبة بالحرية للشعوب من سلطة الطغيان والسلاح هنا وهناك.
في بداية الربيع العربي ظهر الصحفي المطبّع مع الصهاينة “الأستاذ” عزمي بشارة على أنه فولتير العصر الحديث، أنشأ وموّل مواقع إخبارية، خصصها لنشر الديموقراطية والهجوم على ما يسميه “طغاة العصر”. بين سطور بشارة كانت تفوح رائحة تطبيع مبطن. كان عزمي يبحر بنا كقراء من عالم الطغيان والقتل والذبح إلى عالم بسط الديموقراطية الجديدة، ليثبت في العامين الأخيرين أنه واحد من بائعي (salesman) فكرة “الشرق الأوسط الجديد”. عزمي لم يكن وحيداً كان إلى جانبه دائماً الصحفي المصري “الأستاذ” توفيق عكاشة، النائب في البرلمان المصري، والذي لا يخفي علاقاته مع الصهيونية بل ويرى أنها تصب في مصلحة وسيادة الدولة المصرية. ولا ننسى “الأستاذ” فيصل القاسم، السوري الأصل الذي شارك بإراقة دماء شعبه، كما وأظهر في عدة مواقف أنه من أشد المؤيدين لديموقراطية “داعش”، وغيرهم كثُر.
منذ أقل من ثلاثة شهور بدأ الحديث عن “السلام” بين الفلسطيني والإسرائيلي. كانت فرنسا أول الداعمين لا بل قدمت مبادرة ودعت الطرفين الفلسطيني والصهيوني إلى أرضها، وبدأت بالمباحثات والوساطة. وفي الوطن العربي قررت "جمعية" الدول العربية بدء المباحثات في حل الدولتين أيضاً بين الطرفين، “مما سيخفف من الاحتقان في المنطقة”. هذه اللعبة بدأت حين قررت السعودية أن تضع يدها بيد الصهيوني لتحارب “الهيمنة الإيرانية” في المنطقة. وبدأت ظاهرة “المثقفين والصحفيين” الداعين للسلام مع الصهاينة تظهر عبر مواقف متعددة، على مواقع التواصل الاجتماعي. مثلاً كتب صحفي من تلفزيون المستقبل أنه مستعد أن يضع يده بيد الصهاينة ليثبت رؤية بشير الجميل (صاحب فكرة السلام بين الدولتين)، ثم يظهر وبشكل مفاجئ مقابلة الأديب والصحفي اللبناني والذي أنا واحد من قرائه، لا بل “وللأسف” افتخرت به في كثير من المواقف، يظهر على شاشة صهيونية ليتحدث عن “موضوع ثقافي”، مع دولة أصغر من والد معلوف فعلياً.
الحملة التي بدأت تطفو على السطح لم تعد ظاهرة فردية بل أصبح الموضوع يحتاج إلى الانتباه والمواجهة، والمقاطعة لمن يحاول تسويق فكرة التطبيع، بغض النظر عن انتمائه الفكري أو شهادته، فإما أن نواجه هذا الفكر الانهزامي وأما نحن ذاهبون إلى ما هو أصعب من فكر “داعش”. المثقف دائماً يجد مبرراً لخيانته، ودائماً هو قادر على تبرير أفعاله. يقول فلاديمير لينين: “ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻦ ﻫﻢ ﺃﻗﺪﺭ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻴﺎﻧﺔ، ﻷﻧﻬﻢ ﺃﻗﺪﺭ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﺗﺒﺮﻳﺮﻫا”. اليوم نحن نواجه طبقة منبطحة مثقفة قادرة على إقناع جيل بأكمله بأن “إسرائيل” دولة أليفة وأن ما يحصل منذ قيام هذا الكيان ما هو إلا كابوس وانتهى. نحن أمام مسؤولية الدفاع عما آمنا ونؤمن به وهو أن لا وجود لشيء إسمه “إسرائيل”.
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع