نحتاج الى ثقافة الشهيد وما أحوجنا اليها. هذه الثقافة التي لا تقتصر على العمليات الحربية وعدد القتلى بل تشملها في طياتها الهائلة التي لم اجد الى يومنا احدا قد استطاع احتواءها كلها. الشهيد ليس فقط بصورة.. صورة وجه جميل زادته الشهادة نورا.
الشهيد ليس شهرة اجتماعية نسعى الى اكتسابها من خلال صداقاتنا ومعرفتنا بهم. الشهيد ثقافة، علم، بحث، فلسفة، نور وعرفانية.. الشهيد هو ذلك القنديل، قنديل وقوده الدم ينير لنا طريقا مزهرا. طريق بعيد عن الدنيا وكلما توغلت وقطعت مسافة اكبر اقتربت اكثر الى سر الدنيا والاخرة. اتدرون ما هو منبع هذا السر؟
انها واقعة الطف.. انها كربلاء.. انه يوم عاشوراء. انه رأس ابي عبد الله مرفوعا على رمح لعين، وزينب تنظره من خلف حر العباءة.. هذا الطريق هو طريق المشاية في الأربعين. وكل منا عاشق يسترق الخطوات للوصول الى المعشوق لملامسة ضريحه.. فكيف اذا كان طريق مشاية الشهادة يقودك الى شخصه وروحه؟ ابحثوا عن الشهداء. ابحثوا عنهم بين طيات اوراقهم المنسية، ابحثوا عنهم في كتبهم في قصادئهم في جيرانهم واطفالهم. الشهيد فلسفة. وكما قال الفرا يوما " لهم في الموت فلسفة فلا يخشونه ابدا" فلسفة ما كتبها احد من الفلاسفة لعجزهم عن الاحاطة بها.. فإن اي موضوع يكتب يعني انه منجز البحث.. وكل ما هو منجز في آخره سيدخل دائرة الملل وسيقل القارئون يوما يليه يوم.. الا الشهادة بدأت من بدر والاحزاب وصفين مسبوقة بكل حكايات الرسل متبوعة بالائمة الذين قضوا كلهم مضرجين بدمائهم الشريفة.. الشهادة دنيا ترافق دنيانا وتسمو وتحلق فوقها وتنظر الينا بعين دامعة لقلة معرفتنا بها، لقلة من يستحق اللحاق بذلك الركب.. لا تهملوا انوار الشهداء.. استغلوا كل ذرة تتعلق بهم. هم النجاة والمعرفة والروح والوصول.. الوصول الى قمة العشق الحسيني العلوي. انكم كلما شعرتم بالبعد عن عاشوراء.. جالسوا ايتام الشهداء.. الارامل والثكالى.. فهم مثل دمعة واحدة من عاشوراء.. جرح واحد .. فكيف بتلك الاهات والدموع والجروح؟ 

المصدر: شاهد نيوز

المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع