حضر الخبر كشعلة امتدت على مساحات الفرح المتبقية بعد نكبات.. تلك المساحة التي لا يمكن ان يكون عنوانها الا المقاومة.. واحتشدت في الذهن الف الف صورة تظهر واحدة تلو اخرى ان الفعل المقاوم لا يحتاج بالضرورة الى عتاد كثير.. انتصب الطفل فارس عودة مجددا امام الميركافا والحجر لا زال صلبا بيده وبدا دار الدوابشة في الضفة لمّاعا.. ارتفعت في الذهن سكاكين الفدائيين اذ تنغرز في صدور المحتلين واحتلت الخيال ابتسامات الاسرى بعد كل نطق بحكم جائر.. كان خبر الحرائق وما تلاه من اعترافات صهيونية بأنها حرائق مفتعلة، بشرية ولها "بعد قومي" كفيلا بأن يصنع لنا يوما جميلا، يُضاف الى قائمة الايام التي شهدنا فيها كيف المقاوم يجترح من الجرح سلاح، ويقاوم..
منذ اعلان الخبر، كل القلوب التي بوصلتها فلسطين استشعرت ان عود ثقاب فدائي قد اشتعل.. وكعادتها همّت الابواق، سواء تلك التي تتعمد العمالة ولو الثقافية او التي عن قلة وعي ودراية وطنية، تنضح بما فيها من عقل انهزامي وشعارات فارغة، بدءا من اطلاق هاشتاغ "اسرائيل تحترق" بما فيه من خيانة موصوفة تظهر في تغييب اسم فلسطين واستبداله باسم الكيان الاستيطاني، مرورا بالمواقف الخاصة بما يسمى المجتمع المدني الذي قام بعض افراده بالنواح المستميت خوفا على الاشجار المعمرة والضرر البيئي الناتج عن الحرائق مرورا طبعا بالاصوات العربية التي وقفت بوقاحتها المعهودة تستنكر الحريق وتدعو للصهاينة المستوطنين بالنجاة منه ناهيك عن القلوب التي اعتصرها الحزن وما تجرأت على البوح به لأنها تعتبر ان كل سهم يصيب العدو يصيبها ايضا في مقتل..
اما هنا، حيث المقاومة بوصلة ووعي فطري، فالعيون مسمرة على الصور الواردة عن اشتعال المزيد من الحرائق. والقلوب تتوجه حبا نحو جنوب الجنوب، نحو البلاد التي عودتنا على انجاب الاسلحة والادوات المقاتلة.. نتمنى لو ان ارواحنا تستحيل عود ثقاب وقارورة وقود.. تحرق الكيان المحتل.. الزائل، ولو تمكن من اخماد هذه النيران .
حرائق اليوم، درجة جديدة في سلم الصعود الى المجد حرية وتحريرا.. المتصاعد منذ ولّى زمن الهزائم.. منذ بتنا نراها قريبة!
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع