منذ اولى شرارات الحرب الارهابية على سوريا، والتي اتخذت في بعض الاحيان شكلا "ديمقراطيا"، لم تكن خفيةً اليد السعودية التي اشعلتها، اجّجتها وتابعت مدها بالنفط الكفيل بانتشار النار.. هذا النفط الذي تشكّل اموالا واسلحة لدعم الجماعات الارهابية كان ليقضي على البلاد بوقت ضئيل لو ان الارض السورية هشيم.. الا ان ارض الياسمين خضراء عصيّة.. لم تحترق وإن اوجعتها ألسنة اللهب التي تنقلت بين مختلف المدن والمناطق، معلنة في كل مرة النجاح في اطفاء بقعة وسحق الارهابيين المعششين فيها بدعم سعودي.. تلك الخلايا التي نامت دهرا وصحت بأمر عمليات اميريكي سعودي، وتفكك وتهاوى معظمها بفضل رجال عاهدوا الارض العزيزة ان لا يستوطن فيها التكفير.. لذا كان لصمود الجيش العربي السوري وبسالة ابطال حزب الله حكايات كتبت بالدم وبالرصاص هزيمة مذلّة للسلالة الملعونة ومرتزقتها من مختلف القوميات والاجناس..
إنّ قياس هزيمة آل سعود لا يمكن ان يتمّ بمجرد النظر الى التوازنات على ارض المعركة ولا حتى بحساب موازين القوى الفاعلة وذات التأثير في نتائج الميدان.. المسألة ابعد من ساحة الحرب في سوريا والعراق واليمن.. لنقل انها تتمظهر هناك. ومنذ اللحظة الاولى، منذ اول طلقة نار ومنذ اول عمل ارهابي خرج الى العلن مكشرا عن انيابه الوهابية المتصهينة. بكلام اخر، بدأت الهزيمة السعودية منذ اليوم الاول للحرب. وآل سعود الذين اتسموا عبر التاريخ الحديث بالغباء وعدم الدراية بالامور القتالية والسياسية على حد سواء، سعوا منذ اول هزيمة الى الغطس في وحولها اكثر لعل وعسى يجدون في القاع ما يحفظ لهم شيئا من ماء الوجه يواجهون به الصفة التي صارت ملحقا متمما لتسميتهم كدولة: الدولة الداعمة للارهاب. هذه التسمية التي تدرجت لتصل الى ابرز الدول المصدرة للارهاب. في هذه الاثناء بلغ سعار ال سعود اوجه.. فكانت الحرب الارهابية على اليمن املا باستعادة شيء من الاسهم المفقودة في بورصة المشغّل الاميريكي.. الا ان حسابات طائرات الجيش الهزيل سقطت عند الخنجر اليمني الاصيل.. لتصبح الجملة التي صاح بها احد الابطال اليمنيين "سلم نفسك يا سعودي انت محاصر" شعارا يختصر الحرب.. الحرب التي لم تنته لأن العقيدة العسكرية الصهيونية والمرتكزة على قتل اكبر عدد ممكن من المدنيين متجذرة في النفس السعودي الذي اضحى يحاول اخفاء هزيمته بارتكابه عددا اكبر من المجازر..
في الوقت نفسه، كان انحسار التواجد الارهابي في بقع محدّدة ومحدودة من الارض السورية، واستنفار العالم وما يُسمى بالمجتمع المدني لحماية الارهابيين بحجج تدعي الانسانية تارة والتفاوض طورا، مؤشّرا جليا الى الهزيمة التي تتخبط فيها السعودية والتي كلما حاولت اخفاءها ازدادت وضوحا. حتى لم يتبق لها ولأزلامها الا ساحات التواصل الاجتماعي للحديث عن انتصارات وهمية، تدعمها قنوات البترودولار بأخبار ملفقة، يوما عن نصر بلا ارض ولا سماء ولا اصل وفي يوم اخر عن ضحية مفترضة يقوم بدورها ممثل فاشل ثم يظهر بعد حين ان الضحية تلك لم تكن اكثر من تجربة اداء رديئة.. وفي يوم ثالث تعرض صورا يتبين فيما بعد انها ليست من سوريا اساسا.. لقد بلغ الافلاس السعودي هذا الحد وما زال البعض، من الابواق المأجورة، يخرج علينا مبشراً بعصر عدالة ال سعود المنتصرين.. والمضحك في الامر، ان الحليف العثماني لم يتوان عن القفز من القطار الهابط بسرعة جنونية الى الهاوية، متحدثا عن وجوب عدم تفسير كلام الرئاسة التركية بخصوص اسقاط الرئيس بشار الاسد بحرفيته. هنا بدا اردوغان دليلا جديدا الى حقيقة نعرفها منذ خمس سنوات وهي ان ال سعود حفروا لهم جهنم في ارض الياسمين.. وفيها سيقضون ما بقي لسلالتهم من حياة.
رغم كل ذلك، ما زال بعض المأجورين من صحفيين ومحللين وسياسيين يصرون على شهادات زور في ما خص الهزيمة السعودية وبدء العد التنازلي لوجودها في قائمة الدول. وذلك لسبب بسيط يتلخص في كونهم قد تقاضوا مسبقا اجورهم واصبحوا حكما عبيدا في سوق النخاسة الاعلامية.
وبعد، ها نحن جيل المرحلة المضيئة في تاريخ حل ظلامه منذ سايكس-بيكو، نشهد، وبالحق كما عرفناه معمدا بالدم، ان خريطة الشرق الاوسط الجديد انقلبت سمّاً في جسد طباخها.. وان مخاض هذا الشرق لا بدّ ينتهي بولادة جديدة لبلادنا التي ما اجتاحها ارهاب الوكيل السعودي وخرج منها مهزوما الا بعد ان سبقه الى الاجتياح والهزيمة الاصيل الصهيوني.. هذا التاريخ، سيكتب ذلك، تماما كما سيكتب بالحبر نفسه ان زوال الكيان المحتل لفلسطين سيلحق حتما بزوال سلالة ال سعود من الارض العربية. في هذا العصر نعيش.. وسنبقى شهود الحق الساطع، والحقيقة البهيّة.. سوريا، ارض الياسمين.. انتصرت وملوك الرمال.. الى زوال.
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع