اعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقف الاعمال الحربية في سوريا بحضور وزيري خارجيّته والدفاع وبمباركة تركية وتحفّظ ايراني بالرغم من انّ الجمهورية الاسلامية في ايران شاركت في اعداد الاتفاق.
أعدّت ثلاث وثائق وقعت تباعا من قبل الجمهورية العربية السورية وستّ مجموعات مسلّحة تمثل اكثر من 60.000 الف مسلح وهي (فيلق الشام 4000 مسلح-احرار الشام 16000-جيش الشام 12000-جيش المجاهدين 8000-جيش ادلب 6000-والجبهة الشامية 3000 وبعض العناصر الاخرى حوالي 12000مسلح).
تهدف هذه الوثائق الى:
اولا: وقف اطلاق النار من قبل كل المجموعات المسلحة التي التزمت بالاتفاقية - باستثناء القاعدة اي (جبهة النصرة) و داعش- على كامل تراب الجمهورية العربية السورية ابتداء من منتصف ليلة الخميس 29 كانون الثاني-ديسمبر 2016.
ثانيا: اتخاذ تدابير لتفعيل احترام اجراءات الهدنة ونشر القوات الروسية
ثالثا: تفعيل شروط محادثات السلام المقرر عقدها في استانا (كازاخستان) والتي ستشارك كل من الجمهورية الاسلامية في ايران ومصر في مفاوضاتها. امّا الولايات المتحدة الامريكية فمقررّ مشاركتها ان رغبت في ذلك بعد تسلم الرئيس الجديد مهامه الرئاسية رسميا بتاريخ 20 يناير 2017.
كما انه من المقرر ان تتم دعوة كل من المملكة العربية السعودية والعراق والاردن وقطر ومنظمة الامم المتحدة.
انّ هذا الاتفاق سيكسر حدّة النزاع في سوريا اذ سيقسّم المجموعات المسلحة الى جماعة تسعى لخدمة اهداف حلف الناتو منذ بداية الازمة وهي الجماعة التي رفضت التوقيع جملة وتفصيلا وستستمر في القتال وبين مجموعة اخرى وافقت على الاتفاق وعلى خطة القاء السلاح والجلوس الى طاولة المفاوضات.
الملاحظ انّه من خلال رعاية الجمهورية الاسلامية في ايران للاتفاق ولو ببعض التحفظ عليه انّ يصبح بإمكان تركيا –عضو الناتو التقليدي- ان تتخلى عن حلم زعامة اهل السنة في العالم الذي طالما هدف له اردوغان طيلة ايام الازمة في سوريا لتبتعد شيئا فشيئا عن السياسة الامريكية وخططها.
ومع انّ الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة قد اعلن تأييده للاتفاق ودعمه الا انه لا بد من التذكير ايضا انه في وقت سابق من هذا الشهر انسحبت قطر من الحرب السورية لتدخل الى روسنفت اكبر شركة في العالم وتحظى بارتباط اقتصادي هو الاقوى اليوم في مجال الطاقة بينها وبين روسيا ليكون بمثابة الثمن لانسحابها من الحرب السورية ومن دعمها للجماعات المسلحة هناك.
انّ هذا الاتفاق لوقف الاعمال الحربية هو قيد مناقشة لمدة شهرين ولقد حاولت بعض الاطراف خصوصا تلك المعارضة له خاصة اسرائيل وبريطانيا عرقلته من خلال بعض الاعمال هنا وهناك اهمها كان عملية اغتيال السفير الروسي في انقرة اذ تتحدث بعض الاوساط الروسية عن تورط غير معلن لإسرائيل في العملية، او من خلال قصف السفارة الروسية في دمشق.
طبعا من الضروري الاشارة الى انّ الولايات المنحدة الامريكية وفرنسا وبريطانيا لن تشارك في وقف اطلاق النار ولقد اتهم اردوغان امريكا علنا بتواصل دعمها للقاعدة وداعش رغم نفي السفارة الامريكية في نقرة تلك المزاعم. ومع ذلك فلقد قررّ باراك اوباما في اخر ايام عهده الرئاسي في 23 كانون الثاني-ديسمبر 2016 تمرير قانون الضرائب والدفاع الذي يجيز تسليم اسلحة الى المعارضة في سوريا.
اما المملكة العربية السعودية التي لم تعلق على الاتفاق فهي تحاول استمالة المواقف من خلال تبني ملف الاعمال الانسانية باسم مساعدة اللاجئين السوريين وذلك بتوزيع المساعدات كما تريدها هي على سبيل الحصر لتثبت بقاء اللاجئين في المخيمات وربما اكثر من ذلك حتى لا تكون لهم فرصة للتفكير بالعودة لديارهم...
على ما يبدو فانّ الرئيس الروسي طلب من وزير دفاعه الاسراع بتخفيف الوجود العسكري الروسي في سوريا لكن العمليات العسكرية ضد داعش والقاعدة مستمرة ولن تتوقف.
انّ هذه الحرب الكونية بكل معنى الكلمة التي عاشتها الجمهورية العربية السورية قتلت ما لا يقلّ عن 300.000 سوري وهي للاسف حرب قررها الشركاء الدوليون في حلف شمال الاطلسي برعاية امريكية ونفذها تمويلا ودعما مماليك الخليج.
يبقى السؤال الاهمّ هل سيصمد هذا الاتفاق فعليا في ظل تمرد الدول الداعمة للعدوان على سوريا؟
*باحثة في الشؤون السياسية
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع