في تسعينيات القرن الماضي، ومع موجة الاتصالات الخليوية، كان اقتناء هاتف خلوي في لبنان يُعدّ من علامات الثراء حتى تكاد تسأل كلّ حامل لذلك الجهاز السحري «من اين لك هذا؟». شيئا فشيئا دخل الخلوي في قائمة الضروريات رغم ارتفاع تكلفته مقارنة بكل دول العالم، على الرغم من تخفيضها مع ازدياد اعداد المشتركين. وكذلك اتسعت دائرة النصب والفساد في هذا القطاع المفتوح على كل انواع السرقة والمحاصصة واتخذت انماطا واشكالا عديدة وبمسميات مختلفة ابرزها الخدمات الاضافية كمعرفة رقم المتصل وامكانية وضع المكالمات قيد الانتظار او تحويلها... تلا ذلك دخول «خدمات الانترنت» عبر الخط الخلوي ما وسّع رقعة النصب لرفع معدل الارباح التي تقول الشركات المشغلة انها تعود للدولة. لندخل في متاهة «من يسرقنا اكثر؟» الدولة ام الشركتان.. لنكتشف ان المسألة تتم بينهما بالتكافل والتضامن، وانهما متفقتان على نصبنا على مدار الساعة.. او الدقيقة. وكذلك على مدار العقود مع الشركات والحكومات المتعاقبة والوزارات.. فتحول قطاع الاتصالات الى دجاجة تبيض ذهبا.. يدفعه المشترك على شكل فواتير شهرية او بطاقات تشريج مسبقة الدفع..
من هذا المنطلق، ومع دخول ناشطي العالم الافتراضي على خط اثارة القضايا العامة التي تلامس بشكل او بآخر هموم الناس، بدأ هاشتاغ #سكر_خطك يأخذ حيّزا مهما من المشاركة التي يبدو أنها قد تحولت الى حملة تدعو الى مقاطعة الشركتين وخدماتهما ولو بشكل رمزي (ليوم واحد/ غدا الاحد) بما يترتب على ذلك من خسائر مادية ومعنوية لشركات اعتادت ان تنصب اموال المشتركين بسلاسة وبدون مقاومة.. الى اي مدى قد تنجح الحملة في،تحقيق اهدافها؟ سؤال طرحه العديد من المناهضين لها، ليس لقناعة بهم بأنها غير محقة انما لأسباب مختلفة ابرزها النكايات.. الا انه سؤال مشروع والاجابة عليه بسيطة لا تتعدى الاسطر القليلة: ان هذا القطاع بشكله وشروطه الحالية يقدم لنا اسوأ خدمة بأغلى الاسعار،وهو ككل قطاع تجاري يبتغي الربح السهل ولا شيء يرغمه على اعادة حساباته الا الخسائر. ومقاطعة يوم واحد ستؤدي الى خسائر قد تكون بداية اعادة حسابات قد تخفف عن المواطن قليلا من ثقل تكلفة الاتصالات وخدمات الانترنت.
وبعد، سواء أكنت «رح تسكر خطك» غدا أم لا، ثمة عدد كبير من المشتركين صرح عن تفاعله ايجابيا مع الحملة، ويتأمل ان تحقق فواتير عادلة، لا سيما اننا، شئنا ام ابينا، نعيش في عصر الاتصالات وتقنياتها.
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع