هل هو النيتروغلسرين؟ تعلمون أن النيتروغلسرين شديد الحساسية للصدمات والارتجاج، وأنه شديد الانفجار مما جعله أساس مركب الديناميت. لا؟ هل هو النابالم إذن؟ تصل درجة حرارة احتراق النابالم إلى أكثر من 1200ْ مئوية وهناك شواهد مروعة من حروب فيتنام وكوريا على ما يمكن أن يسببه من تدمير وألم خاصة لقدرته على الالتصاق بالأسطح والجلد والاحتراق لفترات طويلة.
هذا مروع بما يكفي لنيل أي منهما لقب أكثر المواد المتفجرة خطورة في العالم! لكن ماذا لو أخبرتك أن هناك مركب كيميائي أخطر بكثير؟
بأزيد الأزيدوأزيد: Azidoazide Azide!
المادة الكيميائية التي لا يجرؤ أي كيميائي على لمسها!
في الواقع لم أجد ترجمة عربية صريحة لهذا المركب الكيميائي. وعلى الرغم من أن كلمة أزيد Azide متعارف عليها في الكيمياء لوصف الأيونات، مثل أزيد الرصاص وأزيد الصوديوم، إلا أن أزيد الأزيدوأزيد هذا لم أجد له ذكرًا مباشرًا في المحتوى العربي … المتاح للعامة على الأقل! فكما سنعرف، هذه المادة من الخطورة ما جعل دراستها شبه مستحيلًا.
أزيد الأزيدوأزيد يقع ضمن فئة من المواد الكيميائية التي تعرف باسم المواد النشيطة الغنية بالنيتروجين high-nitrogen energetic، ويعد أكثر المركبات التي تم تخليقها في المعامل قابلية للانفجار؛ حيث يحصل على قدرته هذه من 14 ذرة نيتروجين يتكون منها في الأساس. وبالرغم من أن أزيدات النيتروجين بشكل عام حساسة للصدمات، إلا أن أزيد الأزيدوأزيد يبالغ للغاية في حساسيته! حيث ينفجر عمليًا في أي وعلى أي حالة، حتى ولو تركته وحده بسلام!
يصف الكيميائي الشهير ديريك لووْ مركب أزيد الأزيدوأزيد بأنه أحد الأشياء التي لا يجب التعامل معها من الأساس، حتى من قبل الخبراء!
عند دراسة ذلك المركب، كان ينفجر عند انحلاله، ومع أي محاولة للمسه أو تحريكه. بل أنه كان ينفجر عندما كانوا يفحصونه بمطياف الأشعة تحت الحمراء حتى! هذا أقرب لأن ينفجر لمجرد النظر إليه لا أكثر!
لماذا يوجد إذن؟
أسمعك تسأل السؤال المنطقي هنا: ما الفائدة من هذا المركب العاشق للانفجار إذن؟ والإجابة هي: لا شيء بعد!
فعلى الرغم من أن بقية الأزيدات لها استخدامات في صنع المتفجرات وحتى في المجال الطبي كما هو الحال مع أزيد الصوديوم الذي يدخل في صناعة بعض الأجهزة الطبية؛ فإن أزيد الأزيدوأزيد يظل في مملكة الكيمياء التجريبية لا أكثر! وإذا نظرنا إلى الأمر، فسنجد أن للأمر جانب إبجابي ما: ألا يتاح هذا المركب للعامة للتجربة أو الاستخدام وأن يظل الوصول إليه ودراسته محصور على الخبراء فقط.
مركبات كيميائية أخرى أكثر ترويعًا!
لكن قائمة الكوابيس لا تنتهي بأزيد الأزيدوأزيد للأسف؛ فهناك مركبان آخران لا يقلان ترويعًا وإثارة للرعب عنه. وماذا لو أخبرتكم أن أحدهما، وكان يدعى المادة ن Material N، كان من الخطورة حتى أن علماء النازية اضطروا في النهاية إلى التخلي عن برنامجهم لدراسته وتطويره، مع أنها عدّت حينها سلاحًا مرعبًا واعدًا!
المادة ن هو الاسم الحركي لمركب ثلاثي فلوريد الكلور، الذي تم اكتشافه عام 1930 لاستخدامه في الحرب العالمية الثانية ضد قوات التحالف. هذه المادة اللعينة تغلي إذا ما تعرضت للهواء المباشر، وتنفجر إذا ما لامست الماء، وتقتل من يتنفس أبخرتها، وتطلق حمض الهيدروفلوريك إذا ما انحلت! هل تتخيلون هذا؟ عندما يتخلى وحش لا يرحم مثل الكيان النازي عن أمر ما بهذه الأهمية، فلابد وأن لديه أسبابًا وجيهة لذلك!
المركب الآخر شدبد الخطورة هنا هو ثلاثي يوديد الينتروجين Nitrogen Triiodide والذي يبدو سائل النيتروغلسرين المتفجر الذي يدخل في الديناميت إلى جانبه أقربإلى الماء في استقراره! هل أبالغ؟ في الواقع لا، لأن ثلاثي يوديد الينتروجين ينفجر مع أقل حركة ممكنة، حتى أنه سينفجر بلا هوادة إذا ما حطت ناموسة لا أكثر على سطحه! جنوني، أليس كذلك؟!
من الجيد هنا معرفة أن مثل هذه المركبات الكيميائية شديدة الخطورة، خاصة بطلنا أزيد الأزيدوأزيد، لم يتم تصنيع إلا أقل القليل منها حتى الآن. هذا شيء يمكنكم أثق أنه بإمكانكم تفهمه بعدما قرأتموه بالأعلى!