في زمن صارت فيه جائحة الكورونا الشغل الشاغل، يطل علينا كل يوم  بما فيه من تحليلات لا كم لها ولا نوع، وجديدها محاضرة ألقاها  الدكتور أماني على حسابه على الانستغرام باللغة الفارسية بعنوان "مَن عاشق كورونا هستم"، وبالعربية  "أنا أحب الكورونا"، في 18/4/2020، يعكس فيها رؤية تحليلية فلسفية للموضوع. يربط الطرح ما بين فيروس كورونا والنظرة للوجود، بحيث إنها حلقة ضمن سلسلة أحداث في الحياة، يتحدّد الموقف منها بناء على البعد الثقافي والتربوي والإيماني لدى الإنسان؛ فإما ينظر لها سلبا او إيجابا. 

من هنا، يناقش التحليل جائحة الكورونا كرسالة إلهية جاءت لنعيد النظر في الكثير من الحسابات في حياتنا وتنظيم الأولويات؛ في مقدمتها الإحساس بأبسط النعم التي تحيط بنا. فالأمان الذي كنا نستشعره عند الخروج يوميًّا من المنازل والالتقاء بالزملاء والأصحاب نعمة غفلنا عنها في خضم وتيرة الحياة المتصاعدة، وتعودنا عليها مثل كثير من الأمور. لذا، هي فرصة وفقا للباحث لإعادة النظر في كثير من امور الحياة وإعادة تقييمها، فرصة لا يجب النظر إليها ونحن على مسافة منها للتغلب عليها. 

من هنا، يطرح الباحث عدم النظر للفيروس كعدو يجب منازلته لإلحاق الهزيمة به، بل كضيف نزل بنا وعلينا تحمّل المسؤولية إزاءه، والاستماع إلى مضمونه الإلهي، حتى نستطيع التفاوض معه وعدم الخسارة أمامه. إن الاعتراف بكورونا كرسالة إلهية من شأنه أن يذكّر الإنسان بقضايا كثيرة، منها جحوده وكفره بالنعم اللامتناهية، وبضعفه وعجزه أمام خالقه، ومن ثمّ مدى حاجته إليه تعالى، ويمتحن الجوهر الإيماني لدى الإنسان، وأهليته ليقول "ما رأيت إلا جميلا" عند الأزمات والبلايا. 

وإذ يكشف العدالة الإنسانية بعدما أصاب جميع شعوب العالم، ويزيل قناع كفاءة أداء الحكومات او زيف فعاليته، إلا أن الأهم أنه يري قدرة  الله الخالق، ومنها ترشّح قدرة الإنسان المخلوق، لتسجّل البشرية بذلك انعطافة مهمة ما بعد كورونا ليس على صعيد التقدم الطبي والتكنولوجي فقط، وإنما على المستويات كافة.  فالتاريخ سيتغير بما فيه من خرائط سياسية واقتصادية واجتماعية، لكن لما فيه مصلحة البشرية جمعاء، فالمرسِل هو الحب والسلام، وليس أقله النظر لرسالته بحب وسلام. ولنا أن نقول، إنه طرح فلسفي عميق بعبارات سلسة وسهلة، وأجمل ما فيه أنه يعكس أشعة  شمس قادمة من خلف الغيوم.

- الدكتور رضا أماني باحث إسلامي وأستاذ أكاديمي  في جامعة العلوم ومعارف القرآن الكريم في فرعَي قم وطهران

المصدر: خاص الرافد