قد يقول البعض ان العنوان المكتوب يحمل في طياته دغماتية شديدة قد تتجاوز زيلوتية بني صهيون الممتدين من الكيبوتزات قديماً وصولاً الى المستوطنات بعد نكبة فلسطين عام ١٩٤٨ والتي تحمل نفس التوقيع المتوحش الآتي من عصور الظلام الغالية مروراً بنكبات سكان العالم المكتشف عام ١٤٩٢، وليس انتهاء بمآسي القارة السمراء، المتوغلة في المعاناة حداً يتبرأ منه الشيطان ويضرب كفاً بكف على ما افتعله الرجل الابيض ذو القلب المتفحم سوادا..

ولكن على رسلك ايها القارئ، فإن قضايا الانسان المعذب والمظلوم والمقتول، لا تحتمل حرية رأي مع احترامي لمنظري الحريات من افلاطون الى مونتسكيو وروسو، واكثرهم من رجال الكولونياليسم، فليس ثمة مجال لتقول انا رأيي ان المظلوم يجب ان يُظلم ويُجرد من حقوقه وانا مع الظالم ..لا ابداً .. فكيف اذا كانت القضية بحجم القدس وشعب القدس ومحبي القدس عبر الكون .. فاسمح لي ان اقول لك وبكل محبة .. ان لم تكن مع القدس فأنت ضدها .. ويمكن استثناء غير العارفين بقضيتها وما اندرهم حتى يتعرفوا عليها ..

 

عام 1979 اعلن الامام الخميني يوماً عالمياً للقدس اتى تتويجاً لكل صوت علا رغم الجراح منذ ان اسرت فلسطين والقدس فيها .. وانطلق الامام من اسباب انسانية عالية لهذا الاعلان في افضل الشهور وافضل الايام (شهر رمضان، يوم الجمعة).
ويمكن تلخيص الاسباب بما يلي:
١.قداسة القدس ورفعتها تستأهل يوماً مقدساً يحمل المجد من كل اطرافه، فكان يوم الجمعة في شهر رمضان وفي الاسبوع الاخير (والجميع يدرك اهمية الايام الاخيرة من الشهر الفضيل)
٢. اراد الامام اعادة توجيه البوصلة لكل القوى الاسلامية والقومية والوطنية لادراكه ان معظم مشاكل الثورة والعالم الاسلامي والعربي ستحل مع سقوط الكيان الغاصب الجاسم على ارض فلسطين 
٣. ادرك الامام ان اميركا وبريطانيا وحلفهما سيعمل جاهداً للعب على الخلافات الفكرية والعقدية بين جناحي الاسلام ، السنة والشيعة والسعي لاشعال نار الفتن بين مكونيهما، فكان اعلانه بمثابة توجيه للثنائي بأن قضيتنا جميعاً هي القدس، وهي جامعة غير مفرقة وموحدة غير معددة، وتحرير العالم الاسلامي من الهيمنة والاستعمار حتى يصبح قرارنا مستقلاً وتبقى اختلافاتنا امراً عادياً تناقش بهدوء والتركيز على ما يجمع وما اكثره ..
٤. اعاد الاعلان للقضية زخمها وقوتها ومنعها من الاندثار تحت وطأة الخيانات العربية من حكام وملوك وامراء حتى بقيت قلة غير مستسلمة فلم تسلم من طعنات ذوي القربى الذين هالهم فضح عوراتهم وانكشاف زيف دعاويهم بوجود هذه الثلة. 
٥. بالتأكيد لم يقتصر توجيه الاعلان على العالم الاسلامي بل ان القضية صدحت في ارجاء المعمورة حتى اصبحت وبحق عنواناً اضافياً واساسياً للأنسنة، فأن تكون انساناً فأنت حكماً مع القدس ضد الشمروني والاسخريوطي وابي لهب وكل وحوش البشر فاقدي القيم والشرف .. 

 

القدس ستبقى عنوان الانسان الالهي حيث دأبت على صنعه اشرف الشرائع منذ آدم الى محمد ..
فهلموا الى انسانيتكم يا شرفاء العالم ...

المصدر: خاص الرافد