تشكل الحرب في اليمن وإيقافها والصراع على الوقت ومحاولة وقف تقدم أنصار الله والجيش اليميني هاجسا كبيرا لدى كيان الاحتلال الإسرائيلي، وفي محاولة كسب الوقت والخبرة والتجارب في البحر تقوم البحرية الإسرائيلية بعمليات تستهدف فيها بعض السفن للجمهورية الإسلامية. وفي قراءة هذه الصورة نستخلص بعض الإشارات، إذ إن في استهداف سفن الجمهورية الإسلامية في منطقة البحر الأحمر وباب المندب نقطتين:
النقطة الأولى هي تجربة الاحتكاك البحري غير المباشر مع بحرية الجمهورية لدراسة أسلوب عملها، وردود الفعل الإيرانية عليها، وهذا الاحتكاك غير بعيد عن الإيعاز الأمريكي والتسهيل السعودي.
النقطة الثانية هي محاولة تصيد ما يتخيلونه من سفن تنقل السلاح إلى اليمن، أو ناقلات النفط التي تصل إلى سوريا .
إذاً فالبحرية الإسرائيلية تستهدف سفن الجمهورية الإسلامية في منطقة تعتبر بعيده عنها ومنطقة عمليات حربية للتحالف الأمريكي السعودي كي لا تتحمل مسؤولية رد الفعل الإيرني، وتبقى أصابع الإتهام مشتتة وهي لا تجرؤ على القيام بمثل هذه العمليات في البحر المتوسط لأسباب سنذكرها لاحقا.
فما هو الرابط بين الحرب على اليمن والهاجس الإسرائيلي؟؟ وبماذا تعهد ابن سلمان للصهاينة والرئيس الأمريكي السابق وكيف أفشل اليمنيون أحلامهم؟
أولًا إن بناء القوة اليمنية والاتجاه نحو يمن خارج عن السيطرة السعودية ـ الأمريكية كان يتم بصمت مطلق منذ تأسيس حركة أنصار الله لذلك قام السعوديون بدعم الرئيس اليمني السابق عفاش بست حروب على صعدة وقتلوا السيد حسين الحوثي مؤسس هذه الحركة السيادية والذي كان يرمي ببصره إلى فلسطين على أنها قلب اليمن في محاولة لخنق المارد اليمني، وعندما صارت هذه القوة ناشطة وعصية على التدمير قام التحالف السعودي ـ الأمريكي بحرب استباقية على اليمن وذلك لعدم قدرتهم على تحمل فقدان ممر إستراتيجي جديد على خط التجارة العالمية وهو مضيق باب المندب، وحشدوا الحلفاء والجيوش لإجل ذلك ودعموهم كالعادة بجيوش الإرهاب الوهابي القاعدي في الجنوب والشرق اليمني، ولأجل ذلك احتلوا جزيرة سقطرى وسيطروا على عدن لإحكام السيطرة على ضفتي المضيق بقواعد عسكرية أمريكية وغربية وإسرائيلية في جيبوتي وأريتريا على الساحل الغربي للبحر الأحمر وخليج عدن، وبعد سنوات من الحرب بدأ أصحاب الأرض اليمنيون بتوسعة رقعة السيادة اليمنية شيئا فشيئا والسير بخطى ثابته وسريعه نحو السواحل الجنوبية لليمن المطلة على بحر العرب وخليج عدن والإطباق على عدن جغرافيا مع تهديد العمق السعودي بالضربات الصاروخية والطيران المسير، وبذلك انتهت مفاعيل الحرب على اليمن، والحصار لم يؤتِ أكله، وانهيار جبهات التحالف السعودي ـ الأمريكي قائم على قدم وساق، وفي محاولة لشراء الوقت ومحاولة وقف التقدم العسكري لأنصار الله والجيش اليميني على الأرض بدأ طرح موضوع المفاوضات وإيقاف النار، وإدخال الإسرائيلي عبر عمليات ضد سفن الجمهورية الإسلامية للقول إنه يستطيع إقفال المدخل الجنوبي للبحر الأحمر ومن زاوية ثانية لمحاولة الضغط على الجمهورية الإسلامية في إيقاف إمدادات النفط لسوريا وجعل الجمهورية الإسلامية تضغط على اليمنيين وأنصار الله للقبول بالشروط الأمريكية ـ السعودية لوقف إطلاق النار ووقف التقدم في مختلف الجبهات.
ومن هنا نأتي للحديث عن الرابط بين الحرب على اليمن والهاجس الإسرائيلي ووعد ابن سلمان لترامب ونتنياهو، فخروج اليمن من السيطرة السعودية ودخوله ضمن نطاق امتداد محور المقاومة يعني إقفال المدخل الجنوبي للبحر الأحمر أمام إسرائيل التي وعدها ابن سلمان بتسهيل تحويل البحر الأحمر إلى بحيرة إسرائيلية آمنة وجعله المجال الحيوي لإسرائيل مع مخطط تنفيذ صفقة القرن وإنهاء عمليات التطبيع وتأمين الضفتين الغربية والشرقية للبحر الأحمر وخاصة مع الحلقة الأخيرة في محاولة إدخال السودان ضمن عمليات السلام والتطبيع إضافة لتخلي مصر عن جزيرتي تيران وصنافير لصالح مشروع نيوم، والعمل على إنشاء مشروع نيوم على خليج العقبة مع امتداد الى الضفة الثانية بعدما تبرع النظام المصري بمساحة ألف كيلومترمربع لصالح المشروع في سيناء، وبذلك يصبح خليج العقبة، والباب الإسرائيلي البحري أي مرفأ إيلات على البحر الأحمر تحت حماية أمنية قوية كي لا يتكرر أي عمل عسكري يستهدفه كما حصل مع عمليات البحرية المصرية التي استهدفته ثلاث مرات ما بين 1969 1970 ودمرت العديد من سفن البحرية الإسرائيلية وقد حفرت هذه العمليات عميقا داخل الوعي العسكري الإسرائيلي وبهذه الخطة يصبح خليج العقبة والبحر الأحمر آمنا للأساطيل البحرية الإسرائيلية، لأنه ضمن الحسابات العسكرية الإسرائيلية ومع التجربة البسيطة أثناء حرب تموز وما جرى فيما بعد من تطوير للصواريخ البحرية لدى المقاومة في لبنان يعلم الإسرائيلي جيدا أنه في الحرب القادمة لن تكون مياه المتوسط آمنة له على مدى مئات الأميال البحرية، وتستطيع المقاومة فرض حصار صاروخي على موانئه في ساحل المتوسط ومنع أي سفن من الدخول إلى المياه الإقليمية الفلسطينية، ولهذا يتجنب الإسرائيلي التعرض للسفن الإيرانية في البحر المتوسط لعدم فتح باب لا زال مغلقا عليه، لذلك توجه بسرعة الى البحر الأحمر في محاولة خلق مجال حيوي ومتنفس بحري في حال أقفل المتوسط بوجه بحريته لكنه اصطدم بعقبتين قويتين في البحر الأحمر ألا وهما بحرية الجمهورية الإسلامية الناشطة بقوة في بحر العرب والمحيط الهندي ومضيق باب المندب، وخروج اليمن من تحت عباءة السعودية وظهور القوة اليمنية الصاعدة التي تجعل من مضيق باب المندب وجزء مهم من سواحل البحر الأحمر والمحيط الهندي تحت سيطرتها والتحكم بهذا المنفذ البحري المهم استراتيجيا للمجال الحيوي الإسرائيلي المفترض في البحر الأحمر .
بهذه الصورة وهذا الاختصار نستطيع كمحور مقاومة القول للصهاينة وكيان الإحتلال الإسرائيلي سنقفل عليكم البحر أيضا فمن أين تهربون؟