«السعودية وإسرائيل هما اللتان موّلتا عملية خان شيخون، بهدف إلقاء اللوم على الحكومة السورية واتهامها بتنفيذ هجوم كيماوي»، هذا ما قاله الضابط السابق لدى وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA)، روبرت ستيل، في حديثٍ إلى «الأخبار».

ستيل الذي يُعدّ أحد أشهر الضباط الاستخباريين الأميركيين السابقين والذي عمل في الـ CIA بين عامي 1979 و1988، رفض الكشف عن منصب ومكان عمل المصدر الذي أفاده بهذه المعلومات، لكنه حصر الاحتمالات بثلاثة: هو يعمل إما لدى مستشار الأمن القومي الأميركي إيتش آر ماك ماستر (H.R McMaster) أو مدير الـ«CIA» السابق جون برينان، أو رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الاميركي جون ماكين.
وبحسب رواية المصدر لستيل، أقنع برينان السعوديين بتحمّل نصف تكلفة عملية مدبرة (False Flag Operation) في خان شيخون، فيما أقنع الجانب الإسرائيلي بتمويل النصف الثاني من تكلفة العملية. يصف ستيل الذي كُلّف بإنشاء المركز الاستخباري التابع لقوات المارينز، حيث بقي يعمل حتى عام 1993، الشخصيات الثلاث المذكورة: ماك ماستر، برينان وماكين، بـ«الثلاثي الخائن»، ويذكّر بأن لدى برينان علاقات وطيدة جداً مع السعوديين، إذ عمل مدير محطة الـ«CIA» في السعودية بين عامي 1996 و1999. ويعبّر الضابط الاستخباري السابق الذي له العديد من المؤلفات حول العمل الاستخباري، عن اعتقاده بأن برينان تم «تجنيده» من قبل السعوديين خلال تلك الفترة، والأخير يتشارك والسعوديين «الرغبة بتدمير سوريا».
رواية ستيل جديرة بالنظر، وخصوصاً عند التدقيق بالتطورات التي سبقت حادثة خان شيخون وتلتها. فقبل وقوع هذه الحادثة، كانت كل من السعودية وإسرائيل أكبر الخاسرين من مسار الأحداث في سوريا، فيما بدت إدارة الرئيس دونالد ترامب ماضية في خطتها للتعاون مع روسيا في محاربة «داعش» والقبول ببقاء الرئيس بشار الأسد في السلطة حتى عشية الحادثة.
وللدلالة على مدى التخوف الإسرائيلي تحديداً من هذا الوضع، كتب السفير الأميركي السابق لدى إسرائيل دانيال شابيرو الذي يعمل حالياً باحثاً زائراً في «معهد دراسات الأمن القومي» في جامعة تل أبيب، أن «موضوع التعاون الأميركي الروسي في سوريا ضد الإرهاب كان مصدر الخلاف الأكبر بين الجانبين الأميركي والإسرائيلي».
يضاف إلى ذلك أن كلاً من السعودية وإسرائيل، وخلافاً لتركيا على سبيل المثال، كانتا مهددتين بأن تصبحا خارج اللعبة تماماً في سوريا. فبينما أعطي لتركيا دور بارز كأحد الأطراف الثلاثة في مسار أستانا (إلى جانب روسيا وإيران)، لم يُعطَ مثل هذا الدور للسعودية التي تعد نفسها «القوة السنية» الأهم في العالم، وبالتالي الأحق بتولّي مثل هذا الدور. وفي السياق ذاته، فإن السعودية غير قادرة على إنشاء أي وجود عسكري لها في سوريا لكسب الأوراق كما فعلت تركيا، وخصوصاً في ظلّ المستنقع الذي انغمست فيه الرياض في اليمن.
أما إسرائيل، فإن هامش مناورتها في الساحة السورية تقلص بشكل كبير قبل حادثة خان شيخون، وذلك في الوقت الذي كانت فيه بأمسّ الحاجة إلى محاولة تغيير الوضع الميداني على الأرض في ظل تقدم الجيش السوري وحلفائه.
من هنا، يتبين أن «الورقة الأخيرة» للسعودية وإسرئيل كانت جر أميركا نحو عمل يؤدي إلى إعادة خلط الأوراق في سوريا، وهو بالفعل ما حصل بعد العدوان على مطار الشعيرات، تحت ذريعة أن الحكومة السورية نفذت هجوماً كيميائياً في خان شيخون.
بهذه الحالة، تكون إسرائيل والسعودية قد نجحتا في جر ترامب إلى رسم «خط أحمر» يتمثل «باستخدام النظام السوري الأسلحة الكيماوية»، آخذين بعين الاعتبار أن من أولويات ترامب تمييز نفسه عن سلفه باراك أوباما، وبالتالي الرد الحاسم «على تخطي هذا الخط الأحمر». فترامب، وبينما قال في مقابلة مع صحيفة «Wall Street Journal» إنه لا يصر على رحيل الرئيس السوري بشار الاسد و«لن يدخل إلى سوريا»، شدّد في الوقت نفسه على أنه سيرد على النظام السوري في حال «استخدام الأسلحة الكيماوية مجدداً».
هنا يطرح سؤال حول ما قاله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عن وجود معلومات لديه بأنه يجري التخطيط للمزيد من «الهجمات الكيماوية المدبرة» في سوريا، ومن بينها الضواحي الجنوبية للعاصمة دمشق، بهدف توجيه التهمة إلى النظام السوري.

المصدر: علي رزق - الأخبار