برغم تحرك الدولة لـ«عزل» شيخ الأزهر، عبر القانون، لكن تلوح في الأفق مخاوف من عدم تمرير القانون الذي يحدد ولاية الإمام الأكبر بثماني سنوات، وسط رغبة الدولة في إقصاء أحمد الطيب من منصبه في أقرب وقت. 

القاهرة | تصطدم الرغبة الملحة لدى السلطة في الوقت الحالي، في إطاحة شيخ الأزهر الحالي، أحمد الطيب، الذي يفترض أن يبقى في منصبه لنحو 15 عاماً أخرى على الأقل، بمخاوف حقيقية من الغضب الشعبي تجاه القانون، ولا سيما أن الطيب الذي يُعَدّ «رمزاً للإسلام السني» في مصر، يحظى بشعبية كبيرة في الشارع وفي أوساط الأئمة.

وحتى اللحظة، تدور مفاوضات في أجهزة الدولة الداعمة للرئيس والمؤيدة لقرار إطاحة الطيب من منصبه بالقانون، بتحديد ولاية الإمام الأكبر بثماني سنوات، الأمر الذي يعني إطاحته بداية العام المقبل. مشروع تعديل قانون الأزهر لم يُناقَش حتى الآن، ولم يُدرَج على جدول البرلمان، برغم تقديمه من النائب محمد أبو حامد. إلا أن عدداً من مؤيدي مشروعه قد تراجعوا بعد علمهم بإضافة مواد مرتبطة بمنصب شيخ الأزهر، فسحبوا توقيعاتهم. وطلب أبو حامد عبر تطبيق «واتس آب» في مجموعة مغلقة للنواب، إبلاغه بأسماء من يريد سحب توقيعه، مؤكداً أن الإضافات التي جرت في ما يتعلق باختيار شيخ الأزهر جزء أساسي من القانون، وأنه «يتفهم طبيعة الضغوط التي قد يتعرضون لها إعلامياً».
وفي هذا السياق، قال النائب رياض عبد الستار، إنه تحوّل من مؤيد للقانون إلى معارض له، وذلك بعد علمه بالمادة الخاصة بشيخ الأزهر التي لم تكن موجودة. وأشار إلى أنّه وقّع على حملة مضادة لمشروع القانون خلال الفترة الحالية، بينما سيقوم وفد برلماني بزيارة المشيخة ولقاء شيخ الأزهر قريباً لتأكيد دعمهم له.
المؤكد أن التيار المقرب من الرئيس، والذي يضع سياسات الدولة، يجد في إطاحة الطيب فرصة لتصعيد مستشار الرئيس للشؤون الدينية أسامة الأزهري، للمنصب نفسه، أو شخص آخر يدين بالولاء إلى الرئيس، على العكس من الطيب المحسوب على نظام مبارك، والذي كان عضواً في لجنة سياسات «الحزب الوطني» المنحل حتى قبل انتخابه شيخاً للأزهر.
وجهة النظر الداعمة لتمرير القانون، ترى أن التغيير حتمي في الوقت الحالي، لا سيما أن الشيخ الطيب عمد في الفترة الماضية إلى استفزاز مؤسسة الرئاسة بزيارات وجولات في دول عدة حول العالم من دون التنسيق بشكل كامل مع الجهات السياسية، وذلك على عكس ما كان يحدث في السابق، الأمر الذي يرى فيه المعارضون لأسلوب الطيب محاولة لأن يكون دعمه من الخارج سبباً في بقائه بالمنصب.
ومن بين وجهات النظر المطروحة في الوقت الحالي، تمرير القانون في خلال الأيام المقبلة بالتصويت وقوفاً، منعاً لإحراج النواب بالتصويت الإلكتروني، وحتى لا يُتَّهموا بالرغبة في إطاحة شيخ الأزهر. فالقانون سيمرر تعديلات جوهرية، وسيُسلَّط الضوء عليها بنحو أكبر في خلال الفترة المقبلة إعلامياً. فيما ترى وجهة نظر ثالثة أنَّ الموعد سيُرجَأ حتى نهاية السنوات الثماني للإمام الطيب، والتصويت عليه سيكون قبل أيام من هذا الموعد، بحيث يرفع لرئيس الجمهورية ويُقَرّ في غضون ساعات قليلة، وذلك على غرار ما حدث بقانون الهيئات القضائية الذي امتثلت له جميع الهيئات القضائية بلا استثناء، برغم اعتراضهم المسبق على إقراره.
ويرى التيار الرافض لمناقشة قانون تعديلات شيخ الأزهر، أنَّ مكانة الطيب والثقة التي يحظى بها في المجتمع، بالإضافة إلى علاقاته الجيدة بجميع علماء ومشايخ الأزهر، تؤكد أنه لا يمكن أن تمر خطوة إطاحته من دون مشاكل قد تؤثر سلباً في شعبية الرئيس، مع اقتراب موعد الاستحقاق الرئاسي بعد سنة.
حتى الآن، لم يتخذ السيسي قراراً حاسماً في الأمر، لكن غالبية الأصوات تميل إلى تمرير التعديلات وإطاحة الإمام الطيب الذي يحظى بدعم إعلامي وديني، بالرغم من حملة الانتقادات التي طاولته بسبب موقفه من رفض الاستجابة لأسلوب الرئاسة في ما يتعلق بتجديد الخطاب الديني، وهو ما زاد الفرقة بينه وبين الرئيس السيسي.

المصدر: جلال خيرت - الأخبار