بزرت جمهورية سنغافورة، وهي بلد محدود المساحة، بمثابة قصة نجاح رائدة في منطقة جنوب شرق آسيا، بعدما انتقلت من دائرة العالم الثالث إلى ركب الدول المتقدمة، في زمن وجيز تاريخيا.
وأضحت سنغافورة في يومنا هذا، محجا للاستثمارات الأجنبية والأعمال، كما تحولت إلى قبلة للسياحة رغم أسعارها "الباهظة"، لكن المثير للانتباه في البلد، هو التطبيق الصارم للقوانين، على نحو غير معهود في بلدان أخرى.
ويعد التدخين من الأمور التي تتشدد سنغافورة في تطويقها، فالبلد الذي يصنف من الأنظف في العالم وتؤثث الحدائق الخضراء أغلب أحيائه، يجبر المدخنين على الانزواء في أماكن محددة، وإذا فعلوا عكس ذلك، فإن غرامة بمئات الدولارات ستكون في انتظارهم.
أما في حديقة النباتات الشاسعة بسنغافورة، فإن تدخين سيجارة واحدة يكبد غرامة تناهز ألف دولار سنغافوري (700 دولار أميركي)، ولذلك، سيكون من النادر أن تصادف شخصا ينفث دخان سيجارته صوبك.
ومن عناية سنغافورة بالطبيعة والبيئة، أنها أقامت حديقة من عدة طوابق في منطقة المارينا، محاكية بذلك حدائق بابل المعلقة. ويكفي أن تقتني تذكرة بعشرين دولارا، حتى تدخل في غابة مصغرة جرى تصفيفها بعناية، وبما أن الجو رطب في البلاد، فإن التكييف الذي تمت إقامته، سيجعلك تتجول بكل راحة.
وفي المنحى نفسه، تفرض سنغافورة غرامة من 300 دولار على كل من بصق في الشارع أو ألقى عقب سيجارة، وهي غرامة تبدو ناجعة، ذلك أن جولة قصيرة في شوارع البلاد تكشف لك درجة لافتة من النظافة والترتيب.
وتتيح شبكة النقل في البلاد الآسيوية لزوارها، تجربة فريدة، فهي تبيع بطاقات للتنقل بثمن بسيط بين مختلف أرجاء المدينة، وحين تنتهي الرحلة، بوسع السائح أن يسترجع ما تبقى في رصيده النقدي.
وتعتمد سنغافورة على شبكة النقل بالقطارات، من خلال ما يزيد عن 110 محطات تربط أحياء المدينة ببعضها البعض، لتقليل استخدام السيارات الملوثة.
وفي مسعى لضمان راحب راكب القطار، تفرض سنغافورة غرامات باهظة على من يأكل أو يشرب في العربات العامة حتى وإن كان الأمر ماء، كما أنها تعاقب من يضغط على زر النجدة بشكل متهور دون وجود حاجة إلى ذلك، بغرامة تقارب 5 آلاف دولار.
وتراهن سنغافورة على القوانين الصارمة، لحفظ ما أنجزته بمنظومة تعليمية ناجحة، فالبلد الآسيوي الصغير ذو الموارد المحدودة، استفاد من عقول أبنائه واستثمر فيها، حتى أنه يقيم عيادة طبية للأسنان في كل مدرسة ابتدائية، من باب الحرص على صحة جيله المقبل.