في يوم عيد الحب عام 2005، وعندما اغتيل رئيس الوزراء اللبناني، رفيق الحريري، كان المصور، فادي بوكرم، على بعد لحظات من موقع الانفجار في بيروت.

قضى بوكرم جزءا من طفولته تحت القصف خلال السنوات الأخيرة من الحرب الأهلية اللبنانية، وتوقع أن تؤدي حادثة اغتيال رفيق الحريري، إلى تأجج الصراع مرة أخرى، لذا قرر الذهاب إلى أمريكا.

وفي شهر مارس 2005، تقدم فادي (38 عاما)، بطلب انتساب إلى جامعة حكومية في سان فرانسيسكو، وحصل على الموافقة في أبريل، ليغادر لبنان في أغسطس.

وبطبيعة الحال، شكلت أمريكا صدمة ثقافية بالنسبة له، وقال في حديث مع CNN: "لم أكن أتوقع الهجرة إلى أمريكا، ورؤية طلاب الجامعة وهم يحرقون الأعلام"، وذلك في أثناء الاحتجاجات ضد الحرب على العراق.

وكان بوكرم على علم بوجود مدن وبلدات تحمل اسم لبنان في أمريكا، لذا قرر البحث عنها على خرائط غوغل، وزيارتها، لتكون ولاية أوريغون الاقتراح الأول. وبعد عملية بحث طويلة، اكتشف أن هناك 47 مدينة تحمل اسم لبنان في أمريكا، وفقا لحساباته.

وفي شهر أكتوبر 2016، بدأ بوكرم جولته الاستكشافية عبر أمريكا، حيث اختار ولاية أوريغون، لتكون محطته الأولى.

وكان الأمر مثيرا للاهتمام في بداية رحلته، عندا لاحظ إشارات على الطريق كُتب عليها "إلى دمشق"، ولافتات "ليبانوبولي". وعند توقفه في أي بلدة أو مدينة تحمل اسم لبنان، كان يتجه إلى الأرشيف أو المكتبة على الفور، ليطرح سؤلا هاما: "لماذا سُميت هذه المدينة الأمريكية "لبنان".

وأوضح فادي أن الجواب كان نفسه في كل مكان، حيث قال: "إن كلمة لبنان مذكورة بكثرة في الكتاب المقدس، كما كان الشعب البروتستانتي القادم إلى أمريكا من بريطانيا، خلال القرنين الخامس عشر والسابع عشر، متشددا دينيا بالمجمل".

وكان "أرز لبنان" موضوعا متكررا في العهد القديم، حيث قيل "الرجل الصالح سينمو مثل الأرز في لبنان". لذا كان يفكر السكان عند رؤية الأشجار في الغابة، ويقولون "هذه هي أشجار الأرز"، دعونا نسمي هذا المكان لبنان".

ولهذا السبب، فإن معظم "اللبنانيين" يتمركزون في الجانب الشرقي من الولايات المتحدة، حيث بنى البروتستانتيون منازلهم.

وذكر بوكرم أنه لم يلتق بلبناني آخر طوال رحلته، وفوجئ في كثير من الأحيان عند الكشف عن جنسيته، باهتمام سكان المدن التي تحمل اسم، لبنان، ببلده والأمور السياسية المتقلبة فيه.

وكانت غالبية المدن اللبنانية التي زارها فادي بوكرم، صغيرة جدا بالنسبة لعدد سكانها المحليين، بما في ذلك في داكوتا الجنوبية حيث بقي 4 أيام، كما ذهب إلى نبراسكا المميزة بالمجتمعات الزراعية، وبلدة لبنان في فرجينيا المشهورة باستخراج الفحم.

وبالطبع، استغل اللبناني، رحلته عبر الولايات المتحدة، لتصوير كل الأماكن التي زارها، كما استمر في بحثه عن الأرز في أمريكا.

الجدير بالذكر، أنه في عام 1955، استقبل الرئيس اللبناني الأسبق، كميل شمعون، عمداء وممثلي 7 مدن أمريكية تحمل اسم لبنان، بما في ذلك ولاية أوريغون ونبراسكا وإنديانا، وكذلك ميسوري وتينيسي ونيوهامبشاير وأوهايو، كما قدم لهم تذكارات وشتلات شجرة الأرز.

وحاول فادي البحث عن هذه الأشجار، ليتمكن من إيجاد إحداها في أوهايو، التي تشكل رمزا للصداقة بين لبنان (عدد سكانها 4.3 مليون نسمة)، والولايات المتحدة التي يبلغ عدد سكانها 321 مليون نسمة، وفقا لـ بوكرم.

المصدر: سي ان ان