يتابع الجيش السوري وحلفاؤه تقدّمهم على عدد من جبهات البادية، وتمكّن من إنهاء وجود «داعش» تقريباً، في كامل ريف حلب. وبالتوازي، يشير نشاط أنقرة الديبلوماسي إلى أنها تحاول الحصول على الضوء الأخضر لعمليات مقبلة ضد الأكراد في الشمال السوري

فيما تبدو تركيا قد استكملت تحضيراتها العسكرية لأيّ عملية مرتقبة نحو مواقع «وحدات حماية الشعب» الكردية في عفرين، منتظرة ضوءاً أخضر من شريكيها في «اتفاق أنطاليا»، واشنطن وموسكو، حقق الجيش السوري تقدماً لافتاً في ريف حلب الشرقي، مكملاً سيطرته على طريق إثريا ــ الرصافة. الطريق الممتد على ما يقارب 100 كيلومتر، كان هدفاً لعمليات استمرت لأكثر من أسبوعين، وأفضت إلى عودة أجزاء واسعة من ريف الرقة الجنوبي الغربي وريف حلب الجنوبي الشرقي.

وبقي أن يسيطر الجيش على جيب محاصر شرق بلدة خناصر، ما زال يشهد وجوداً ضعيفاً لمسلحي التنظيم. تقدم الجيش وسعيه لربط الرصافة بإثريا، يتّسقان مع سعيه المستمر لربط جبهات القتال بعضها ببعض، وتأمين طرق إمداد إضافية. وجاءت السيطرة عليه بعد التقاء القوات المتقدمة من ريف الرقة والقوات المتقدمة من إثريا نحو الشرق عند النقطة الثامنة شرق محطة إثريا، وهو ما يعني السيطرة على قرابة 3500 كيلومتر مربع، بعد الانتهاء من تمشيط قرى شرق خناصر.
وسوف يمكّن التقدم الجديد الجيش من اختصار طريق إمداد قواته الموجودة في ريف الرقة إلى قرابة 90 كلم عوضاً عن 200 كلم، عبر ريف السلمية في حماة. وسوف يتيح فتح طريق حلب – الطبقة، وامتداده لاحقاً نحو الرقة عبر مناطق سيطرة «قوات سوريا الديموقراطية»، طريقاً مختصراً للقوافل التجارية باتجاه الحسكة وأرياف الرقة أيضاً.
ومن المنتظر أن تركّز عمليات الجيش المقبلة على محور إثريا ــ عقيربات ــ حقل الشاعر، عبر ربط جبهات ريفي حماة وحمص الشرقيين بمحور التقدم الأخير. وهو ما تفصح عنه التعزيزات العسكرية التي تم استقدامها إلى ريف السلمية لتحقيق هذا الهدف، لتخوض مهمة، في حال أنجزت، ستتيح للجيش لاحقاً، شنّ عملية عسكرية من الرصافة باتجاه السخنة ودير الزور، وطرد «داعش» من مساحات واسعة في البادية. يأتي ذلك في وقت واصل الجيش فيه تقدمه في محور أرك ــ السخنة، مسيطراً على قرابة 3 كيلومترات إضافية شمال وشرق محطة أرك للغاز، بالتوازي مع محاولات التقدم من محطة «T2» في ريف دير الزور الجنوبي الشرقي.
أما في الرقة، وبعدما أنجزت «قسد» بدعم برّي وجوي من «التحالف الدولي» حصاراً على كامل المدينة، استعاد تنظيم «داعش» السيطرة على أجزاء واسعة من حي الصناعة شرق مدينة الرقة، بعد هجوم عنيف على حيّي المشلب والصناعة. ونقلت مصادر مقرّبة من «قسد» أن مجموعة من عناصر «قوات النخبة» العاملة ضمنها حوصرت داخل حي المشلب لساعات طويلة، قبل أن يتم إخراجهم من قبل باقي الوحدات التي كانت مشغولة بتنفيذ خطة تقدم نحو الأحياء الشمالية. ومن جهته، نفى مكتب إعلام «قسد» لـ«الأخبار» المعلومات التي تحدثت عن تقدم «داعش». وقال إن قواتهم «أحبطت هجمات على الأحياء الشرقية للمدينة». وكان لافتاً أن إتمام حصار المدينة أتى بعد تقدم الجيش السوري باتجاه ريفها الجنوبي، ما دفع «قسد» نحو حصار المدينة، واستقدام قوات إضافية من «جيش الثوار» و«مجلس منبج العسكري».
وبعيداً عن الميدان، قام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان باتصالين هاتفيين مع كلّ من نظيريه الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين. الاتصالات التي تأتي في وقت حساس تدفع فيه تركيا بقواتها على حدود عفرين، ركزت بشكل رئيسي على التطورات المتعلقة في تلك المنطقة ووجود «الوحدات» الكردية هناك. وفي موازاة ذلك، وبعد زيارة ليومين متتاليين، للمبعوث الرئاسي الأميركي إلى «التحالف» بريت ماكغورك، إلى الطبقة وريف الرقة، وصل الأخير أمس إلى أنقرة، في زيارة يرجّح أنها تهدف إلى تخفيف التوتر التركي مع «الوحدات» الكردية بغية منع حصول اصطدام تركي ــ كردي على طول الحدود المشتركة، من شأنه التأثير في معركة الرقة.
وبالتوازي، نقلت وسائل إعلام كردية عن عدد من المسؤولين العسكريين الأكراد لغة عالية تجاه أنقرة، وصلت إلى حدّ الحديث عن خطط كردية للسيطرة على المنطقة الممتدة من أعزاز حتى جرابلس. وفي السياق ذاته، قال القائد العام لـ«الوحدات» الكردية في عفرين، محمود برخدان، إن «المخطط التركي في الشهباء سيؤثر على معركة الرقة، وسيؤثر على روسيا أيضاً»، لافتاً إلى أن «الشهباء وعفرين ليستا كجرابلس والباب، وأمر كهذا ستكون له تأثيرات خطيرة من الناحية السياسية والعسكرية على الدولة التركية».

المصدر: أيهم مرعي - الأخبار