هناك الكثير من الأطفال يعانون بشكل ملحوظ تأخراً في النطق والكلام وذلك لأسباب عدة طبيعية أو مرضية، ومن الممكن أن يترك ذلك أثراً كبيراً لدى الطفل سواء من الناحية النفسية أو من ناحية التفاعل الإجتماعي، وهذه المشكلة تؤرق الكثير من الأمهات فتبدأ بمقارنته بمن حوله من أطفال أو بإخوته الأكبر سناً، وبالرغم من أن عملية تطور الكلام والنطق عند الاطفال ثابتة إلا أن الأعمار التي يبدأون فيه بالكلام تختلف من طفل لأخر ولذلك هناك أسباب محددة لتاخر النطق والكلام عند الأطفال.
أسباب تأخر النطق عند بعض الأطفال
ومن أبرز الأسباب التي تؤدي إلى تأخر النطق والكلام لدى الطفل هي عضوية أو عصبية كالأمراض التي تصيب أعضاء النّطق أو المناطق ذات العلاقة بالنطق أو اللّغة أو الفهم في الدماغ.
ومن الممكن أن تكون هناك إصابة أو تشوه لأعضاء النّطق مثل انشقاق الشفّة أو سقف الحلق أو استئصال الحنجرة.
أو وظيفية وتشمل أي اضطراب لا يعرف له سبب واضح، أو يكون السبب المعتقد هو سوء الاستخدام كالضرر الذي يلحق بالحبال الصوتية جراء الصراخ، أو خطأ في التعلّم مثل بعض الأخطاء النطقية.
ومن الممكن أن يكون مصاباً بمرض التوحد أو مصاباً بمتلازمات مرضية مثل داون حيث تكون القدرات الذهنية للطفل محدودة، أو مصاباً بشلل الدماغ خاصة أثناء الولادة، أو إذا كان الطفل مصاب ببعض صعوبات بالتعلم.
نسب الإصابة بتأخر النطق
أظهرت دراسة أجريت في أمريكا بين عامي 1993 ـ 1994 أن نسب اضطراب النطق والكلام بلغت الربع في المدارس العامة التي تقدم برامج أو خدمات التعليم الخاص.
وكانت هذه النّسب (التي تصل إلى واحد لكل عشرة أشخاص) خاصّة بالإصابات التي لم تكن مصحوبة بإصابات أخرى مثل مشاكل السّمع أو الشّلل الدماغي أو غيرها.
ما هو التأخر الحاد في النطق والاضطرابات بأنواعها
أي أن الطفل يبدأ الكلام في سن متأخر عن أقرانه في نفس العمر الزمني. فيكون الأداء النّطقي متأخّر عمّا هو متوقّع للطفل وبشكل ملحوظ (أكثر من 6 أشهر) أمّا الإضطراب فهو الأداء المختلف عن الأداء العادي، أي استعمال أنماط نطقية ولغوية مختلفة عن الطبيعة. كالإضطراب في النطق بسبب خلل في القدرة على البلع أو وجود سيلان اللعاب. واضطرابات صوتية بحتة أو خشونة الصوت أو عدم القدرة على إصدار الصوت تماماً. أو مشاكل في طلاقة كلام وتشمل السرعة البطيئة أو المتقطعة مثـــل التأتاة أو السرعة الزائدة. أو اضطرابات في اللغة وتشمل جميع المهارات التعبيرية من نحو وصرف ومفردات ورواية، والتعبير عن الحاجات والمشاعر وتبادل المعلومات، والاستيعابية وغيرها.
اكتشاف التأخر والعلاج
هنا يجب على المسؤولين الإسراع باستشارة الأخصائيين عند وجود أي حالة تستدعي القلق بخصوص القدرات النّطقية واللّغوية لدى الطفل، فالتدخّل المبكر يكون غالباً ذا أهميّة قصوى للتحسّن في هذه المهارات، وذلك لأنّه في حالة الأطفال فإنّ التدّخل في مرحلة اكتساب اللّغة وخلال تطوّر الدّماغ البشري يجعل من اكتساب اللّغة أكثر سهولة.
وإذا لوحظ أي عارض مهما كان صغيراً أو كان الوقت مبكراً وذلك خلال أي مرحلة من عمر الطفل، كأن يتم ملاحظة أو توقّع وجود مشاكل في النّطق واللّغة منذ الولادة (الأطفال المعرضون للخطر) والذين تظهر لديهم مشاكل مثل التنفّس أو الرّضاعة أو تشوهات خلقية في أعضاء النطق، يجب اللجوء إلى الطبيب كذلك، وينبغي للطبيب أن يكون على علم بالحالات التي قد تشير إلى وجود مشاكل أو توقع وجود مشاكل نطقية أو لغوية مستقبليّة، وبالتالي الإتّصال بأخصّائي النّطق واللّغة لتحديد طبيعة المشكلة وطرق التعامل معها، وبالتعاون بين الطبيب المختص وأخصائي النّطق واللغة يمكن حل معظم الحالات والمشاكل.
بالإضافة إلى ذلك يجب على المعلم في مرحلة المدرسة للأطفال أن يبلغ عن أي ملاحظة للتأخّر أو اختلاف في قدرات الطفل عن أقرانه وإخبار الأهل لنقله إلى أخصائي النطق واللغة.
ويجب على أهل المصاب وجميع المختصين ذوي العلاقة (من أطباء واختصاصي سمع واختصاصين نفسيين ومعلمين واختصاصي علاج طبيعي ووظيفي وتربية خاصة وغيرهم) التعاون لعلاج تأخر النطق لدى الطفل وتحسين مهاراته نظراً لأن بعض الحالات لا يمكن معالجتها إلا بتعاون وتكافل هذه الاختصاصات سوياً.