بصفة عامة، يمكن عكس بعض التغيرات الالتهابية قصيرة المدى الواقعة على الرئتين عندما يتوقف الناس عن التدخين، حسبما قال إدلمان. وبعبارة أخرى، يقل التورم على سطح الرئتين والمجاري الهوائية، وتنتج خلايا الرئة مخاطاً أقل. كما يُمكن أن تنمو أهداب جديدة، وتكون أفضل في إزالة إفرازات المخاط.

في الأيام إلى الأسابيع الأولى بعد الإقلاع عن التدخين، سيُلاحظ المدخنون السابقون أن ضيق التنفس صار أقل عندما يتمرنون، كما قال إدلمان في حديثه إلى موقع Live Science.

ليس من الواضح تماماً لماذا يحدث هذا، ولكن جزءاً منه ينبع من خروج أول أكسيد الكربون من الدم. هذا الغاز الموجود في دخان السجائر يمكن أن يتعارض مع نقل الأكسجين، لأن أول أكسيد الكربون يرتبط بخلايا الدم الحمراء بدلاً من الأكسجين. قد يكون هذا هو سبب ضيق التنفس الذي يعاني منه بعض المدخنين.

أحد الأسباب الأخرى التي تؤدي لتحسن تنفس المدخنين السابقين هو تناقص الالتهاب في بطانة المجاري الهوائية؛ يحدث هذا لأن البطانة لم تعد تتعرض للمهيجات الكيميائية الموجودة بالدخان، حسبما قال إدلمان. يقلل هذا التورم مما يتيح مساحة أكبر لتدفق الهواء عبر الممرات الهوائية.


ومن المفارقات أن المدخنين السابقين قد يعانون من السعال أكثر خلال الأسابيع القليلة الأولى بعد توقفهم عن التدخين. ولكن هذا أمر جيد؛ فهذا يعني أن أهداب الرئة تنشط مرة أخرى، وهذا الشعر الناعم يمكن أن يحرك الآن إفرازات المخاط الزائدة من الرئتين إلى المجاري الهوائية ونحو الحلق، حيث يمكن إخراجها بالسعال، كما قال إدلمان.

ويفسر إدلمان الأمر قائلاً “السعال ينظف انسداد الرئتين”. وقال إن هناك فائدة صحية أخرى للإقلاع عن التدخين هي انخفاض خطر الإصابة بسرطان الرئة. وكلما طال أمد المدخنين السابقين دون أن يعودوا للتدخين، انخفض خطر إصابتهم بهذا السرطان، على الرغم من أن الخطر لا يختفي تماماً، كما قال إدلمان.

على سبيل المثال، بعد عشر سنوات من الإقلاع عن التدخين، فإن احتمال إصابة مدخن سابق بسرطان الرئة يبلغ حوالي نصف المدخن الحالي، وفقاً لمراكز مكافحة الأمراض واتقائها. ولكن، لا يزال المدخن السابق أكثر عرضة للموت بسبب سرطان الرئة من شخص لم يدخن مطلقاً.

لا يمكن عكس جميع التغييرات


الجسم جيد جداً في إصلاح بعض الأضرار التي تلحق بخلايا وأنسجة الرئة نتيجة التدخين، ولكن لا يمكن عكس كل الضرر.

يرتبط مدى تدمر الرئتين وتدهور وظائفها ارتباطاً مباشراً بعدد عبوات السجائر التي يدخنها الشخص عادة في كل يوم من عدد السنوات التي قضاها في التدخين، وهو مقياس يعرف باسم “عبوات السنين”. وكلما زادت عدد عبوات السنين، زاد احتمال تعرض الرئتين لضرر لا رجعة فيه.

على الرغم من أن الرئتين لديهما طرق لحماية نفسيهما من الضرر، إلا أن هذه الدفاعات تقل مع التعرض طويل المدى للمواد الكيميائية الضارة المستنشقة من السجائر. ونتيجة لذلك، يمكن أن تصبح أنسجة الرئة ملتهبة ومتضررة من التدخين، وبالتالي تفقد الرئتان المرونة ولا يمكنها تبادل الأوكسجين بكفاءة.

يُمكن أن يؤدي التدخين على المدى الطويل لانتفاخ الرئة Emphysema، وهو نوع من مرض الانسداد الرئوي المزمن (COPD). هذه الحالة تدمر جزءاً من الرئتين يُعرف باسم الحويصلات الهوائية، حيث يتم تبادل الأكسجين وثاني أكسيد الكربون، حسبما قال إدلمان. الناس الذين يعانون من مرض الانسداد الرئوي المزمن لديهم ضيق وصعوبة في التنفس.

بمجرد تلف رئتي الشخص إلى نقطة انتفاخ الرئة، تفقد جدران المجاري الهوائية شكلها ومرونتها، مما يجعل من الصعب عليها دفع كل الهواء خارج الرئتين. وهذه التغيرات الرئوية دائمة ولا رجعة فيها، حسبما قال إدلمان.

باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي MRI، علم العلماء مؤخراً أن الأضرار التي تلحق بالمجاري الهوائية المرتبطة بانتفاخ الرئة تبدأ بعد بضع سنوات من بدء الشخص للتدخين، على الرغم من أن أعراض المرض قد لا تظهر إلا 20 إلى 30 عاماً بعد ذلك، حسبما قال إدلمان.

لم يفت الوقت بعد للإقلاع عن التدخين، والإقلاع عن التدخين فى أي عمر يساعد الناس على التنفس بشكل أفضل ويزيد من متوسط العمر المتوقع.