انتهت المرحلة الثانية من عمليات الجيش وحلفائه في محاذاة الحدود مع الأردن، بفرض سيطرة كاملة على النقاط الواقعة ضمن حدود محافظة السويداء. وبالتوازي، تابع الجيش عملياته ضد «داعش» على طول محاور البادية، في ظل توتر متزايد تشهده مناطق «تخفيف التصعيد»

بعد مدة قصيرة نسبياً على انطلاق العمليات العسكرية على جبهات بادية السويداء الشرقية، فرض الجيش السوري وحلفاؤه أمس سيطرتهم على كامل النقاط التابعة للمحافظة على الحدود الأردنية. العمليات التي انقسمت إلى مرحلتين، انطلقت شرقاً نحو منطقة سد الزلف ومحيط تل الصفا، وهدفت إلى قطع خطوط إمداد الفصائل المسلحة العاملة في منطقة بير القصب في ريف دمشق الشرقي.

ولاقى هذا التحرك تقدماً مقابلاً، انطلاقاً من جنوب مطار السين وصولاً إلى منطقة الرحبة، ما قلّص المسافة بين الطرفين إلى أقل من 25 كيلومتراً. وفي مرحلتها الثانية، تحركت القوات من مواقعها الجديدة في منطقة سد الزلف والمخفر الفرنسي جنوباً، لتحكم سيطرتها على عدد كبير من التلال والوديان الصحراوية الحدودية، وعلى جميع المعابر (غير الرسمية) مع الأردن عبر السويداء.
وأفضت المرحلة الثانية من العمليات إلى تحرير مساحة تزيد على 1300 كيلومتر مربع، تضم عدة مرتفعات، من بينها تلال الطبقة والرياحي وأسدة والعظامي وبير الصوت ومعبر أبو شرشوح، في ريف السويداء الشرقي. ويقدر طول المنطقة الحدودية التي عادت إلى سيطرة الجيش بما يزيد على 30 كيلومتراً. وحمّلت بعض الفصائل المسلحة العاملة في البادية فصيل «جيش العشائر» مسؤولية سقوط تلك النقاط بيد الجيش السوري، معتبرة أنه انسحب من تلك المنطقة إلى داخل الحدود الأردنية، في وقت كان مسؤولاً فيه عن ذلك القطاع.
وتكمن أهمية السيطرة على تلك المنطقة في كونها شكّلت أحد أهم طرق التهريب التي استخدمها كل من الفصائل المسلحة وتنظيم «داعش» في تحركاتهم بين البادية وعدد كبير من مناطق ريف دمشق والسويداء ودرعا. وكانت لفترة طويلة ممراً للمسلحين باتجاه أطراف الغوطة الشرقية والقلمون الشرقي، ومعبراً استخدمه تنظيم «داعش» للتنقل نحو مناطق بير القصب ومنطقة اللجاة، ولبيع جزء مهم من منتجاته النفطية غير الشرعية إلى مناطق سيطرة الفصائل المسلحة في درعا. وبالتوازي مع توقيع اتفاق «تخفيف التصعيد» في الجنوب السوري، فإن تعزيز الجيش لنقاطه على طول الحدود مع الأردن قد يسهم في تسريع الخطوات نحو فتح معبر نصيب ــ جابر، أو طرح فكرة معابر بديلة للتداول في حال فشلت الجهود المعنية بالمعبر الرسمي.
وفي غضون ذلك، تتواصل عمليات الجيش وحلفائه على جبهات تنظيم «داعش» في أرياف الرقة وحمص وحماة. وبينما يثبت نقاطه في محيط بلدة معدان في ريف الرقة، استكمل تحركه على محور طريق إثريا ــ الرصافة، مسيطراً على محيط منطقة خرايب الكتنة وجبل دويلب وتل المزرور، المجاورة لمنطقة مارينا التي شهدت هجوماً معاكساً من قبل تنظيم «داعش» قبل أيام. كذلك، شهد أمس اشتباكات بين الجيش وعناصر التنظيم في محيط مطار دير الزور وعلى المحور الجنوبي للمدينة، بالتوازي مع استهداف سلاحي الجو والمدفعية لمواقع التنظيم في مناطق الموارد والبانوراما والثردة ومفرق ثردة، وفي حيّي الرشدية والحويقة وقرى البغيلية والتبني.
وفي تطور لافت أمس، أعلنت أنقرة تقليصها لحركة المواد والسلع عبر معبر جلوة غوزو المقابل لمعبر باب الهوى في ريف إدلب. وقال وزير التجارة والجمارك بولنت توفنكجي إن سبب الحدّ من تصدير المواد، «باستثناء المساعدات الإنسانية»، هو تدهور الأوضاع الأمنية في الجانب السوري، معرباً عن اعتقاده بأن الأمور قد تعود إلى وضعها الطبيعي في المعبر خلال مدة أقصاها 15 يوماً. ويعدّ هذا الإغلاق هو الثاني من نوعه عقب طرد «هيئة تحرير الشام» لعناصر «أحرار الشام» من المعبر ومن مدينة إدلب وعدد من البلدات في ريف المحافظة. ويبدو لافتاً أن قرار الإغلاق أتى بعد يوم واحد على اجتماع تحضيري لجولة محادثات أستانا المقبلة، والتي من المفترض أن تنال منطقة «تخفيف التصعيد» في إدلب الحصة الأكبر من نقاشاتها.
وتشهد باقي مناطق «تخفيف التصعيد» في المقابل توتراً متزايداً، مع استمرار المعارك في منطقة عين ترما التابعة للغوطة الشرقية، وعودة القصف المتقطع لبعض مناطق ريف حمص الشمالي، بعد أنباء تحدثت عن خلافات حول بنود الاتفاق في تلك المنطقة. وتعرضت عدة مناطق في الغوطة الشرقية لقصف جوي ومدفعي استهدف عدداً من مواقع الفصائل المسلحة، بالتوازي مع اشتباكات عنيفة داخل عين ترما بين الجيش السوري و«فيلق الرحمن» غير الموقّع على اتفاقية «تخفيف التصعيد». وبالتوازي، قالت مصادر معارضة إن غارات جوية استهدفت عدة نقاط في منطقتي الحولة وتل دهب، في ريف حمص الشمالي.

المصدر: الأخبار