أنجز الجيش خطوة مهمة على طريق عزل «داعش» وتقطيع مناطق سيطرته في باديتي حمص وحماة، مهدداً خطوط إمداد التنظيم في محيط عقيربات في اتجاه دير الزور. وبالتوازي تشهد أنقرة حراكاً لكبار المسؤولين العسكريين الإيرانيين والروس، لنقاش الوضع الميداني والخطوات المنتظرة خلال جولة «أستانا» المقبلة
تتواصل جهود الجيش السوري وحلفائه لعزل «داعش» في ريفي حمص وحماة الشرقيين، على أكثر من جبهة. وتشير المعطيات إلى أن تشتيت قوة التنظيم هناك تعد خطوة ضرورية لأمان القوات المتقدمة شرقاً لكسر حصار دير الزور، في سيناريو مشابه لما جرى حين طرد «داعش» من القلمون الشرقي قبيل استكمال العملية وصولاً إلى الحدود العراقية.
وبدا التوجه الأخير واضحاً في تركيز الزخم العسكري في ريف الرقة الجنوبي باتجاه أقصى ريف حمص الشمالي الشرقي، للاقتراب من المواقع التي حررها الجيش شمال السخنة، وخنق جيب «داعش» حتى حصاره التام. ووصل الجيش على هذا المحور إلى مراحل هامة جداً، بعد سيطرته على موقع الكوم التاريخي في ريف حمص الشرقي، انطلاقاً من قرية القدير التي حررها عبر إنزال جوي، نفذه قبل أيام، ليصبح على بعد أقل من 30 كيلومتراً لإتمام الحصار.
ولم يكتف الجيش بنشاطه على هذا المحور، إذ كثّف نشاطه العسكري على محورين متقابلين آخرين، وهما شمال جبل الشاعر؛ وجنوب شرق إثريا. وتمكّن من التقدم لمسافة 25 كيلومتراً انطلاقاً من المحور الأخير، مسيطراً على عشرات المواقع والتلال الممتدة بين إثريا وجبل الخشابية. وتأتي أهمية هذا التحرك لكونه قد يفضي إلى حصار «داعش» في المنطقة المحيطة بقرية عقيربات، وهي منطقة جغرافية صغيرة نسبياً مقارنة مع حجم نفوذ التنظيم على طول ريفي حمص وحماة الشرقيين وصولاً إلى دير الزور.
ووفق المعلومات الأولية عن نقاط سيطرة الجيش، فإن قرابة 25 كيلومتراً فقط، تفصل تلك المواقع عن وحدات الجيش شمالي جبل الشاعر في ريف حمص الشرقي. كذلك أشارت المعلومات الميدانية إلى أن التنظيم يبدي مقاومة شديدة لتحرك الجيش هناك، نظراً لأهمية تلك المنطقة من جهة؛ ولكونها شكّلت لسنوات قاعدة تدريب لعناصره من جهة ثانية. وبالتوازي، استمرت عمليات الجيش وحلفائه في محاذاة الحدود الأردنية، ضد «فصائل البادية». وتمكنوا من السيطرة على عدد من المخافر الحدودية الممتدة من النقطة 154 إلى النقطة 160. وبهذا التقدم، يكون الجيش قد حرر كامل النقاط الحدودية في ريف السويداء، إلى جانب عدد من النقاط ضمن حدود ريف دمشق، والتي تبدأ عند النقطة 155. وفي ضوء تحضيرات اجتماع «أستانا» المقبل، التي انطلقت في طهران، تشهد أنقرة حراكاً لافتاً لشخصيات أمنية وعسكرية رفيعة المستوى من إيران وروسيا. إذ التقى رئيس الأركان الإيراني محمد باقري، كلا من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره خلوصي أكار، خلال زيارة لأنقرة على رأس وفد عسكري رسمي. ويأتي ذلك في وقت ينتظر فيه وصول رئيس هيئة الأركان الروسية فاليري غيراسيموف، إلى العاصمة التركية. وبينما بقيت كواليس اللقاء الثلاثي بين باقري وأردوغان وأكار، خارج التداول الإعلامي، كان أعلن عن «تفاهم» رئيس الأركان في اجتماع آخر جرى أول من أمس، وضم وزير الدفاع نور الدين جانيكلي، على «تعزيز التعاون الأمني الثنائي والإقليمي» وخاصة في مجال تأمين حدودهما المشتركة. ونقلت وسائل الإعلام التركية أن الطرفين اتفقا على مواصلة التعاون المشترك ضد جميع التنظيمات الإرهابية التي تهدد أمن المنطقة.
وتتقاطع زيارة باقري، مع ما تحدث عنه أردوغان قبل أيام عن استمرار المشاورات المكثفة بين بلاده وروسيا وإيران، للوصول إلى حل لمنطقة إدلب وجوارها، في سياق محادثات أستانا. وتأتي قبل أيام من زيارة رئيس هيئة الأركان الروسية، والتي أوضح وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، أنها ستركز على الوضع في محافظة إدلب. ولفتت مصادر تركية إلى أن الخطط التركية لخوض عملية عسكرية جديدة في محيط عفرين، هي أحد الملفات الرئيسية التي يناقشها زوار أنقرة. وبدا لافتاً في تصريحات جاويش أوغلو، إشارته الواضحة إلى أن روسيا «تتفهم الحساسيات التركية» تجاه «حزب الاتحاد الديموقراطي» الكردي، أكثر مما تفعل الولايات المتحدة التي تستمر في تقديم الدعم له بشكل «يهدد أمن تركيا».