قد يبعث الحديث عن تمديد الولاية الرئاسية بموجب تعديلٍ دستوري، الحياة في السياسية المصرية المعلّقة منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم. لذلك تتجه الأنظار إلى بعض الأشخاص والجهات لمعرفة موقفها من هذه القضية الحسّاسة، في ظلّ التشكيك بقدرة تأثيرها بحال كانت الرئاسة قد حسمت قرارها بحتمية التعديل

القاهرة | بدلاً من أن تصبح مصر ساحة سياسية ساخنة بفعل قرب انتخابات الرئاسة (أيار/ مايو 2018)، نرى فيها تنافس المرشحين أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، بعد سنوات صعبة يعيشها المصريون في عهده، تتعالى الأصوات الآن، كما بات معروفاً، للمطالبة بتعديل دستوري يطيل مدة الرئاسة حتى تصبح ست سنوات بدلاً من أربع فقط.

لكن «السخونة» الغائبة عنها بفعل غياب المرشحين الفعليّين، وخصوصاً أنه لا بديل جدّياً من السيسي، تحوّلت إلى جدالٍ بين المؤيدين لتعديل مدة الرئاسة وبين رافضيها.
في حقيقة الأمر، إن دستور 2014 لم يطبَّق أصلاً حتى يتم تعديل مواده، وجرى تجاهله في قضايا مهمة كثيرة، أبرزها أزمة تيران وصنافير، والحق في التظاهر، وعلاقة الحكومة بالبرلمان.
أين «الساسة» من هذا المقترح؟
يعوّل البعض على هذه الفترة، كي «تصحّي» سياسيي مصر، أو لتعيد بالأحرى النبض السياسي إلى الأشخاص والجهات التي انكفأت بفعل موت المجال العام في عهد السيسي. الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية ورئيس لجنة الخمسين التي كتبت دستور 2014، عمرو موسى، خرج عن صمته الطويل الذي استمر طيلة فترة حكم السيسي، ليؤكد أن «الحديث المعاد عن تعديل الدستور، في سنة انتخاب الرئيس، يثير علامات استفهام بشأن مدى نضوج الفكر السياسي الذي يقف وراءه». فور هذا التصريح، بدأت آلة الإعلام المؤيدة للسلطة المصرية بمهاجمة موسى ووصفته إحدى الصحف بـ«المضطرب»، ولا سيما أنه طالب بأن يُقدِم مجلس النواب على «تفعيل الدستور لا على تعديله»، وذلك بعدما دعا السيسي بنفسه إبان توليه وزارة الدفاع المصريين إلى التصويت على دستور موسى بـ«نعم».
ومن بين الذين تتجه الأنظار إليهم بانتظار موقف تجاه تمديد فترة الرئاسة، حمدين صباحي، الذي لم يعلّق بعد على هذا الأمر. صباحي هو الآخر كان مهادناً للسلطات في بداية حكم السيسي، وهو ما جعل المصريين الذين أيّدوه بعد ثورة «25 يناير» وفي الانتخابات الرئاسية الأولى، ينفضّون من حوله، وخصوصاً مع انكفائه من المشهد العام.
إلى جانب موسى وصباحي، قد يكون المستشار هشام جنينه من الأصوات التي تشكّل أهمية في هذه المرحلة أيضاً، ولا سيما بعد ما شهده الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات من إقالة من مصبه بقانون من السيسي شخصياً ثم محاكمته.
تكتل «25 ــ 30» في البرلمان المصري والذي عارض من قبل أكثر من قانون في البرلمان، ينظر إليه البعض ــ برغم تمرير اتفاقية الجزيريتن ــ باعتباره عنصراً أساسياً من بين الرافضين لتعديلات الدستور أو على الأقل للتشويش على القضية في البرلمان، وإحداث ما قد يسهم في رفض شعبي للتعديلات المقترحة والتي، بحال تمريرها، ستبقي السيسي رئيساً لمصر حتى عام 2020.
وإلى ذلك، إن أصوات مثل النائب المخرج خالد يوسف (شارك في حملة السيسي للرئاسة في 2014)، والنائب هيثم الحريري الذي طالما عارض سياسات السيسي وتوجهات حكومته الاقتصادية، من المتوقع أن تكون حاسمة داخل البرلمان تجاه هذه القضية.
المعارضة الفعلية ودور المؤسسات
إنّ السؤال الذي يجب طرحه أيضاً هو «أين يمكن لمعارضي تعديل الدستور أن يعبروا عن آرائهم، أو أن يرفعوا صوتهم ضد التمديد؟». هذا أمر صعب جداً في ظل تبعية معظم الصحف والقنوات التلفزيونية للسلطات المصرية. فتصريحات عمرو موسى مثلاً عن التعديل، لم تلقَ رواجاً سوى على مواقع التواصل الاجتماعي، حتى إنه لم يستضف في أي قناة كي يعرض وجهة نظره في الأمر.
من جهة أخرى، وبرغم أن السيسي قال أكثر من مرة إنه لن يبقى في الحكم بعد انتهاء فترة ولايته، كما صرح ذات مرة أثناء وجوده في نيويورك في أيلول/ سبتمبر 2016 لشبكة «PBS» الأميركية رداً على سؤال حول إمكانية قيام ثورة ضده: «هناك دستور ودولة بها مؤسسات، ورئيس مصري لا يمكن أن يبقي يوماً واحداً في الحكم بعد انتهاء ولايته». وفي السياق نفسه، كان رئيس البرلمان، علي عبد العال، قد أعلن في نهاية كانون الأول/ ديسمبر من العام الماضي استنكاره ترويج بعض الإعلاميين قيام البرلمان بمحاولة تعديل مدة الرئاسة في الدستور. وقال عبد العال نصّاً: «هناك مادة حاكمة في الدستور تلزم بعدم تعديل مدة انتخاب رئيس الجمهورية ما لم يكن التعديل متعلقاً بمزيد من الضمانات والحريات». لكن هذا كله يمكن أن يصبح كلاماً فى الهواء بمجرد اتخاذ قرار فعلي بتعديل مدة الولاية الرئاسية في الدستور، وهو ما لن يستطيع أحد الوقوف بوجهه، مثلما حصل في قضايا أخرى، حيث كانت إرادة الرئاسة فوق جميع المؤسسات.

المصدر: أحمد فوزي - الأخبار