في خطوة غير مستغربة، أعلنت «قوات سورية الديمقراطية»، عبر «مجلس دير الزور العسكري» التابع لها، أن معركة السيطرة على محافظة دير الزور باتت قريبة، في وقت يواصل فيه الجيش التقدم نحو مشارف الحدود الإدارية للمحافظة من ثلاث جهات
لم يكن إعلان «المجلس العسكري لدير الزور» التابع لـ«قوات سورية الديمقراطية»، أنه يستعد لإطلاق معركة دير الزور، مستهجناً، نتيجة التحضيرات التي كانت تقوم بها هذه القوات، وتكرار تصريحاتها بأنها «تعمل على تحرير الرقة ودير الزور من داعش»، وهو ما أشارت إليه «الأخبار»، عن التحضيرات التي يقوم بها «التحالف» ونقل طلائع من «مغاوير الثورة»، إلى ريف الحسكة، لفرض تحالف أمر واقع مع «قسد»، للذهاب باتجاه دير الزور («الأخبار»، العدد 3251).
إعلان «قسد» أن معركة دير الزور باتت وشيكة، جاء خلال مؤتمر صحافي عُقد في مقر «مجلس دير الزور العسكري» قرب مدينة الشدادي، جنوب الحسكة، أثناء الإعلان عن انشقاق قرابة 600 مقاتل من «تجمع كتائب البكارة» من «قوات النخبة» السورية، التابعة لتيار الغد السوري، برئاسة رئيس «الائتلاف» الأسبق أحمد الجربا وانضمامهم إلى «قسد»، إضافة إلى انضمام كتيبة من «مقاتلي الشعيطات» إلى «قسد»، بعد فرارهم من ريف دير الزور إلى ريف الحسكة. ولا يبدو هذا الانشقاق منفصلاً عن التحضيرات التي يشرف عليها «التحالف الدولي» للإعداد لقوة عسكرية تكون قادرة على تنفيذ عمل عسكري باتجاه دير الزور.
كذلك، فإن هذا الانشقاق ربما يهدف إلى إضعاف «قوات النخبة» التي تم إبعادها عن معركة الرقة، ومحاولة إخراجها من خيارات «التحالف» في معركة دير الزور، إثر خلافات مع قيادة «قسد» التي يبدو أنها لا ترغب في أي دور لـ«النخبة» في المناطق الواقعة تحت سيطرتها.
ويقول قائد «مجلس دير الزور العسكري»، أحمد أبو خولة، لـ«الأخبار»، إن «المعركة الكبرى لتحرير دير الزور باتت قريبة جداً، وقد تكون حتى قبل الانتهاء من معركة الرقة». ولفت إلى أن «المعركة ستكون سريعة، وستقودها قوات سورية الديمقراطية، والفصائل المتحالفة معها حصراً».
ورغم تأكيدات عن وصول مجموعات من «مغاوير الثورة» إلى مناطق قريبة من الشدادي، لتجهيزهم للانخراط في معركة دير الزور القادمة، ونقلهم عبر مروحيات من التنف باتجاه ريف الحسكة الجنوبي، في محاولة من «التحالف» لفرض تحالف أمر واقع مع «قسد»، للعب دور لـ«التحالف» في معارك إنهاء «داعش» في دير الزور، تزامناً مع معارك محتملة من الجانب العراقي ستهدف إلى القضاء على التنظيم بشكل نهائي، إلا أن أبو خولة أكد لـ«الأخبار» أنهم «لا ينسّقون، لا مع مغاوير الثورة ولا غيرها» لافتاً إلى أنهم «يرحّبون بجهود أيّ فصيل يريد العمل باتجاه دير الزور من خارج مناطق سيطرتنا، لأن ذلك يسرع في القضاء على التنظيم».
وعلمت «الأخبار» من مصادر مطلعة أن معركة دير الزور المزمع إطلاقها من «قسد»، تهدف إلى السيطرة على ريف الحسكة الجنوبي وريف دير الزور الشمالي، وصولاً إلى سرير نهر الفرات الشمالي، والشريط الحدودي من تل صفوك وصولاً إلى أطراف ريف البوكمال الشمالي. وهو ما تطابق مع ما كشفته أيضاً مصادر ميدانية قالت إن «المعركة ستكون خلال فترة قريبة، وستكون على مرحلتين، الأولى تهدف إلى السيطرة على بلدة مركدة في ريف الحسكة الجنوبي وصولاً إلى كامل هذا الريف، أما المرحلة الثانية فتهدف إلى السيطرة على بلدة الصور في ريف دير الزور الشمالي، وصولاً إلى الأطراف الشمالية للدير، والشريط الحدودي مع العراق، المحاذي لسرير نهر الفرات الشمالي». ورغم التصريحات المتواترة عن قرب المعركة، إلا أن قيادة «قسد» لم تبدِ أيّ تعليق واضح عن قرب المعركة، باستثناء تصريحات مجلس دير الزور العسكري، وهو ما يفصح عن عدم استعجال «قسد» المعركة، ورغبتها في الانتهاء من معركة الرقة.
وبناءً على خطوات المعركة القادمة، فإن اهتمام «التحالف» يبدو منصبّاً على المناطق الواقعة شمال نهر الفرات، بهدف عدم التصادم مع الجيش السوري والروس، الذين يخطون خطوات متسارعة نحو دير الزور، والجهة الجنوبية لنهر الفرات، وهو ما يؤكده القيادي في «كتائب الشعيطات»، التابعة لـ«مجلس دير الزور العسكري»، أبو محمد الشعيطي، الذي قال إن «المعركة ستكون باتجاه ريف دير الزور»، مضيفاً أنهم «ملتزمون بقتال داعش فقط، كما يخطّط التحالف الدولي».
إلى ذلك، نجح الجيش السوري في استيعاب هجمات عنيفة لمسلحي «داعش» على مواقعه في ريف الرقة الجنوبي، أدت بدايةً إلى انسحاب الجيش و«مقاتلي العشائر» من بعض النقاط، إلا أنه سرعان ما تمت استعادة معظم النقاط. تزامن ذلك مع صدّ هجوم للتنظيم على منطقة «سد الوعر» في الأطراف الشرقية لريف حمص، المتاخم للحدود الإدارية لدير الزور. ويأتي ذلك في وقت يحشد فيه الجيش قواته في تدمر والسخنة، لمتابعة مرحلة جديدة من السيطرة على البادية السورية، وصولاً إلى دير الزور، تزامناً مع وصول تعزيزات إضافية من أبناء العشائر لدعم الجيش في المعركة. وأكد مصدر عسكري أن «الجيش سيتابع قريباً عملياته العسكرية في محيط السخنة، والتي سيكون هدفها الرئيسي الوصول إلى دير الزور، وفكّ الطوق عنها». وأضاف أن «التكامل سيكون موجوداً بين محاور الجيش الثلاثة المتجهة إلى دير الزور من ريف الرقة وريف حمص، بهدف الضغط على التنظيم من كل الاتجاهات، إلا أن العمليات الرئيسية ستكون انطلاقاً من السخنة إلى دير الزور».