تلقت إسرائيل، وروايتها عن القدرة على الحاق الهزيمة بحزب الله في الحرب المقبلة، صفعة من الداخل، بعدما سربت لجنة الخارجية والامن التابعة للكنيست تقريراً، وُصف بـ«الخطير جداً»، يكشف «ثغرات» في استعداد الجيش الاسرائيلي وجاهزيته.

على وقع الصدمة، تلقى الجمهور الإسرائيلي تسريبات اللجنة، رغم أن التقرير يعدّ سريّاً ويفترض أن يبقى أسير الغرف المغلقة. وسبب التسريب، خلاف بين أعضاء اللجنة، ليس على وجود الثغرات في استعدادات الجيش، بل حول الجهة التي تتحمل مسؤولية هذه الثغرات، بعدما رفض عضو في اللجنة، بحسب القناة الثانية العبرية، التوقيع على التقرير لأنه يحمّل الحكومة الإسرائيلية، بمعنى رئيسها بنيامين نتنياهو، المسؤولية الكاملة عن تردي الاستعداد والجهوزية العسكريين.
وهذا الأمر من شأنه إعادة اثارة موضوع المناورة الفيلقية الكبرى التي أنهتها إسرائيل قبل أيام، وتحديداً حول نتيجتها الافتراضية الموضوعة على الورق: هزيمة حزب الله وسحقه. وهي نتيجة كانت أساساً مدار نقاش وتشكيك واسع من قبل المراسلين العسكريين والخبراء والجمهور.

مع ذلك، لدى إسرائيل وجيشها مسوغات دافعة للقول إنها قادرة على تحقيق هزيمة حزب الله في الحرب المقبلة، رغم ادراكها، واعدائها، تعذر تحقيق هذه النتيجة:
ــــ لا شك في أن المناورة الفيلقية كانت ضرورة ملحة لإسرائيل في سياق رفع جاهزية الجيش واستعداداته لمواجهة تعاظم قدرات حزب الله القتالية والتسليحية، وهو يكشف حجم تهديد الحزب العسكري، وحجم التحدي الماثل أمام إسرائيل.
لكن في المقابل، وأمام حجم المناورة الفيلقية غير المسبوقة منذ 19 عاما، والتي استهلكت كل مقدرات إسرائيل العسكرية والامنية والسياسية، لم يكن بمقدور الجيش القول إن نتيجة هذه المناورة هي النجاح في دفع حزب الله خارج المستوطنات التي قام باحتلالها في سياق الحرب المقبلة، أو القول انها منعت أصل وصوله إلى المستوطنات والمواقع العسكرية والنجاح في الدفاع عنها. كما يصعب على الجيش الإسرائيلي، مع الحجم الكبير جدا للمناورة، أن يكتفي بالقول إنه الحق بالحزب ضربة كبيرة جداً، ستكفل لإسرائيل ردعا يمتد لسنوات. وهي نتائج، ينظر إليها بوصفها انكساراً لا ضرورة له، ما يستتبع الاصرار على الانتصار الساحق الماحق، الذي يتخلله أيضا رفع الأعلام البيضاء من قبل حزب الله.
ــــ من جهة ثانية، يبدو انه تبلور لدى صانع القرار السياسي والعسكري في إسرائيل أن الإقرار بمحدودية القدرة العسكرية على الحاق الهزيمة بحزب الله، وهي الحقيقة المتسالم عليها في إسرائيل، من شأنه أن يضر بمستوى الردع المفعل ضد الحزب. إذ أن مستوى ردع إسرائيل له يقاس بالنتيجة الفعلية القادرة على تحقيقها في حال نشبت الحرب، ومع اقرارها بالعجز عن تحقيق الانتصار، وانها قادرة فقط على إلحاق الأذى به، فهذا يعني ردعاً متبادلاً يقيّدها ابتداءً حتى عن شن هجمات موضعية، طالما أن لدى الحزب القدرة المقابلة على إلحاق الأذى بها. وهذا الردع المتبادل هو السائد حاليا، في معادلة وميزان القوى بين الطرفين في الساحة اللبنانية.
من هنا، كان لزاما على اسرائيل، وإن متأخرة، أن تعيد حرف التوقعات والتشكيك بحقيقة أنها قادرة فقط على إلحاق الأذى بحزب الله ولبنان، رغم أنها تقر بهذه الحقيقة قولا وعملا منذ سنوات. واذا نجحت في تحقيق التغيير في وعي الاعداء، بأنها قادرة على الانتصار في الحرب، فستحقق لنفسها ردعاً كاملاً وغير متبادل، في حين أن أعداءها يقرون لها بأنها قادرة على إلحاق الأذى، كبر أم صغر، وهذا يعني بالنتيجة ردعاً مثقوباً وردعاً متبادلاً.
المهمة باءت بالفشل. لم تستطع إسرائيل إقناع أعدائها بقدرتها على الانتصار، كما أنها عجزت في الموازاة، عن اقناع جمهورها.
ــــ تقرير لجنة الخارجية والامن في الكنيست يأتي في سياق تأكيد سلسلة التقارير المنشورة في إسرائيل، التي شككت في نتيجة المناورة المعلنة: هزيمة حزب الله. علما أن اتساع رقعة التشكيك، بما يشمل المراسلين العسكريين والخبراء، لا يترك مجالاً كبيراً للتقرير كي يضيف جديداً.

المصدر: يحي دبوق - الاخبار