تتسارع معطيات ميدان دير الزور بعد إحكام الجيش السوري وحلفائه السيطرة على كامل الريف الغربي المتصل مع ريف الرقة الجنوبي، وتثبيت «التحالف الدولي» وجود قواته داخل عدد من حقول النفط والغاز على الضفة الشمالية لنهر الفرات، فيما بدا أنه تحرك يهدف إلى قطع الطريق أمام استعادة دمشق لتلك المنشآت المهمة والاستراتيجية.

وأتى تحرك «التحالف» عبر تأمين طائراته تغطية جوية لتقدم «قوات سوريا الديموقراطية» من محيط الطريق بين دير الزور والحسكة، شرقاً باتجاه حقلي العزبة والطابية، وصولاً إلى منشأة غاز «كونيكو». ونقلت مصادر مطلعة أن قوات خاصة أميركية ساهمت في تأمين النقاط المحيطة بالشركة، قبل أن تنسحب وتسلمها لمقاتلي «قسد»، مكتفية بتأمين غطاء جوي لردع أي تقدم محتمل من جانب قوات الجيش السوري. وتشير المعطيات المتوفرة إلى أن «التحالف» يخطط لمتابعة التحرك شرقاً نحو حقل الجفرة النفطي، الذي يشكل عقدة وصل مهمة بين آبار الريف الشرقي لدير الزور، والذي يعدّ آخر الحقول النفطية المهمة غرب نهر الخابور.
وبعدما انتهت عمليات الجيش السوري وحلفائه أمس، في ريفي دير الزور الغربي؛ والرقة الجنوبي، بالسيطرة على بلدة معدان والقرى الممتدة على ضفة الفرات الجنوبية، ينتظر ما ستقود إليه قنوات التواصل الروسية ــ الأميركية لتحديد طبيعة تحرك القوات على الضفة الشرقية لنهر الفرات.
ويبدو أن التوتر في الميدان انتقل إلى القنوات الرسمية الروسية والأميركية، إذ نشرت وزارة الدفاع الروسية صوراً جوية تظهر تأمين قوات أميركية خاصة ممراً برياً لـ«قسد» ضمن الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم «داعش»، من دون أي اشتباكات مع التنظيم. وأشارت الوزارة في بيان أمس، إلى أن الصور التي التقطت في الفترة الممتدة بين الثامن والثاني عشر من الشهر الجاري، تظهر وجود عربات أميركية داخل عدد من التحصينات التي كان «داعش» قد أنشأها في وقت سابق «من دون أي آثار لاقتحام القوات الأميركية لتلك المواقع أو قصف طيران (التحالف) لها. أو حتى اتخاذ العناصر الأميركيين أي إجراءات دفاعية لحماية مواقعهم»، موضحة أن هذه الصور تلمح إلى أن «العسكريين الأميركيين يشعرون بالأمان في مناطق سيطرة الإرهابيين». وتساءلت الوزارة عن كيفية دخول تلك القوات إلى المواقع المنتشرة في محيط طريق دير الزور ــ الحسكة، من دون تسجيل أي معارك بين التنظيم وقوات أخرى في تلك المناطق.
وحضر التشكيك الروسي بالتحركات الأميركية أيضاً في حديث تلفزيوني لوزير الخارجية سيرغي لافروف، لمح فيه إلى إمكانية وجود أهداف أميركية أخرى عقب «هزيمة الإرهاب»، لافتاً في الوقت نفسه إلى ضرورة قيام القوات الروسية والأميركية بإجراء منسق لتوجيه ضربة نهائية للإرهابيين فى سوريا. وقال إن هذا «يتطلب تنسيقاً، وليس فقط إجراءات منع تصادم... لكن الجيش الأميركي ممنوع من التنسيق معنا».
وشدد لافروف على أن بلاده أبلغت الولايات المتحدة الأميركية أن أي محاولات لتعطيل عملية مكافحة الإرهاب «من مناطق مقربة من الأصدقاء الأميركيين... لن تترك من دون رد فعل». وأضاف أن موسكو ترى أنه «بعد هزيمة الإرهاب، يجب أن تكون الخطوة الأولى انسحاب من حضر بشكل غير شرعي إلى سوريا... أما الحاضرون بطريقة مشروعة، فإن قادة الدولة السورية سيتخذون قراراً بناء على نتائج العملية السياسية». وأكد أن «من الضروري البدء في التفكير بكيفية استعادة وحدة سوريا... وعدم السماح بتقسيمها بشكل يطلق سلسلة من ردود الفعل التي ستجتاح الشرق الأوسط، وهو ما يسعى البعض إلى تحقيقه».
وبالتوازي، نفى المتحدث باسم قوات «التحالف» ريان ديلون، في حديث إلى وكالة «رويترز» أن تكون بلاده في سباق مع موسكو على مناطق دير الزور، موضحاً أن القوات التي تدعمها بلاده تتفادى الضفة الشرقية المقابلة لأحياء مدينة دير الزور حالياً... وتركز على التحرك نحو الحدود العراقية. وجدد التأكيد على أن هدف «التحالف» هو «قتال تنظيم (داعش). وليس لنا معركة مع النظام (السوري) أو مع الروس».
وفي سياق التطورات الميدانية، أعلن مصدر عسكري سوري أن الجيش استعاد في الفترة الممتدة بين العاشر والثالث والعشرين من أيلول الجاري، 44 بلدة وقرية ومزرعة ومنشأة، في أرياف دير الزور والرقة، بينها الجنينة والبغيلية وعيّاش ومعدان والعطشانة ومقلة كبيرة. كذلك، أشار مصدر عسكري أمس، إلى سيطرة الجيش على نحو 50 كيلومتراً مربعاً خلال العمليات في منطقة جب الجراح في ريف حمص الشرقي، مضيفاً أنه تمت استعادة السيطرة على قرى الصفوانية والمكرمية ورسم سويد وتلة رجم الشارة وجورة نزال.

المصدر: الأخبار