حذّر السفراء الأوروبيون في واشنطن، الولايات المتحدة من نسف الاتفاق النووي مع إيران، الأمر الذي تردد لدى وزارة الخارجية الروسية التي أعلنت أن موسكو ترفض محاولات تغيير الاتفاق
تتزايد الدعوات الأوروبية والروسية للولايات المتحدة بضرورة التزام الاتفاق النووي الموقع مع إيران، مع اقتراب الموعد المحدّد في منتصف تشرين الأول، والذي يقرّر خلاله الرئيس الأميركي دونالد ترامب ما إذا كانت طهران تلتزم الاتفاق. وانطلاقاً من تهديدات ترامب المتتالية بنسف هذا الاتفاق، أعلن سفراء بريطانيا وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي لدى الولايات المتحدة تأييدهم القوي له، ما دامت طهران تواصل التزامه.
وقال مبعوث الاتحاد الأوروبي في واشنطن ديفيد أو سوليفان، في جلسة نقاش للجنة تابعة لـ«المجلس الأطلسي»: «نتفق على أن التخلّي عن هذا الاتفاق سيكون خسارة كبيرة»، فيما أشار السفير الألماني بيتر فيتيغ إلى أن من يؤيّد التراجع عن الاتفاق، عليه أن يفكّر في «قضايا أكبر»، منها زيادة خطر أن تستأنف إيران عمليات التخصيب وخطر اندلاع سباق تسلّح نووي في منطقة غير مستقرة، والتأثير المحتمل في الجهود الدولية لمنع الانتشار النووي.
وتساءل فيتيغ: «ما الإشارة التي قد يرسلها (هذا الأمر) لدول مثل كوريا الشمالية؟»، مجيباً بأنه «سيبعث بإشارة مفادها أنه لا يمكن الاعتماد على الدبلوماسية، وأنه لا يمكن الوثوق في الاتفاقيات الدبلوماسية، وهذا سيؤثر في اعتقادي بصدقيتنا في الغرب عندما لا نفي باتفاق لم تنتهكه إيران».
وفي هذا الإطار، شدد السفراء الأوروبيون على أنه في حالة انسحاب واشنطن من الاتفاق، سيفعلون كل ما في وسعهم لحماية أي شركة في أوروبا، تستمر في التعاون مع إيران، من إعادة تطبيق العقوبات الأميركية. وأشار السفير البريطاني كيم داروتش إلى أن ترامب ورئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي، خصّصا نحو نصف مباحثاتهما لموضوع إيران، عندما اجتمعا في نيويورك الأسبوع الماضي، لكن ترامب لم يكشف عن قراره. وأضاف أن ماي شرحت مجدداً أسباب دعم بريطانيا للاتفاق النووي، حيث تنظر إلى الأمر على أنه مسألة أمن قومي. وقال في إشارة إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية: «ما دامت الوكالة ترى أن الإيرانيين ملتزمون به (الاتفاق)، فسوف نستمر في دعمه». كذلك، لفت السفير الفرنسي جيرار أرو إلى أن الدول الأخرى الموقعة على الاتفاق، وهي روسيا والصين وإيران، أوضحت أنها لن تؤيّد إعادة التفاوض.
ولم تنحصر الدعوات للحفاظ على الاتفاق بين الأوروبيين فقط، فقد أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن موسكو ترفض محاولات تغيير الاتفاق النووي الإيراني، مؤكدة أن عدم التزام واشنطن الاتفاق قد يضرّ الوضع حول كوريا الشمالية. وقال مدير قسم وزارة الخارجية الروسية لشؤون عدم انتشار الأسلحة ميخائيل أوليانوف: «إذا استمرت الولايات المتحدة المضي قدماً في هذا الطريق، فإن ذلك سيكون مثالاً سيئاً لكوريا الشمالية». وأضاف أوليانوف: «أعتقد أن ذلك سيؤدي إلى تصعيد الوضع في المنطقة»، مؤكداً أن مثل هذا التطور «غير مقبول» بالنسبة إلى موسكو.
في مقابل ذلك، دافع مستشار البيت الأبيض للأمن القومي إتش. آر مكماستر عن انتقاد ترامب للاتفاق. ومتحدثاً في فاعلية منفصلة في واشنطن، قال: «أتفق بوضوح مع الرئيس بشأن ذلك»، مضيفاً: «أعتقد بأنه أسوأ اتفاق، أعطى إيران كل المزايا مسبقاً». وأوضح ماكماستر أن به «عيب قاتل متعلق ببند زوال الأثر بعد موعد محدد».
وتنقضي بموجب هذا البند بعض القيود التي يفرضها الاتفاق على البرنامج النووي الإيراني، اعتباراً من عام 2025.
إيرانياً، تطرّق المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي إلى تصريحات وزيري خارجية دولة الإمارات ومملكة البحرين، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن الاتفاق النووي ونقض إيران لبنوده، معتبراً أنها لا تستحق الرد عليها.
وكان وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد، قد قال في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، إن إيران «تنتهك روح الاتفاق النووي»، مشيراً إلى «عدم وجود أي مؤشر على تغيير طهران سلوكها العدائي في المنطقة، أو الرغبة في التخلي عن طموحاتها النووية رغم مرور عامين على إبرام الاتفاق». أما وزير خارجية البحرين خالد بن أحمد آل خليفة، فاتهم في كلمته طهران بالتدخل في شؤون المنطقة، وخرق القرار الأممي رقم 2231 المتعلق ببرنامجها النووي.
وقال قاسمي، في مؤتمر صحافي في طهران، إن «قضايا من هذا النوع هي أكبر من أن يتكلّم فيها بعض الوزراء، لكونها تتجاوز حجمهم وتعتبر خارج صلاحياتهم»، مشيراً إلى أن «هؤلاء ممّن يعتبرون أنفسهم أنهم في موقع يؤهّلهم للحكم على الاتفاق النووي، يعانون مشاكل خاصة ولا أهمية لتصريحاتهم». وشدد المسؤول الإيراني على أن «الاتفاق النووي إما أن يكون بما هو عليه، وإما أن لا يكون».