من المرجح أن يؤدي قرار السعودية بإنهاء حظر قيادة السيارات للنساء، إلى إنقاذ ملايين الدولارات وتعزيز صناعات مثل مبيعات السيارات والتأمين، وطمأنة المستثمر بأن ولي العهد يتجه على الطريق الصحيح نحو تنويع اقتصاده متجاوزًا النفط، هذا القرار أيضًا يشجع مزيدًا من النساء على النزول للعمل ورفع الإنتاج رغم أن التحليلات تتوقع بأن تكون الزيادة الأولية للنمو متواضعة.

لكن مئات الآلاف من الذكور الذين كانوا يعملون كسائقين للسيدات ومعظمهم من جنوب آسيا والفلبين في خطر فقدان وظائفهم، هذا يعني أنهم لن يستطيعوا إرسال الأموال إلى عائلاتهم، مما يعزز ميزان المدفوعات السعودي بالحد من الدخل الوارد إلى بلدانهم الأصلية.

كان الملك سلمان قد أصدر أمرًا يوم الثلاثاء بالسماح للمرأة بقيادة السيارات لينهي بذلك الحظر القائم على فتوى دينية، والذي جعل من الصعب على الكثير من النساء الخروج للعمل وأجبر العديد من العائلات السعودية على توظيف سائق على الأقل لنقل أفراد العائلة من الإناث.

يعد هذا القرار بتغيير أسلوب معيشة الملايين من الناس، فهناك نحو 10 مليون امرأة فوق سن الـ20 ومن ضمنهم الأجنبيات اللاتي يعيشن في السعودية، وهناك ما يقرب من 1.4 مليون أجنبي يعملون كسائقين للعائلات ويجنون شهريًا نحو 500 دولار بالإضافة إلى حصولهم على السكن والغذاء.

ربما لن يُرفع الحظر حتى يونيو المقبل، وبسبب التقاليد المحافظة فربما يحتاج الأمر عدة سنوات وليس بضعة شهور حتى يكون للنساء حضورًا قويًا على الطرق في بعض المناطق، ومن المرجح أن يرتفع دخل الأسر بعد هذا القرار، حيث ستسرح الأسر السائقين، وقدرت خدمة الأخبار الاقتصادية السعودية "معال" دخل السائقين في المملكة والذي قالت إنه يصل إلى 8.8 مليار دولار سنويًا.

تقول مونيكا مالك – كبير الاقتصاديين في بنك أبو ظبي التجاري: "انتهاء الحاجة إلى سائق الأسرة حتى لو عملت النساء، سوف يساعد على زيادة الدخل الحقيقي للأسر المتوسطة والأقل دخلاً"، كان السائقون يرسلون معظم راتبهم إلى بلدانهم الأصلية لذا فإن رحيلهم يقلل من هذا التدفق ويترك الاحتياطيات الأجنبية متاحة للدفاع عن العملة السعودية من الضغوط التي يسببها انخفاض أسعار النفط، فقد سجلت المملكة العربية السعودية فجوة في الحساب الجاري وصلت إلى 27.6 مليار دولار العام الماضي.

قدرت شركة "FGE" لاستشارات الطاقة أن زيادة أنشطة قيادة السيارات في السعودية بنسبة 10% يؤدي إلى استهلاك 60 ألف برميل إضافي من البنزين المحلي، ورغم أن السعودية أكبر دول العالم المصدرة للنفط الخام، فإنها مستورد رئيسي للبنزين، وتقول مالك إنه ربما يكون هناك دفعة قصيرة لمبيعات السيارات في الشهور القادمة حيث تشتري النساء السيارات قبل تطبيق ضريبة القيمة المضافة في يناير 2018، وفي بعض الحالات لن تحتاج النساء لشراء سيارات حيث يمكنهن قيادة السيارات التي سيتركها السائقون قبل رحيلهم.

ارتفعت أسهم شركات تأمين السيارات يوم الأربعاء، فقد ارتفعت أسهم "سعودي أوتو ميكر" بنسبة 1.6% بينما ارتفعت أسهم شركة "سعودي بدجت" الدولية - لتأجير السيارات وتأجير التمويل - بنسبة 4%، يقول آنيل ماثيو أبراهام –المدير الإقليمي لبدجت: "بالتأكيد نتوقع زيادة في حجم المبيعات وكذلك الإيجارات القصيرة، لكن من المبكر جدًا التنبؤ بأي رقم الآن".

التوظيف

رحيل جميع السائقين إلى أوطانهم قد يكون ضربة للطلب المحلي في السعودية والذي يعاني بالفعل نتيجة انخفاض أسعار النفط، تقول مالك إن هذه الإصلاحات قد تضيف فقط بضعة أعشار نقطة مئوية للنمو الاقتصادي في الأعوام القادمة، لكنها أضافت أن التأثير النهائي قد يكون أكبر بسبب زوال السبب الذي يمنع الكثير من النساء عن العمل، مما يجعل الاقتصاد أكثر إنتاجية.

تهدف الإصلاحات التي أطلقها ولي عهد السعودية محمد بن سلمان العام الماضي إلى زيادة مشاركة المرأة في القوى العاملة بنسبة 30% بحلول عام 2030، قد يؤدي السماح للمرأة بالقيادة إلى زيادة الضغط من أجل إزالة العقبات الأخرى التي تعيق عمل المرأة مثل "نظام وصاية الذكر"، تقول مالك: "أي تغيير اقتصادي غالبًا ما يكون تدريجيًا خاصة مع ضعف نمو البيئة الحالية، لكن التأثير الاجتماعي والعواطف الإيجابية تجاه خطة التحول ستكون كبيرة".

يقول خالد الخضير المدير التنفيذي لشركة "غلوورك" وهي شركة توظيف تخدم النساء: "هناك نحو 400 ألف وحتى 450 ألف فرصة عمل متاحة للنساء في قطاع التجزئة، لكن الكثير من النساء لا يستطعن تحمل تكلفة استئجار سائق ليذهبن إلى العمل، لذا هذا القانون سيساعد على سهولة تنقل مئات الآلاف من السيدات، فقد كانت العقبة الرئيسية التي يواجهنها هي التنقل، إنها خطوة رائعة".

يعتبر النقل العام غير متطور في كثير من المناطق السعودية، وبينما تسعى الحكومة نحو تغيير ذلك ببناء شبكة مترو الأنفاق في المدن الكبيرة مثل الرياض، فما زال العديد من النساء يترددن في السفر وحدهن.

إحدى الفوائد الكبيرة لهذا القرار قد تكون تعزيز ثقة المستثمر المحلي والأجنبي بأن الأمير محمد قادر على الدفع بإصلاحات اقتصادية بعيدة المدى.

في الأشهر الأخيرة أدى ضعف الاقتصاد إلى قيام الحكومة بتأخير أو عكس بعض الإصلاحات، حيث تم تعليق جولة جديدة من رفع أسعار الوقود على سبيل المثال، لكن قرار الرياض بتجاوز التقاليد الاجتماعية المحافظة من خلال رفع الحظر عن قيادة النساء يقول بأن القوة الدافعة للإصلاح ما زالت قوية، يقول جون سفاكياناكيس مدير مركز أبحاث الخليج ومقره الرياض: "يبدو أن التصميم على الإصلاح واضح للغاية، فالسعودية الجديدة تُشيّد الآن أمام أعيننا مباشرة".

مقالة مترجمة عن صحيفة هآرتز الإسرائيلية

المصدر: نون بوست