خطة الولايات المتحدة الأميركية لإنهاء القضية الفلسطينية، بمعنى استسلام الفلسطينيين، وهي ما يسميه الإسرائيليون والأميركيون «الصفقة النهائية»، بدأت تتضح: مسمى دولة، بلا حدود، وبلا حقوق، لكن مع كثير من الواجبات، فيما تضمن إسرائيل سيطرتها و«سيادتها» على ما قضمته تباعاً ولا تزال من أراضٍ خارج حدود 1967، بما يشمل القدس والمستوطنات التي تخرق الضفة من شمالها إلى جنوبها، ومن غربها إلى شرقها.
«الصفقة النهائية» الموعودة موضوعة برسم أصحاب «النضال التفاوضي» في السلطة الفلسطينية الذين يخدعون أنفسهم ويخادعون الشعب الفلسطيني، بادّعائهم أن المفاوضات هي السبيل الوحيد لاسترجاع ما أمكن من حقوق فلسطينية هدرت، ولا تزال تهدر، فيما يعانون من حفر للهزيمة في وعيهم، وسلبت منهم الإرادة، وباتوا طيّعين في أيدي أعدائهم، الذين تحولوا أيضاً إلى حلفاء.
سفير الولايات المتحدة في إسرائيل، ديفيد فريدمان، أكد أنه «طرأ تقدم» على مسار الاتصالات الجارية إزاء تسوية بين إسرائيل والفلسطينيين، لافتاً إلى أن خطة الحل ستنشر في الأشهر القريبة المقبلة، لكنه أكد من الآن أن المستوطنات جزء من إسرائيل، وأنها ستحتفظ في نهاية المطاف بجزء كبير من الضفة المحتلة.
وفي مقابلة مع موقع «واللا» العبري، أضاف أن هناك «حقوقاً إسرائيلية يجب أن تحفظ»، خاصة أن قرار مجلس الأمن 242، وهو «الذي يتفق عليه الجميع، ينص على حق إسرائيل بحدود آمنة». ولفت إلى أن «حدود إسرائيل حتى حرب الأيام الستة لم تكن آمنة، لكن في التسوية المستقبلية ستحتفظ إسرائيل بجزء كبير من الضفة في الاتفاق الذي سيوقّع، رغم أنها ستعيد مناطق هي في الأساس غير مطلوبة للحفاظ على أمنها». وقال أيضاً إن «إسرائيل في الواقع، وخارج هذا التحديد، تحتل فقط 2% من مساحة الضفة»! إضافة إلى ذلك، أكد فريدمان تفهّمه الكامل للاستيطان في الضفة، وقال: «من الواضح أن لدى إسرائيل اعتبارات أمنية مهمة للاستيطان والمستوطنات، وهي مهمة لهم من الناحية القومية والتاريخية والدينية. والمستوطنون ينظرون إلى أنفسهم على أنهم إسرائيليون، وكذلك تنظر وتتعامل إسرائيل معهم على أنهم إسرائيليون، وهذه هي الحقائق».
مع ذلك، لم يتكرم السفير الأميركي على السلطة الفلسطينية وعلى أصحاب «النضال التفاوضي» حتى بإمكان الأمل؛ فرداً على سؤال هل ستخلي إسرائيل جزءاً من المستوطنات في الضفة في التسوية المستقبلية، امتنع فريدمان عن الإجابة، وقال: «سننتظر ونرى».
وعندما سئل عن رأيه في حل الدولتين، رفض السفير الأميركي الفكرة بصورة غير مباشرة، وقال إنه «بمعنى من المعاني، أعتقد أن هذا المصطلح قد فقد معناه، أو على الأقل له معنى يختلف من شخص إلى آخر. الجميع يركضون حول هذا المصطلح إلى درجة أنني بتّ أعتقد أنه لم يعد مفهوماً مفيداً، المعاني تختلف باختلاف الناس من حولها».
فريدمان، الذي أكد أن الاتصالات جارية و«أحرزت تقدماً» باتجاه التسوية، نبّه في المقابل إلى «أننا لسنا ملتزمين تاريخاً محدداً، وسنحاول القيام بذلك بصورة صحيحة من دون تسرع».
وكان رئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، قد أعلن في بداية الأسبوع أن «مجلس الأمن السياسي» قرر، بناءً على طلب البيت الأبيض، تأجيل عقد «مجلس التخطيط الأعلى للإدارة المدنية»، المقرر عقده الشهر المقبل، أسبوعاً إلى أسبوعين، وذلك للموافقة على خطط بناء سكان المستوطنات، وهذا في خلفية الجهود الرامية إلى استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين. وكان قد كشف أيضاً، أول من أمس، لقادة مستوطني الضفة، عن أنه ومستشاريه التقوا الموفد الخاص للرئيس الأميركي، جيسون غرينبلات، وكذلك فريدمان، وأنه ناقش والمسؤولين الأميركيين مخططات البناء في المستوطنات، التي يتوقع المصادقة عليها قريباً. وأكد نتنياهو لقادة المستوطنين أن «لجنة التخطيط العليا» التابعة لـ«الإدارة المدنية» ستصدّق على بناء 3000 وحدة استيطانية جديدة.