تتسارع الأحداث في الساحة الفلسطينية في مشهد تؤكد الأطراف الأساسية أنه سيكون «خاتمة الأحزان» وبداية مصالحة حقيقية تعود فيها غزة إلى حضن السلطة، إلى حدّ صرّح معه رئيس «حماس» في القطاع، يحيى السنوار، بأنه «سيكسر» رأس كل من يعيق المصالحة أياً يكن انتماؤه حتى لو من «حماس»، مشيراً إلى تنازلات كثيرة قُدّمت لإنجاز الاتفاق
غزة | مع اقتراب عقارب الساعة من لحظة وصول حكومة «الوفاق الوطني» إلى قطاع غزة، الإثنين المقبل، على أن يتبعها وفدان من جهاز «المخابرات المصرية» والأمم المتحدة لمراقبة تنفيذ اتفاق المصالحة، حطّت طواقم حكومية وإعلامية من رام الله في القطاع، لترتيب زيارة وفد الحكومة الذي سيضم نحو 450 شخصاً، سيقيمون في فندقَي «الروتس» و«المشتل»، ومن بينهم قادة الأجهزة الأمنية ماجد فرج، وهو مسؤول جهاز «المخابرات الفلسطينية»، وزياد هبّ الريح، وهو مسؤول جهاز «الأمن الوقائي».
ووفق المعلومات، تقرر وصول الوفد المصري إلى القطاع بعد غد الأحد، وسيضم شخصيات من «المخابرات» وأخرى سياسية، تزامناً مع زيارة وفد دولي برئاسة المبعوث الأممي إلى الشرق الأوسط، نيكولاي ميلادينوف، يوم الثلاثاء المقبل، علماً بأن الأخير كان في زيارة شبيهة الأسبوع الماضي. وهذان الوفدان سيسهمان بصورة مباشرة في ملف دمج موظفي الحكومة السابقة التي شكلتها حركة «حماس» في قوائم موظفي السلطة. وبصورة مبدئية، وافقت رام الله على العمل مباشرة مع نحو 200 شخص من حكومة غزة، غالبيتهم على رأس عملهم في الوزارات ويتلقون رواتبهم من السلطة أساساً. ويوم أمس، التقى ميلادينوف مع رئيس حكومة «الوفاق» رامي الحمدالله في رام الله، للبحث في ملف المصالحة، ناقلاً إليه نتائج جلساته الأخيرة مع قادة «حماس» في غزة، فيما نقلت مصادر محلية أن رئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية، هاتف الحمدالله في وقت متزامن، وذلك للمرة الأولى منذ سنتين.
ضمن التفاهمات، ستدعو رام الله موظفيها المستنكفين إلى العمل في الوزارات إلى جانب موظفي «غزة»، في ظل موافقة مبدئية من «حماس» على دمج موظفي الفئات العليا (وكلاء الوزارات) في مواقع أدنى، وذلك في تنازل لتحريك المصالحة، فيما ستمسك «فتح» بقيادة الأجهزة الأمنية. وأضافت المصادر أن حكومة غزة السابقة ستبقى تشرف على «ملف الجباية» (الضرائب) إلى حين الانتهاء من دمج الموظفين. أما عن المعابر، فستُناقش قضيتها خلال تشكيل حكومة «الوحدة الوطنية» التي سيبحث فيها بعد أسبوعين في العاصمة المصرية القاهرة، حيث من المقرر أن يلتقي وفدا الحركتين هناك. لكن مبدئياً جرى النقاش حول أسماء الموظفين السابقين في إدارة المعابر كي يعودوا إلى العمل في الشق المدني في المعبر.
وعلمت «الأخبار» بوجود توافق مبدئي على توسيع حكومة «الوفاق» الحالية بخمسة وزراء جدد، على أن يكون اختيارهم بالتفاهم مع بقية الفصائل، فيما نفت مصادر رسمية أن يكون قد بحث في أسماء مبدئية مرشحة لترؤس الحكومة الجديدة، رغم أن «فتح» كانت قد طرحت أسماءً سابقة، من بينها عضو «المركزية» فيها محمد اشتيه، ورئيس «صندوق الاستثمار الفلسطيني» محمد مصطفى.
وبشأن تمويل رواتب الموظفين، فإنها ستكون عبر وسطاء يشكلون حلفاء لكل من «فتح» و«حماس»، إذ ستسهم تركيا وقطر بالنسبة إلى موظفي الأخيرة، فيما ستواصل سويسرا، بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي، متابعة الدعم السابق لرام الله، على أن تكون العمليتان بإشراف أممي يعمل على تسهيل إدارة صندوق مالي مشترك، وذلك في وقت قال فيه المتحدث الإعلامي باسم الاتحاد الأوروبي في فلسطين، شادي عثمان، لـ«الأخبار»، إنّ الاتحاد في صدد انتظار عودة الحكومة «لمعرفة ما ستؤول إليه المرحلة المقبلة». وفكرة الصندوق المالي كانت قد اقترحتها الدوحة خلال اجتماع في بيروت، على أن تكون بصورة مؤقتة حتى إنهاء دمج الموظفين. مع ذلك، بقي الخلاف قائماً حول دفع رواتب جهازَي «الأمن الوطني» و«الأمن الداخلي»، اللذين لم يدرج موظفوهما في «المبادرة السويسرية». لكن «حماس» تلقّت وعداً من «المخابرات المصرية» بأن تكون الأخيرة ضامنة لتأمين الموظفين. في غضون ذلك، ذكرت وزارة المالية في غزة أنها أنهت تسوية وتحديث بيانات ملفات موظفي الحكومة السابقة لتسليمها للوفد المصري.
في هذا السياق، أعلن رئيس «حماس» في غزة، يحيى السنوار، أن «أيّ شخص سيعيق إتمام المصالحة (فإنه) سيكسر عنقه، سواء أكان من حماس أم غيرها»، مشيراً إلى أنّ حركته في صدد اتخاذ المزيد من القرارات الحاسمة التي تتنازل بموجبها من أجل تحقيق المصالحة، في إشارة إلى اعتراضات من موظفي غزة. وأضاف السنوار، في لقاء مع كتّاب وصحافيين أمس، أن «حركته ستسهل كل شيء من أجل تمكين الحكومة، ولن تسمح بعرقلة عملها... حماس لن تبقى طرفاً في الانقسام بأيّ حال من الأحوال، والقائد العام لكتائب القسام (الذراع العسكرية للحركة)، محمد الضيف، من الداعمين بقوة لخيار المصالحة الوطنية».
تعقيباً على هذه التطورات، قال مبعوثو «اللجنة الرباعية الدولية بالشرق الأوسط»، إنهم «يدعمون الجهود المبذولة لإعادة تمكين السلطة الفلسطينية من تسلم مسؤولياتها في غزة، ويرحّبون بالجهود المبذولة، بما فيها جهود مصر»، مضيفين في بيان أمس أنهم «يحثّون الأطراف على اتخاذ خطوات ملموسة لإعادة توحيد غزة والضفة الغربية في ظل السلطة الشرعية». وجاء في البيان أن «مبعوثي اللجنة الرباعية مستعدون للعمل مع إسرائيل والسلطة والمنطقة دعماً لهذه العملية».