في موازاة دفاع الجيش وحلفائه عن نقاط الطريق الممتد بين تدمر ودير الزور، وضغطهم على تنظيم «داعش» المتمركز داخل بلدة القريتين جنوبي شرقي حمص، هاجمت القوات شرقاً نحو ريف الميادين الشمالي الغربي، محققة تقدماً لافتاً يفتح احتمالات جديدة أمام تحرك الجيش في وادي الفرات
تدخل «غزوة أبو محمد العدناني» التي أطلقها تنظيم «داعش» ضد مواقع الجيش السوري وحلفائه على طول الخط الممتد من شرق تدمر حتى الضفة الشرقية لنهر الفرات، يومها السادس على التوالي، من دون تحقيق اختراق دائم من شأنه قلب المعادلة في الشرق. ويمكن القول إن سيطرة التنظيم على بلدة القريتين في ريف حمص الجنوبي الشرقي، كان الهدف الوحيد الذي نجح التنظيم في تحقيقه، ولا سيما أن البلدة بعيدة عن الجبهات المشتعلة شرقاً.
الخسارة الأكبر للجيش وحلفائه كانت في اليوم الأول للهجوم على طول الطريق بين دير الزور وتدمر، وتمثلت بسقوط عدد كبير من الشهداء العسكريين والمدنيين خلال ساعاته الأولى. غير أن مهمة الدفاع عن الطريق نجحت برغم صعوبتها، نظراً إلى كونها تتطلب إعادة ضبط الخروقات على طول جبهة البادية الممتدة من محيط بلدة حميمة في أقصى ريف حمص الشرقي؛ وحتى دير شرق مدينة دير الزور، مروراً بالسخنة وكباجب والشولا، والتي تمتد على مسافة تزيد على تقارب 270 كيلومتراً.
وشهد يوم أمس، تواصلاً للمعارك على طول خطوط التماس مع التنظيم في محيط الطريق بين السخنة ودير الزور. وبينما عزز الجيش نقاطه في محيط كباجب والسخنة والشولا، مدعوماً بغارات جوية كثيفة ومتواصلة من قبل سلاحي الجو الروسي والسوري، شهدت المنطقة الواقعة بين كباجب والسخنة خروقات متكررة من قبل «داعش»، وتحديداً في محيط مفرق بلدة الطيبة الموصل إلى شمال شرق السخنة. وكان لافتاً أن التنظيم منذ بداية «غزوته» المستمرة، حاول تعظيم مكاسبه في الميدان عبر حملة واسعة في وسائل التواصل الاجتماعي. وبرغم ادعاءاته المتكررة السيطرة على أحياء من السخنة وعلى كامل محطة «T3»، فإن الجيش في تلك المنطقة استعاد كامل النقاط التي خسرها لحساب التنظيم خلال أول يومين من الهجمات. وتمكّن في الوقت نفسه من تحقيق تقدم لافت في محيط بلدة حميمة الشمالي، شمالاً باتجاه ريف الميادين الجنوبي. أما في القريتين، فلا يزال التنظيم يسيطر على البلدة وعلى عدد من النقاط في محيطها الشرقي والجنوبي، مع خسارته معظم المواقع غربها وخاصة في منطقة المزارع القريبة. وتشير المعطيات الميدانية إلى أن الجيش سوف يعمد إلى استنزاف مسلحي التنظيم داخل البلدة، ولا سيما مع تعزيز نقاطه في محيطها، وعلى الطرق الموصلة إليها، لمنع أي تسلل محتمل لعدد من «الانغماسيين» عبر الأراضي الصحراوية المجاورة لها.
وعلى عكس الحالة الدفاعية التي يتخذها الجيش على طول طريق تدمر ــ دير الزور، فقد تابعت وحداته التقدم شرق منطقة الثردة ومحيط المطار العسكري، انطلاقاً من محيط مزارع المريعية. وتركز تحرك القوات في محاذاة الطريق الرئيسي من دير الزور نحو مدينة الميادين، جنوب مزرعة بو عَمر، وصولاً إلى محيط بلدة بقرص فوقاني شمال غرب الميادين. وبينما وضع التقدم الأخير الجيش على بعد أقل من 25 كيلومتراً عن أطراف مدينة الميادين، تشير المعطيات إلى أن الجيش قد يتحرك من مواقعه الأخيرة نحو الضفة المقابلة (الغربية) لبلدة البصيرة الواقعة شرق الفرات، والتي تبعد قرابة 14 كيلومتراً فقط. ومن شأن نجاح أي تحرك مماثل قطع الطريق على «داعش» في المنطقة المحيطة ببلدة موحسن، وعزله عن باقي بلدات وادي الفرات. وتزامن تحرك الجيش مع غارات جوية كثيفة طاولت بلدات موحسن وطيبة شامية وبقرص تحتاني وبقرص فوقاني، إلى جانب مواقع ضمن مدينة الميادين.
وعلى الضفة الأخرى من نهر الفرات، تواصل «قوات سوريا الديموقراطية» تقدمها على حساب «داعش» في عدد من المواقع المهمة على طول وادي نهر الخابور. وبعد سيطرتها على حقل الجفرة النفطي، شرق حقل الطابية وكونيكو، وسّعت «قسد» محيط سيطرتها جنوب بلدة الصور، عبر دخولها 3 مزارع على امتداد الخابور جنوباً. كذلك، وصلت وحداتها إلى المحيط الغربي والجنوبي الغربي لبلدة مركدة، مع توقعات بقرب العمليات التي تستهدف السيطرة على البلدة. ويبدو أن «قسد» سوف تركز على محورين رئيسين على امتداد النهر، لإغلاق جيبين شمالي وجنوبي، الأول بين مركدة والصور والثاني بين حقل الجفرة والصور.
وبعيداً عن جبهات دير الزور، يتابع الجيش وحلفاؤه تحركهم ضد «داعش» في ريفي حمص وحماة الشرقيين، حيث تمكنوا من السيطرة على قريتي رسم العبد ورسم العبايكة في ريف حماة، وعلى قرى القاسمية الشمالية وربيعة و مغيزيل، شمال شرق جب الجراح في ريف حمص.
وعلى امتداد الحدود الأردنية في بادية ريف دمشق، وسّع الجيش وحلفاؤه مناطق سيطرتهم، وصولاً إلى مواقع رجم الحدلة ورجم بكر وخبرة بكر وخبرة رديفي، مستعيدين كذلك 5 مخافر حدودية (من 186 حتى 190). ويضع التقدم الأخير الجيش على حدود محافظة حمص الإدارية قرب الحدود الأردنية. ومن اللافت أن كيلومترات قليلة باتت تفصل القوات المتقدمة عن حدود منطقة «منع التصادم» التي تفرضها القوات الأميركية في محيط قاعدة التنف، والمقدرة بحدود 55 كيلومتراً. وهو ما قد يفتح المجال أمام توتر جديد تشهده منطقة الحدود، ولا سيما أن الجيش وصل إلى بعد نحو 30 كيلومتراً عن نقاط عسكرية أميركية منتشرة في محيط مخيم الركبان الغربي، قرب الحدود.