تسير المصالحة بين حركتي «فتح» و«حماس» ببطء. لم ترفع الحكومة الفلسطينية التي عقدت أول اجتماع لها في غزة منذ ٢٠١٤، العقوبات التي فرضها رئيس السلطة محمود عباس عن القطاع وسكانه، وذلك في انتظار ما سيصدر عن الاجتماعات التي سيعقدها الفصيلان في مصر الأسبوع المقبل

اتفقت حركتا «فتح» و«حماس» على تأجيل النقاش في تفاصيل الملفات الإشكالية إلى حين التوجه إلى القاهرة مطلع الأسبوع المقبل. تشرف على الاجتماعات في مصر المخابرات المصرية، وذلك للمساهمة في حل تعقيدات الملفات العالقة، وهي: الموظفون والأمن وسلاح المقاومة.

أول الملفات التي ستبحثها الحركتان في القاهرة الثلاثاء المقبل هو دمج الموظفين، إذ شكلت لجان إدارية وفنية لكل وزارة، ويرأس تلك اللجان نائب رئيس الحكومة زياد أبو عمرو.
وبحسب المصادر، أكدت «حماس» حرصها على إتمام المصالحة، إلا أنها أصرت على تسوية ملف الموظفين الذين عيّنتهم عام ٢٠٠٧، ويبلغ عددهم تقريباً ٣٨ ألف موظف. وقالت مصادر حكومية إنّ الحركة «وافقت على أن تكون مصر ضامناً لحلّ أزمة الموظفين». وأضافت المصادر أن «حماس وفتح ستضعان مقترحاتهما بشأن عملية دمج الموظفين لدى الوسيط المصري، ليضع بدوره الآليات توافقياً مع الطرفين، بما يضمن توفير رواتب كافة العاملين».
ومن المتوقع إدراج أسماء موظفي «حماس» في صندق خاص منفصل عن صندوق وزارة المالية الذي يتلقى موظفو السلطة رواتبهم منه، وسيكون هذا الصندوق ممولاً بنحو كامل من «الرباعية الدولية» وتحت إشرافها.
وخلال البحث في آلية استيعاب الموظفين، طُرحت اقتراحات عدة، منها توظيف بعض الموظفين وإحالة آخرين على لتقاعد وإدراج جزء ضمن ميزانية الشؤون الاجتماعية. أما الموظفون المحسوبون على الشرطة والدفاع المدني، فسيُحال الذين بلغوا 45 عاماً على التقاعد، فيما بقيت أجهزة «الأمن الداخلي والوطني والمخابرات» في غزة حجرة عثرة في عملية الدمج، إذ ترفض «فتح» إشراكهم في مؤسسات السلطة، وهو ما سيُناقَش الأسبوع المقبل بحضور الاستخبارات المصرية.
في موازاة ذلك، سيواجه المجتمعون عائقاً آخر، هو حظر «الرباعية الدولية» الرواتب عن ٢٠٠ موظف تقريباً، «بدعوى ارتباطهم بالعمل المقاوم». وقالت مصادر مقربة من الحكومة إن «حماس ستنظر في ملفاتهم، وقد يُدمَجون خارج الإطار الحكومي».
وبعد الانتهاء من لقاءات القاهرة، ستعود الحكومة ثانية إلى القطاع لتنفيذ التفاهمات بخصوص عملية الدمج في الوزارات المدنية، والبدء بتسلّم المعابر، التي سيمسكها موظفون مستنكفون مع بعض الذين عيّنتهم «حماس»، على أن يتولى تأمينها حرس الرئاسة في غزة.
أما بالنسبة إلى السلاح الذي أصرّ رئيس السلطة محمود عباس على توحيده، فأشارت مصادر متابعة للنقاشات إلى أن المقترح «الفتحاوي» لحل هذه المعضلة هو أن تضمن مصر عدم استخدام «حماس»، سلاح المقاومة في أي ملف داخلي.
وتصرّ السلطة على أن تكون شريكاً بقرار الحرب والسلم، بحيث لا تتفرد «حماس» بأي قرار مواجهة، «حتى في حال اغتيال أحد قادتها، ففي هذه اللحظة سيكون القرار موحداً سواء بالرد أو تأجيله»، وبذلك تضمن الحركة بقاء حالة هدنة، لكون «فتح» لا ترغب في خوض حروب متكررة مع إسرائيل.
أما قرار السلم والمفاوضات، فقد رهنته السلطة بدخول «حماس» إلى «منظمة التحرير الفلسطينية» ومشاركتها في «المجلس الوطني» و«اللجنة التنفيذية»، حينها سيكون لها الحق في مناقشة السير في المفاوضات السلمية أو من عدمه.

وتشير المصادر الحكومية إلى أن توجه «فتح» هو توسيع حكومة رامي الحمدالله الحالية، وتعديل في خمس وزارات، وعدم تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة، وذلك لتجنب الإشكاليات القائمة حول شروط «الرباعية الدولية» (رفض العنف، والاعتراف بإسرائيل)، التي طالبت بالالتزام فيها عند تشكيل أي حكومة جديدة. وأكدت المصادر أن برنامج «منظمة التحرير»، سيبقى البرنامج السياسي لأي حكومة.
في هذا الوقت يلتزم القيادي المفصول من حركة «فتح» محمد دحلان الصمت تجاه المصالحة. وكان عباس قد اعترض على أي دور لدحلان في ما يتعلق بملف المصالحة، وقالت المصادر إن «أبو مازن» «سيطالب بإعادة تشكيل لجان المصالحة المجتمعية التي شكلت، بما يضمن استثناء دحلان منها».
في سياق متصل، التقى رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية، مع رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية، الوزير خالد فوزي، الذي وصل إلى قطاع غزة، أمس. وقال هنية، خلال اللقاء، إن «الموقف المصري لم يكن نظرياً ولا من باب تسجيل الموقف سياسياً، بل ناقشوا معنا كل التفاصيل ودخلوا معنا في كل الزوايا، وفكّرنا معاً في كيفية اختيار النقلة النوعية المطلوبة لهذه المرحلة».
وأوضح هنية أن حركته بدأت «خطوة مهمة على صعيد إنهاء الانقسام من العاصمة المصرية، بدءاً من حل اللجنة الإدارية ووصول الحكومة إلى القطاع، إلى إجراء الانتخابات الفلسطينية». بدوره، قال فوزي: «نتوجه بالشكر للسلطة الفلسطينية وحماس لإنجازهما في ملف المصالحة الوطنية».
إلى ذلك، تسلّم وزراء في حكومة «الوفاق»، مهماتهم الحكومية عقب انتهاء الحكومة من جلستها الأسبوعية التي عقدتها في غزة لأول مرة منذ تشكيلها منتصف عام ٢٠١٤. وعقدت حكومة التوافق صباح أمس اجتماعها الأسبوعي في قطاع غزة. وترأس الجلسة الحمدالله، الذي قال: «الحكومة عازمة على تولي مسؤولياتها كافة في القطاع دون انتقاص، وسنحل كافة القضايا العالقة بالتوافق مع كافة الفصائل الفلسطينية».
من جهتها، ربطت الحكومة تسلّم مهمات عملها ورفع الإجراءات العقابية التي اتخذتها ضد سكان قطاع غزة، بنتائج جلسات المباحثات بين حركتي «فتح» و«حماس»، المقرر عقدها في القاهرة.
وقال الناطق باسم الحكومة الفلسطينية، يوسف المحمود، في ختام جلسة أمس، إن «الحكومة ستنظر في رفع الإجراءات التي اتخذتها في غزة، كتقليص رواتب الموظفين وتخفيف إمدادات الكهرباء، في أعقاب تلك المحادثات». وقال: «سيقرر بعد لقاء القاهرة بين حركتي فتح وحماس بشأن الإجراءات التي اتخذت في غزة، والقضايا العالقة».
وطالب مجلس الوزراء، المجتمع الدولي، ببذل جهوده لرفع الحصار الجائر عن قطاع غزة، وأضاف: «ثمنت الحكومة استجابة «حماس» لمبادرة الرئيس عباس لإنهاء الانقسام، المتمثلة بحل اللجنة الإدارية وتمكين حكومة الوفاق من تسلّم مسؤولياتها والموافقة على إجراء الانتخابات». من جهتها، قالت «حماس»، إنها كانت تأمل اتخاذ الحكومة قراراً برفع «الإجراءات العقابية».

المصدر: الأخبار