القوات العراقية تستعيد قضاء الحويجة

الحديث عن تداعيات استفتاء انفصال «إقليم كردستان» عن العراق لم ينتهِ بعد، خاصّةً أن ملامح عودة أربيل إلى طاولة الحوار مع بغداد لم تتضح، مع تأكيد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، إلغاء نتائج الاستفتاء والتزام حكومة «الإقليم» الدستور كشرطين أساسيين لـ«العودة إلى طاولة المفاوضات».

تشريع باب الحوار مع الحكومة الاتحادية بات عرضاً مغرياً لرئيس «الإقليم» مسعود البرزاني، الذي يعيش حالةً من الحصار السياسي العراقي ــ الإقليمي، واستكمله عددٌ من داعميه الدوليين الرافضين لخطوته الانفصالية، إلا أن الزعيم الكردي بات في موقفٍ يصعب التراجع عنه، وفق مصادر دبلوماسية أشارت في حديثها إلى «الأخبار» إلى أن «البرزاني لا يزال متمسّكاً بقراره الرافض للتراجع عن نتائج الاستفتاء، رغم أمله بعودة الحوار، وفكّ عزلة الإقليم التي وقع فيها».
وشدّد السفير الأميركي في العراق دوغلاس سيليمان، على أن بلاده «لا تدعم الاستفتاء الذي أُجري في إقليم كردستان»، مبيناً أن واشنطن «ملتزمة مع الحكومة العراقية اتفاقية استراتيجية». ونصح سيليمان خلال مؤتمر صحافي له في مدينة البصرة جميع الأطراف بـ«ضبط النفس»، لافتاً إلى «وجود طريق آخر يمكن اتباعه». وأضاف أن «الأولوية هي محاربة تنظيم داعش، وأن واشنطن تعمل على دعم جميع المحافظات في المستقبل».
وفيما تبدي واشنطن موقفاً علنياً «رافضاً» للاستفتاء، رغم دعمها الضمني له، أكّدت موسكو على لسان رئيسها فلاديمير بوتين أنها «لن تتدخل في الأزمة بين الحكومة العراقية وإقليم كردستان»، داعيةً الطرفين إلى «التهدئة والبدء بالحوار». وقال بوتين إننا «لن نتدخل في الأزمة بين بغداد وأربيل حول كردستان، ومواقفنا تصب في مصلحة الحد من زيادة اشتعال الأزمة».
وتأتي مواقف بوتين بناءً على رؤيته للأزمة من جانبها الاقتصادي، باعتبار أنه «ليس من حق أحد قطع إمدادات الغاز من الإقليم، لأن وقف الغاز سيؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط، وهذا ليس لمصلحة أحد».

أما المتحدث باسم حكومة «الإقليم» سفين دزيي، فقال إن «إجراء الاستفتاء ليس مخالفاً للدستور العراقي، لأنه لا يمنع إجراء الاستفتاء»، لافتاً إلى أن «إلغاء نتائجه ليس أمراً هيناً كما تعتقد بغداد، فهي إرادة الشعب الكردستاني ولم يعد الأمر بيد حكومة الإقليم، أو أي أطراف سياسية كردستانية أخرى». ويدلُّ موقف حكومة «الإقليم» على تشبّث كردي بنتائج الاستفتاء، بالرغم من المعطيات المحلية ــ الإقليمية، التي تذهب إلى حدّ إمكانية وقوع مواجهة مسلّحة مع «البيشمركة»، التي تحتشد في قضاء كركوك، وفق معلومات «الأخبار»، إلا أن أربيل ترى أن قواتها العاملة في المناطق المتنازع عليها تواصل المهمات المنوط بها، من حماية المواطنين دون أي تفرقة بين المكونات.
إصرار أربيل وتمسّكها بخطوة الانفصال، قد يكون متناقضاً مع رسائل كانت قد وجهتها إلى بغداد ــ البعيدة عن الأضواء، إذ كشفت النائبة في «التحالف الوطني» عواطف نعمة عن «وجود توجه لدى الإقليم إلى إلغاء الاستفتاء والتوجّه إلى بغداد من أجل الحوار وفق الدستور»، لافتةً إلى أن «الخيار العسكري ليس مطروحاً بشكل قوي ضد الإقليم، لكن هناك قرارات اقتصادية ومالية مهمة ستتخذها الحكومة الاتحادية، ستجبر الإقليم على التراجع عن الاستفتاء والتوجه إلى بغداد، من أجل الحوار ورفع العقوبات».
ميدانياً، أعلن قائد عمليات «تحرير الحويجة» الفريق الركن عبد الأمير رشيد يارالله، إتمام القوات الأمنية و«الحشد الشعبي» الجزء الثاني من المرحلة الثانية من العملية العسكرية الجارية، وذلك باستعادتها كامل مركز قضاء الحويجة، عقب اقتحامه والمباشرة بعمليات تطهيره من محاور عدّة. وتمكّنت القوات من فرض سيطرتها على كامل سلسلة جبال مكحول، ومنطقة الحراريات، والضفة الغربية لجسر الفتحة غربي نهر دجلة. وبحسب بيان «المنجز العملياتي»، بلغ عدد القرى المحرّرة 98 قرية، إضافةً إلى السيطرة على ناحية الرشاد ومطار الرشاد، وطريق تكريت – كركوك، لتكون المساحة المستعادة نحو 2400 كيلومتر مربع. وأدت المواجهات التي كان بعضها عنيفاً ضد مسلحي تنظيم «داعش» إلى مقتل 196 عنصراً، في وقتٍ تواصل فيه القوات إحكامها الطوق حول ناحية الرياض جنوب شرقي الحويجة، من محاور عدّة.

المصدر: الأخبار