قد يظن البعض أن اندفاع السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله – وايمانه بالله وقدرة الشعوب على انتزاع النصر هي التي تصيغ كلماته القوية وتهديده الرادع للعدو ، لاشك أن هذه العوامل تلعب دورا في خطاب السيد حسن نصر الله ، لكن الذي يقف عند هذا الحد يقع في خطأ كبير .

فمايقوله القائد الملهم حسن نصر الله هو نتاج معرفة دقيقة وتحليل علمي لكم هائل من المعلومات التي يمكن أن يستند لها ليكون متأكدا من أن كل موقف يعبر عنه وكل توقع يتنبأ به دقيق ، ولايبتعد كثيرا أو قليلا عن جوهر المسائل .

ونحن هنا في فلسطين نتعرض يوميا للاضطهاد العنصري الصهيوني ، وبطش قواته وظلم قياداته ، ونعلم بالملموس مايتخبط به قادة اسرائيل ، وما يعتصر بطون المستوطنين ومايقلق بقية الاسرائيليين ، ونعلم ايضا اسباب اندفاع نتنياهو وحكومته وقيادته العسكرية لمزيد من التطرف واستعجال الخطوات التي تكشف للعاديين من الناس طبيعة مايخططون له وماينفذونه ومايحلمون بتحقيقه في الشرق الأوسط . وكذلك يعلم السيد حسن نصر الله .

لن نتناول كل ماجاء في خطاب السيد حسن نصرالله في ” عاشوراء ” ، بل سنتناول بعضا مماقاله وذلك لعمق معرفة هذا القائد بالواقع الذي نعيش وبمخططات العدو وتيقنه مما علينا أن نفعل وكيفية التصدي لهذه المخططات .

لقد وجه السيد حسن نصرالله كلامه أكثر من مرة الى حكومة العدو والى رئيسها نتنياهو وقيادته العسكرية والاستخباراتية ، وبعدها وجه رسائل للاسرائيليين كافة .

خاطب نتنياهو وحكومته والقيادة الصهيونية العسكرية بقوله لهم : ” أنتم لاتعرفون ان شننتم الحرب كيف ستكون هذه الحرب وفي أي ميدان ومن سيشارك فيها والى متى ستدوم ؟؟؟” . اشئلة في غاية الأهمية لأنها تتصل ببنود الزامية في أي تقرير تعده الاستخبارات الاسرائيلية دوريا لرئيس الحكومة حول احتمالات الحرب ومايحيط بها ان وقعت الآن .

من ناحية يوحي السيد نصر الله للحكومة الاسرائيلية ولنتياهو بالذات أن المعلومات التي سربت لحزب الله حول تقرير الاستخبارات هي معلومات صحيحة ، وعليها حدد السيد حسن نصرالله وقوعهم في مطب التقديرات غير الصحيحة والمعلومات غير الدقيقة ، ليس هذا فحسب ، بل أضاف لذلك تهديده بأن كامل أرض فلسطين من الناقورة لايلات لن يكون فيها مكان آمن وستحرم من خدمات أساسية منها الكهرباء والماء ..الخ .

ومن الشائع في اسرائيل أن نصرالله العدو المرعب لايكذب !!! ، بل يفعل مايقول !! ، وهذا يجعل من كلام السيد نصرالله عن ضحالة معلومات نتنياهو واستخباراته وعن قدرة محور المقاومة على شل اسرائيل كلاما مرعبا لكل الاسرائيليين العنصريين والمستعمرين والطغاة ، وزاد كلام السيد نصرالله هذا الاسرائيليين قلقا وشعورا بالاحباط ، ونقول زاد لأن الاحباط والقلق أصابهم مع بدء تحقيق الانتصارات على أدوات الاستعمارين الاميركي والصهيوني في لبنان وسوريا والعراق .

جاءت كلمات  السيد نصرالله لتسرع تفاقم هذا الشعور الذي تحاول الحكومة الصهيونية العنصرية والقيادتان الأمنية والعسكرية في اسرائيل التخفيف منه بمزيد من قرارات التطرف واجراءات البطش خاصة فبي القدس وحولها .

يحاولن علاج هذا بدواء مسكن من نوع زيادة وتيرة التمدد الاستيطاني ومصادرة أملاك الفلسطينيين وتهجيرهم قسرا من بيوتهم وأملاكهم ، واصدار قوانين خلاصتها أن الضفة الغربية هي ارض اسرائيلية ” يهودا والسامرة ” ، وان الفلسطينيين يقيمون فيها بموافقة اسياد الارض الاسرائيليين الذين يحق لهم طرد الفلسطينيين ومصادرة أملاكهم متى شاء المستعمرون الصهاينة ، كذلك تحاول الحكومة الاسرائيلية رفع معنويات الاسرائيليين باظهار استفتاء كردستان وكأنه اقامة دولة اسرائيلية ثانية في منابع النفط العراقية ، وهذا يدغدغ عند الاسرائيليين الرغبة بالثراء فهم الآن يسيطرون على نفط وغاز فلسطين ولبنان وسيسيطرون على نفط كردستان العراقي ، ويحيطون هذه المحاولات البائسة بتصريحات يطلعها بعض الوزراء مثل كاتس حين يقول : ” سوف نعيد لبنان للعصر الحجري ” ، ويتابع السيد نصرالله متابعة العالم بتفاصيل نقاشات وحوارات الاسرائيليين القلقة والبعيدة عن الاطمئنان والبعيدة عن الشعور بالأمان وغير الواثقة من قدرات ” الجيش الذي لايقهر ” ، يتابع بتوجيه المطرقة نحو المفصل العام ” عودوا للبلاد التي جئتم منها ” ،هذا مادعا السيد نصر الله الاسرائيليين اليه ، انه كلام القوي الذي يعرف مدى النقاش الذي يدور في اسرائيل حول ذلك ، وهذه تدخلنا في شرح شكل من اشكال الصراع الداخلي في اسرائيل ، فقد اصبح شائعا تعبير ” انت اسرائيلي أو مستوطن ؟ ” .

الاسرائيليون ” اضافة لكل التفرقة لعوامل اخرى ” يفرقون بعضهم بين اسرائيلي ومستوطن ، ويتهم الاسرائيليون المستوكنين بأنهم سبب البلاء وعدم الاستقرار والقلق والحروب !!! ، سوف تلعب دعوة السيد نصرالله الاسرائيليين للعودة الى البلاد التي جاءوا منها دورا كبيرا في هجرة مضادة ، الدوائر الاسرائيلية الرسمية لاتتصرف ازاء الكلام الهام هذا بلا مبالاة .

وكانت اولى الخطوات التي تقرر ان تبدأ بها الدوائر الاسرائيلية الاستخباراتية هي البحث عن النواقص ، ومن الطبيعي أن ننتبه هنا ، كما ننتبه دائما : من أن الحكومة الاسرائيلية التي تصعد من عنصريتها وبطشها سوف تدفع بقوة أكبر للتجسس على حزب الله وقوى المقاومة لهدفين ، الهدف الأول : معرفة انواع وكميات ومخازن الاسلحة والصواريخ التي يملكها حزب الله والمقاومة .

والهدف الثاني هو ملاحقة قيادات حزب الله وتحديدا السيد نصرالله ، واضيف للائحتهم احد القادة الميدانيين الذي ظهر على التليفزيون ابو مصطفى ، والذي كلفت أجهزتهم في سوريا متابعته كما تابعت اجهزتهم في سوريا ” وحلفاؤهم ” الشهيد مغنية .

لاشك أن قيادة محور المقاومة تعلم لكن- ذكر ان نفعت الذكرى –انهم يخططون الآن لاستهدافمواقع ومخازن الصواريخ ويخططون لانزال ضربات بالقوات الايرانية ، وهذا ليس سرا ، انني أعيد أمامكم ما قاله نتنياهو علنا ، نتنياهو هو شخصية هشة من الداخل وتحاول ان تغطي هذاه الهشاشة باتخاذ قرارات متطرفة وعنيفة وقراراتتوسعية تحافظ على قدرته على التأثير في أصوات الناخبين ، لكنه سيهبط هبوطا شنيعا عندما يرتكب أول خطأ نتيجة محاولته تغطية هذه الهشاشة والجبن الداخلي بمظهر القوي والمتعجرف .

ان لم تصدقوني اسألوا عائلته : لماذا كان والده وكانت والدته يرفضان الكلام معه وقاطعاه عندما تحول الى اميركي فقط ورفض العمل العسكري ولماذا كانا يفضلان جوناثان ” اخاه الذي قتل في عينتيبه” عليه ؟

عندما انتخب بنيامين نتنياهو رئيسا للوزراء اول مرة – أصدرت كتابي عنه ” نتنياهو : الصعود والهبوط ” ، ومازلت  عند الرأي الذي نشرته في كتابي ذاك . لقد كان أثناء وجوده في الولايات المتحدة كأميركي ، الشاب المدلل لدى العائلات اليهودية الاميركية الثرية ، فقد كان طليق اللسان كأي موزع بضائع أومسوق لمسحوق غسيل . واستخدم هذا ومازال يعوم في بحر اموالهم بشكل عائلي وخاص !! لكن للدلال نهاية .

سوف يتخلون عنه عندما يرونالويلات التي جلبها لليهود بسبب العنصرية والتطرف والبطش وقتل الأطفال ، وهذه أهمية قول السيد حسن نصرالله للاسرائيليين لا تدعوه يستخدمكم حطب محرقة لاذكاء نار مجده الشخصي .

بسام ابو شريف

المصدر: رأي اليوم