بلغة حاسمة وحازمة، كرّر الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، في خطابات عاشوراء وأمس، أنّ قرار المواجهة الشاملة مع «داعش» في سوريا قرار نافذ ولا عودة عنه، شارحاً أهمية عدم التوقف عند أي اعتبار، لأن المعركة لا تنتهي إلا بالإجهاز على التنظيم.
وقبل أيام، كان القادة الميدانيون في العراق يتبادلون النقاش مع قائد «فيلق القدس» في الحرس الثورة الإيراني الجنرال قاسم سليماني، إذ أكد الأخير ضرورة إنجاز معركة تطهير جانبي الحدود العراقية ــ السورية من «داعش»، وعدم الركون إلى أيّ وعود من جانب الأميركيين أو عواصم إقليمية أخرى.

على الأرض، استغل «داعش» بعض الثغر في جبهة البادية – دير الزور لأجل القيام بعمليات خاطفة، منطلقاً من الميادين وجوارها، ونجح خلال خمسة أيام في توجيه ضربات قاسية إلى الجيش السوري وحلفائه في حزب الله، قبل أن يستعيد هؤلاء المبادرة والعمل على إبعاد التنظيم. لكن القرار يشمل أيضاً بدء توفير مستلزمات معركة قاسية متوقعة خلال الفترة الفاصلة عن نهاية هذه السنة، بعنوان تطهير كامل الشرق السوري، بجانبيه الشمالي والجنوبي، على أن يحصل ذلك بالتعاون مع حملة عسكرية مقررة من الجانب العراقي.
قبل ثلاثة أسابيع، نُفّذت عملية عسكرية كبيرة من الجانب العراقي باتجاه منطقة الحدود في محلة تسمى عكاشات، وهي متاخمة للحدود السورية، وتم خلالها إطالة الشريط الحدودي المحرر من الحدود بنحو ثمانين كلم، كما جرى تحرير نحو ستة آلاف كلم مربع. وكان من نتائج هذه العملية إجهاض عقد ضخم كان الأميركيون يريدون من حكومة بغداد توقيعه مع «شركة أمنية أميركية خاصة» لحماية الطريق بين الرمادي والرطبة وطريبيل (المنفذ الحدودي مع الأردن).

من الناحية العملية، يوجد في المقطع الحدودي العراقي اليوم منطقة القائم ومحيطها، وما هو حاصل اليوم في المنطقة مجرد إجراءات تثبيت من قبل القوات العراقية، وليس هناك وضعية مبادرة هجومية. واللافت هنا أن قيادات عسكرية أبلغت رئيس الحكومة حيدر العبادي ضرورة زيادة الضغط على «داعش» في منطقة القائم، في ظل الاندفاعة السورية نحو البوكمال.
إضافة إلى القائم، سيبقى «داعش» منتشراً في صحراء الأنبار وصحراء الصينية (جنوب الموصل). لكن المصادر العسكرية الميدانية تقول إنّ هذه المنطقة الصحراوية لا تحتاج إلى عمليات عسكرية كبيرة لأجل تحريريها، بل إلى «دوريات تطهير»، باعتبار أن الأرض مكشوفة ولا وجود لمدن أو بلدات تصلح للاختباء أو التحصن.
يبقى أن القرار النهائي بهذا الشأن سيبقى في يد العبادي الذي لم يقل كلمته بعد. وهو ضابط الإيقاع الأساسي والآمر الناهي، ويمارس صلاحياته كقائد أعلى للقوات المسلحة، وقرارات الإنفاق والتمويل بيده، وقد ضاقت هوامش الآخرين، بعدما استقر الوضع الأمني والسياسي.
والحذرون من قرارات العبادي يسألون دوماً عن كيفية تعامله مع واشنطن، حيث تقوم القوات الأميركية بعملية مراقبة جوية دائمة للمناطق الحدودية، سيما أن الجيش الأميركي يعرف أن الحدود صارت مفتوحة فعلياً الآن بين الجانبين السوري والعراقي، وليس معلوماً كيف سيتصرف الأميركيون أو غيرهم إذا ما صارت هناك حركة نقل مكثفة، مع العلم بأن الوجود الاميركي في العراق أصبح متجاوزاً منطقة الأنبار، ويوجد عدد غير قليل من القواعد العسكرية على امتداد النصف الشمالي من البلد. فإضافة إلى الحبانية وعين الأسد في الأنبار، توجد قواعد في «بلد» في صلاح الدين والقيارة، فضلاً عن القواعد في المناطق الكردية في أربيل والسليمانية وقاعدة، «H3» جنوب صحراء الأنبار.

المصدر: ابراهيم الأمين - الأخبار