تركيا تهدي «الحكومة المؤقتة» معبراً
تحاول أنقرة إعداد خطواتها ضمن منطقة «تخفيف التصعيد» في محيط إدلب، بهدوء، منطلقة من حاجتها إلى الضغط على الأكراد في عفرين وعلى واشنطن التي تدعمهم، كما تعمل على خلق نفوذ لهيكل «الحكومة المؤقتة» في مناطق «درع الفرات»، تظهّر أمس من خلال رعايتها لتسليم إدارة معبر «باب السلامة» إلى تلك «الحكومة»
بعد دخول العملية التركية في منطقة إدلب ومحيطها حيّز التنفيذ، بدت خطوات أنقرة «البطيئة» هناك تنتظر تبلور ردود الفعل الأوّلية تجاهها، لتحديد كيفية تطور تدخلها الجديد في الشمال السوري. وبقيت جولة «الاستطلاع» الأولية التي أجرتها قوة تركية في محيط دارة عزّة الحدث الأبرز على الأرض، كذلك التعزيزات الواردة إلى المنطقة الحدودية.
ومع تعاظم الأزمة التركية ــ الأميركية التي تظهّرت في قضية وقف منح التأشيرات بين البلدين (راجع الصفحة 16)، انعكس جوّ التوتر بدوره على حراك أنقرة ضمن إطار «تخفيف التصعيد» في إدلب. وربط معظم وسائل الإعلام التركية الإجراءات «العدائية» الأميركية بإطلاق أنشطة الجيش التركي مجدداً (بعد درع الفرات) في سوريا. وذهب عدد من كبار المسؤولين الأتراك إلى التشديد على ارتباط العمليات هناك بأمن البلاد القومي، وتجديد المطالبة بوقف الدعم الأميركي لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية في سوريا.
وجاء أبرز التصريحات على لسان رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، الذي طالب بتخلّي واشنطن عن حماية «الوحدات» الكردية وتنظيم «ب ي د» (حزب الاتحاد الديموقراطي).
ورأى خلال كلمة له أمام الكتلة البرلمانية لحزبه (العدالة والتنمية)، في أنقرة، أن «العمل (عمل الولايات المتحدة الأميركية) مع أعدائنا، لا يليق بالتحالف القائم بيننا؛ فالتحالف يعني أن نكون معاً في الأيام الجميلة والأوقات الصعبة أيضاً». وقال إن بلاده لا يمكنها إهمال التطورات على حدودها الجنوبية (في سوريا والعراق) و«الاكتفاء بمشاهدة النيران عن بعد». الحديث التركي الذي يوضح إحدى أهم أولويات العمليات في محيط إدلب، وهي حصار عفرين وتحجيم نشاط القوى الكردية فيها، يتفق مع ما تتناقله الأوساط المعارضة عن وجود خطط جاهزة للانتشار التركي في محيط منطقة عفرين الجنوبي، تستخدم فيها تركيا منطقة جبل الشيخ بركات (غرب بلدة دارة عزة)، المطل على كامل ريف حلب الغربي وصولاً إلى معبر باب الهوى، كقاعدة رئيسة لإدارة عمل نقاط انتشار قواتها هناك. وضمن السياق نفسه، أوضح وزير الدفاع التركي نور الدين جانكلي، تعليقاً على الجدول الزمني المتوقع لنشاط قوات بلاده في إدلب ومحيطها، أن وجود تلك القوات «سوف ينتهي بانتهاء التهديدات الموجهة ضد تركيا».
وفيما لم يصدر أيّ مؤشر حاسم حول احتمال مشاركة فصائل «درع الفرات» في الانتشار إلى جانب القوات التركية، من عدمه، أعلنت عدة فصائل منضوية ضمن «غرفة عمليات حوار كلس» في ريف حلب الشمالي، أنها سوف تشارك في العمليات من منطقة إدلب، ضمن مسار اتفاق «تخفيف التصعيد» في أستانا. ونقلت مواقع معارضة تأكيدات من مصادر مطلعة على الخطط التركية قولها إن الفصائل التي سوف تشارك من مناطق «درع الفرات» سوف تكون محصورة بتشكيلات عاملة ضمن «فرقة السلطان مراد».
وبدا لافتاً في موازاة التحرك في إدلب تسلّم «الحكومة المؤقتة» لإدارة معبر باب السلامة الحدودي في ريف حلب الشمالي، بعدما كان يتبع إلى «الجبهة الشامية». الاتفاق الذي فرضته ورعته تركيا، من شأنه إعطاء «الحكومة المؤقتة» و«هيئة الأركان» الجديدة التي شكلتها دفعة مهمة لتعزيز حضورها في مناطق سيطرة «درع الفرات» ضمن ريف حلب الشمالي. فالمعبر الذي يحقق مدخولاً شهرياً كبيراً، يعطي «شرعية» محلية لعمل «الحكومة المؤقتة» ويخلق لها دوراً على الأرض، بعد غيابها على حساب الفصائل خلال السنوات السابقة. وخلال «مراسم» التسليم، أكد رئيس «الحكومة المؤقتة» جواد أبو حطب أن الهدف هو «تسلّم كافة معابر البلاد، وخاصة في الشمال».
وفي موازاة ما يجري في الشمال، تواصلت المعارك بين الجيش السوري وتنظيم «داعش» في محيط مدينتي الميادين ودير الزور. وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أن قواتها الجوية تساند الجيش في معاركة لطرد تنظيم «داعش» من أحد أهم معاقله في الميادين. واتهم المتحدث باسم الوزارة، إيغور كوناشينكوف، قوات «التحالف الدولي» بتخفيض غاراتها ضد «داعش» منذ بدء عمليات تحرير دير الزور، مؤكداً أن هناك محاولات لدفع مسلحي التنظيم من العراق نحو الأراضي السورية، ما يسبب «تعقيداً» في تحرك الجيش السوري وحلفائه. وفي حادثة غير مسبوقة، أعلنت وزارة الدفاع الروسية تحطم مقاتلة تابعة لها ومقتل طاقمها أثناء محاولة الإقلاع من قاعدة حميميم الجوية، في محافظة اللاذقية، موضحة أن «عطلاً فنياً قد يكون تسبب في تحطّمها».