الزخم الأميركي ضد المقاومة لا يتوقف. يوماً بعد آخر يتّضح حجم الرهانات الأميركية ــ الإسرائيلية ــ السعودية التي أسقطها محور المقاومة في سوريا. ويوماً بعد آخر، ينكشف قدر التناغم بين واشنطن وتل أبيب والرياض. يهدد حكام السعودية اللبنانيين عبر تخييرهم بين الوقوف في وجه حزب الله، أو تحمّل تبعات الوقوف إلى جانبه، تزامناً مع تهديد علني أطلقه مسؤولون في حكومة العدو الإسرائيلي، آخرهم وزير الأمن أفيغدور ليبرمان أمس، الذي وضع الجيش اللبناني وكافة مؤسسات الدولة في دائرة الاستهداف الإسرائيلي. وأمس أيضاً، خرج ضابط إيقاع الهجوم على المقاومة، المتمثل بالإدارة الأميركية، ليدعو الدول التي لم تشارك في «حصار حزب الله» إلى «تبنّي سياسات التضييق عليه». وزارة الخارجية الأميركية، وعلى لسان منسّقها لشؤون مكافحة الإرهاب، نيثان سيلز، كانت تخاطب الدول الأوروبية في الدرجة الاولى، من دون أن تسمّيها. فسيلز أكّد أنه لا يوجد فرق بين الجناحين العسكري والسياسي في الحزب. وهذا التفريق تمارسه تحديداً دول الاتحاد الأوروبي التي لا تزال ترفض إدراج «الجناح السياسي لحزب الله» على قوائم الإرهاب. وقال سيلز: «ندعوهم إلى تعزيز جهودهم ومساعدتنا في التصدي لهذا التهديد المشترك، وبالتحديد إلى الانضمام لمجموعة تنسيق القوى الأمنية الأميركية والأوروبية، وتتشكل من 25 دولة تحالفت لمواجهة هذا التهديد». وفي هذا السياق، كان دبلوماسيون أوروبيون قد أكّدوا لمسؤولين لبنانيين أن واشنطن تطالب الدول الأوروبية بالمشاركة في محاصرة حزب الله، على المستويين الاقتصادي والسياسي. المحور المعادي للمقاومة لم يعد قادراً على تحمّل تبعات فشله في السيطرة على سوريا والعراق كلام سيلز أتى أمس في سياق إعلان جائزة مالية قدرها 12 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات عن اثنين من قادة المقاومة في لبنان. وزعمت السلطات الأميركية أن القيادي الاول طلال حمية «مرتبط بعدة هجمات إرهابية، وعمليات خطف، استهدفت مواطنين أميركيين». أما الثاني، فؤاد شكر، فقال الأميركيون إنه «قيادي عسكري كبير في حزب الله بجنوب لبنان، وعضو في أرفع تشكيل عسكري في الحزب، وهو المجلس الجهادي». تزخيم الهجوم على حزب الله، أميركياً وإسرائيلياً وسعودياً، يقود إلى احتمالات كثيرة، أبرزها اثنان: الاحتمال الاول، أن المحور المعادي للمقاومة لم يعد قادراً على تحمّل تبعات فشله في السيطرة على سوريا والعراق، وأنه يجد نفسه مضطراً إلى خوض مغامرة عسكرية جديدة ضد المقاومة، قبل أن يزداد مستوى تعاظم قوتها. ولأجل ذلك، بدأ حملة واسعة النطاق لشيطنة المقاومة قبل الهجوم. لكن هذا الاحتمال يقابله احتمال يبدو أنه الأرجح؛ فالمحور المعادي للمقاومة بات يدرك جيداً حجم الدمار الذي سيلحق بكيان العدو، فيما لو ارتكب حماقة شنّ عدوان على لبنان. هذا الإدراك يجد له ترجمة واضحة في كلام قادة العدو، العسكريين والسياسيين والأمنيين. ولأن المقاومة «سمّكت» جدار الردع مع العدو، فإن الاحتمال الثاني يقضي بأن يلجأ محور أميركا ــ إسرائيل ــ الرياض إلى أساليب أخرى، للمواجهة. وأبرز تلك الأساليب: العقوبات الاقتصادية، وتفعيل الحرب الاستخبارية (الإعلان عن جوائز مالية لقاء معلومات عن قادة في المقاومة يأتي في هذا الإطار)، والسعي إلى خلخلة بيئة المقاومة، سواء من خلال استغلال المشكلات الاجتماعية، أو عبر إحداث فتن داخلية. في شتى الأحوال، المرحلة المقبلة لا تبشّر بالهدوء.