«التحالف» يقترب من «نصره» في الرقة
تشير المعطيات إلى أن الشرق السوري سيشهد مرحلة مختلفة من الصراع لإنهاء «داعش» والسيطرة على «تركته»، مع اقتراب «التحالف» الأميركي من السيطرة على الرقة، وتعزيز الجيش السوري وحلفائه نقاطهم بين الميادين ودير الزور، إلى جانب حصارهم «داعش» داخل أحياء الدير الشرقية
تقترب قوات «التحالف الدولي» من إعلان السيطرة الكاملة على مدينة الرقة، مع انكفاء عناصر «داعش» مع عدد غير معروف من المدنيين في جيب صغير يمتد من المستشفى الوطني حتى الملعب مروراً بجامع الفردوس، على مسافة أقل من كيلومتر واحد وبعمق لا يتجاوز مئتي متر. العملية العسكرية التي دخلت يومها الثالث ضمن مرحلتها الأخيرة، أسفرت أمس عن تثبيت «قوات سوريا الديموقراطية» لنقاطها في محيط دوار النعيم ومنطقة البنك العقاري.
وقد تتمكن تلك القوات اليوم، في حال استمر زخم عملياتها، من تقسيم الجيب الذي يسيطر عليه «داعش» إلى قطاعين منفصلين، الأول من جهة المستشفى الوطني والثاني من ناحية الملعب. وقالت المتحدثة باسم حملة «غضب الفرات» جيهان شيخ أحمد، أمس، إن قواتها «تخوض حالياً معارك هي الأقوى في الرقة»، مشيرة إلى أن «عناصر (داعش) المتبقين يقاومون»، كذلك فإن المواقع التي يسيطرون عليها «محصّنة ومزروعة بألغام كثيفة».
وبالتوازي مع «الانتصار» المرتقب لتلك القوات في الرقة، لا يبدو تنظيم «داعش» أحسن حالاً في محيط دير الزور والميادين، في مواجهة الجيش السوري وحلفائه؛ فقد تمكنت قوات الجيش من السيطرة على عدد من البلدات الواقعة إلى الشمال الغربي من مدينة الميادين، والتي كانت قد حوصرت خلال تقدم الجيش نحو أطراف المدينة الغربية. وأحكم الجيش سيطرته أمس على بلدتي بقرص فوقاني والزباري، وصولاً إلى أطراف بلدة سعلو والبوليل.
التقدم السريع لقوات الجيش كان مشابهاً لما حدث في ريف الدير الغربي، ولاحقاً الشرقي، حين تمكن من قضم مساحات واسعة من الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم، في ضوء تراجع «داعش» وعدم قدرته على المواجهة، وقد وضعه مقابل بلدة البصيرة، على الضفة المقابلة للفرات، والتي تتمتع بأهمية خاصة لكونها تقع على ملتقى نهري الفرات والخابور، وتعدّ مركزاً جيداً للتحرك نحو حقول النفط الواقعة على الضفة الشرقية للنهر. ومن المتوقع أن يستكمل الجيش قريباً السيطرة على باقي القرى الممتدة غرباً نحو أطراف المريعية، بما فيها البوليل وموحسن.
وفي محيط دير الزور القريب، تمكّن الجيش من التوسع على الضفة الشمالية للنهر، والسيطرة على بلدة الحسينية، انطلاقاً من مواقعه في محيط الصالحية. ويفتح التقدم الأخير احتمالات جديدة أمام تحركات الجيش ضمن أحياء المدينة، بعد إطباق الحصار على عناصر «داعش» المتمركزين في تلك الأحياء. ومن المتوقع أن يكثف الجيش الضغط على المسلحين هناك، ويعمل على قضم مساحات صغيرة من التجمعات السكنية، قبل تحرير كامل أحيائها. كذلك ينتظر أن ينحسر وجود التنظيم في عدد من البلدات الصغيرة المحصورة على ضفة الفرات الشمالية، بين الحسينية وسفيرة التحتانية، والتي سيطرت عليها «قسد» أمس.
وفي غضون ذلك، تمكنت «قسد» من السيطرة على عدد من القرى في وادي الخابور، على الحدود الإدارية بين الحسكة ودير الزور، ضمن مساعيها لإنهاء وجود «داعش» في محيط بلدة مركدة، وعلى امتداد وادي الخابور شمالاً نحو الشدادي، وجنوباً نحو البصيرة.
وبعيداً عن الجبهات المشتركة مع «داعش»، واصل الجيش التركي استقدام تعزيزات إلى المناطق الحدودية، في ضوء تأكيد «مجلس الأمن القومي التركي»، عقب اجتماع مع الرئيس رجب طيب أردوغان، أن «القوات التركية العاملة في منطقة خفض التوتر في محافظة إدلب تقوم بمهامها بنجاح، في إطار اتفاق أستانا». وبدا لافتاً خلال اليومين الماضيين أن التعزيزات لم تقتصر فقط على محيط إدلب وريف حلب الغربي، بل كان لبلدات ريف حلب الشمالي المحاذي لمنطقة عفرين نصيب من تلك الوحدات المدرعة والمدفعية التي عبرت من منطقة كيلس. وهو ما يشير إلى استعداد تركي لأي تصعيد محتمل مع «وحدات حماية الشعب» الكردية. وبالتوازي، قالت صحيفة «يني شفق» التركية إن الهدف الثاني للقوات التركية التي تنتشر ضمن منطقة «تخفيف التصعيد» سوف يكون منطقة وادي الضيف، التي تقع في محاذاة الطريق الدولي بين حلب وحماة، شرق معرة النعمان، والتي تضم مستودعات عسكرية ضخمة كانت تتبع لقوات الجيش السوري، قبل احتلالها من قبل «جبهة النصرة» في كانون الأول من عام 2014.