الجدل يعود مجدداً بين وزارتي الأمن والمال الإسرائيليتين بعدما قضى اتفاق سابق بتحجيم الميزانية العسكرية وتحديدها، لكن التطورات الإقليمية فاجأت أصحاب القرار، ما اضطرهم إلى التمهيد كثيراً قبل طلب إضافة أكثر من مليار دولار هذه السنة
تكشف مطالبة المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، على لسان وزير الأمن أفيغدور ليبرمان، بإضافة 4 مليارات شيكل (أكثر من مليار دولار بقليل)، إلى موازنتها السنوية من أجل مواجهة التهديدات والخطر الإيراني، عن أكثر من حقيقة ومفهوم يتصل بخطط بناء القوة والتطورات المفاجئة التي شهدتها الساحة السورية والإقليمية.
مطالبة ليبرمان تأتي خلافاً للاتفاق الموقع عليه بين وزير الأمن السابق، موشيه يعالون، ووزير المال، موشيه كحلون، التي قضت بتحجيم إطار ميزانية الأمن، إذ ستحصل بموجبه «الأمن» على 300 مليار شيكل على مدار خمس سنوات (2016 ــ 2020)، بشرط أن تجري خطوات تقشفية. ومن أهم بنود ذلك الاتفاق ألا توسّع الميزانية الأمنية خلال السنوات الخمس المقبلة، كما اتفق أيضاً مع رئيس أركان الجيش، غادي ايزنكوت، على أن إطار ميزانية الوزارة السنوية سيصل إلى 56.1 مليار شيكل، على أن يكون نصيب الجيش منها 31 ملياراً، إضافة إلى الدعم الأميركي منذ مطلع 2019 الذي سيصل إلى 3.8 مليارات دولار سنوياً. وهكذا تصل الميزانية السنوية في نهاية المطاف إلى 70 مليار شيكل.
لكن هذا الاتفاق تم التوقيع عليه في ظل واقع إقليمي مغاير، ومن الواضح أن بلورة الاتفاق كانت وفق رؤية وتقدير يستبعد تسارع انتصارات دمشق وحلفائها بهذا المنسوب الذي شهدته الساحة السورية. لكن سرعة التطورات والمفاجآت الميدانية والاستراتيجية أدت إلى ارتفاع منسوب التهديدات المحدق بإسرائيل من الجبهة الشمالية، وهذا التحول في الواقع وما ينطوي عليه من تهديدات متصاعدة أوجب في تل أبيب تعديلاً في الخطط العسكرية والقتالية، وهو ما يترك أثره أيضاً في حاجة الجيش إلى المزيد من الوسائل القتالية الحديثة، وفي النتيجة المزيد من الإنفاق والأموال.
يكشف هذا المسار المالي، والسجالات بين وزارتَي المال والأمن، عن حجم المفاجأة التي واجهتها المؤسسة الأمنية التي وافقت على اتفاق يحدد لها ميزانيتها للسنوات الخمس المقبلة انطلاقاً من تقدير يستبعد هذا المستوى من التحولات، وظناً منها أن حجم التهديدات المحدقة بإسرائيل لن يتصاعد في أسوأ الأحوال، بل كانت التقديرات السائدة أكثر تفاؤلاً إزاء مستقبل الحرب التي يخوضها الجيش السوري وحلفاؤه في مواجهة الجماعات الإرهابية والتكفيرية.
من هنا، كان لافتاً الكشف عن أن وزارتَي المال والأمن تجريان حوارات منذ أشهر بموازاة حركة التطورات الإقليمية، كما أكدت صحيفة «هآرتس». وذكر مصدر في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أن الحاجة إلى الميزانية الإضافية «تنبع من الواقع الاستراتيجي الجديد في المنطقة الذي يتميز بتعزيز نفوذ روسيا، وتكريس بقاء الرئيس (السوري بشار) الأسد في منصبه، وتعاظم التهديد الإيراني».
أما صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فركزت على الجوانب التي ستصرف فيها الأموال التي تطالب بها المؤسسة العسكرية، وأكدت أن هذا المبلغ يهدف إلى «تجهيز الجيش بمعدات حديثة لمواجهة الخطر الإيراني النووي ونفوذ طهران في سوريا». كما لفتت إلى أن حديث وزير الأمن المتواصل، خلال الأسابيع الماضية، عن تعاظم التهديد الإيراني في سوريا، واستعدادات الجيش لمواجهة هذا الخطر، لم يكن موجهاً إلى إيران وسوريا فحسب، وإنما إلى المالية الإسرائيلية.
ويبدو أيضاً أن الهدف من هذه الصراحة في الكشف عن الحاجة إلى زيادة النفقات هو الرأي العام الإسرائيلي الذي بات أكثر حساسية من أي نفقات مالية، إذ باتت المؤسسة الأمنية تعتمد مزيداً من الشفافية لتوفير شرعية داخلية شعبية لمطالبها المالية التي بالتأكيد ستكون على حساب النفقات في مجالات الحياة الأخرى.
من جهة أخرى، توجه ليبرمان إلى واشنطن لعقد اجتماعات تنسيق مع نظيره الأميركي، جايمس ماتيس، حول الاتفاق النووي مع إيران، وذلك في أعقاب خطاب الرئيس دونالد ترامب حياله. كما سيجري التباحث في ما يحدث في الجبهة الشمالية في سوريا ولبنان.