تواصلت معارك غرب الأنبار وشرق دير الزور، الهادفة إلى تحرير الحدود العراقية ــ السورية، وسط تقدّم للقوات العراقية إلى مشارف مركز قضاء القائم. وبينما أكد «التحالف الدولي» بقاء مدينة البوكمال على قائمة أهدافه، يسعى الجيش السوري وحلفاؤه للوصول إلى المنطقة الحدودية المحاذية لمدينة البوكمال من الجنوب، بما يتيح شن عمليات مشتركة مباشرة مع الجانب العراقي لتطويق المدينة

تتحشد القوات السورية والعراقية على المحاور الموصلة إلى ملتقى الحدود عند مدينتي القائم والبوكمال، لخوض واحدة من آخر المعارك ضد تنظيم «داعش». وتشير المعطيات الميدانية المتوافرة إلى أن منطقة الحدود جنوبي مدينة البوكمال، ستكون مسرحاً لعمليات مشتركة بين الجيش السوري وحلفائه والقوات العراقية، تفضي إلى تطويق المدينة ودخولها بعد عزلها عن توأمها الحدودي، القائم العراقية.

ويتطلب بدء هذه المرحلة، الانتهاء أولاً من المعارك التمهيدية التي تخوضها القوات العراقية في محيط القائم القريب، إلى جانب توسيع الجيش لسيطرته انطلاقاً من محطة «T2» في ريف دير الزور الجنوبي، نحو أطراف البوكمال الجنوبية. وفي موازاة الخطط العراقية ــ السورية المنسّقة مع الحلفاء عبر الحدود، يصرّ «التحالف الدولي» على تأكيد وجود مدينة البوكمال على قائمة أهدافه الميدانية، برغم إعلانه ترك هذا القرار لـ«قوات سوريا الديموقراطية». ويحرص كذلك، على التذكير بدعمه قوات الأمن العراقية المتقدمة إلى مشارف القائم، كشريك رئيس في الحرب ضد التنظيم.

وبينما عمل الجيش السوري على تثبيت نقاطه في محطة «T2» لضمان عدم خسارتها لمصلحة التنظيم، بما يؤخّر أي تحرك مرتقب نحو أطراف البوكمال، تابعت القوات العراقية تقدمها في غربي الأنبار، محاصرة منطقة راوة، ومثبته نقاطها على مشارف القائم. وأوضح قيادي ميداني في «الحشد الشعبي» في حديثه إلى «الأخبار» أن «القوات الأمنية سيطرت خلال الساعات الماضية على مناطق مهمة، فضلاً عن قطعها كافة خطوط إمداد (داعش) في مدينة راوة»، مؤكداً استعداد القوات الحالي «لاقتحام مركز المدينة».
وأضاف أنّ القوات «وصلت مشارف مدينة القائم... وهي في انتظار الأوامر لبدء اقتحام مركزها، وإعلان انتهاء المرحلة الأولى من العمليات». وتمكنت القوات الأمنية و«الحشد الشعبي» أمس، من استعادة منطقة السبعين (30 كيلومتراً جنوب مركز قضاء القائم) ومنطقة الزله، ومعمل إسمنت القائم، الذي يعَدّ من أهم المواقع في المناطق الغربية للأنبار.
وعلى الجانب الآخر للحدود، سيطرت «قوات سوريا الديموقراطية» على حقل التنك النفطي في الريف الشرقي لدير الزور، وبدأت تتقدم باتجاه حقل الورد، في محاولة لإتمام السيطرة على كامل آبار النفط شرق الخابور. ووفق ما تفيد به عدة مصادر محلية وميدانية، فإنّ المفاوضات التي يجريها «التحالف» عبر بعض الوسطاء من العشائر، قد تفضي قريباً إلى تسليم «داعش» من دون قتال، للمنطقة الممتدة جنوب بلدة الصور على أطراف الخابور، وللمنطقة الواقعة بين بلدتي البصيرة وجديدة عكيدات، بمحاذاة نهر الفرات. وتلفت بعض المصادر إلى أن أبناء العشائر العربية المنخرطين في صفوف «مجلس دير الزور العسكري» التابع لـ«قسد»، يحاولون اجتذاب أقاربهم ومعارفهم في قرى وادي الفرات للانضمام إلى «قسد»، بما يساعد على تأمين قوة عربية إضافية تتقدم نحو البوكمال، من دون تحريك القوات المتمركزة في محيط الحقول النفطية.
الدعوات للانضمام إلى جانب «التحالف» الأميركي تناغمت مع ما أوضحه المتحدث باسم «التحالف» ريان ديلون، وفق ما نقلت عنه وكالة «رويترز». إذ قال إن الأولوية الآن بالنسبة إلى «قسد» هي تعزيز سيطرتها على حقل العمر النفطي، مضيفاً أنه «ينبغي أن نرسخ أقدامنا في تلك المنطقة وداخل حقل العمر وحوله، والمنطقة المؤدية إليه، للتأكد من أن المنطقة آمنة، ثم سيكون القرار لـ(قوات سوريا الديموقراطية) إن كانوا يستطيعون تخصيص الموارد المناسبة للزحف إلى البوكمال». ولفت إلى أن «داعش» يعزز دفاعاته في كل من القائم والبوكمال، موضحاً أن قيادة التنظيم انتقلت إلى البوكمال. ويتسق ذلك مع ما تنقله مصادر محلية، عن أن «داعش» بدأ تحضيرات دفاعية في محيط البوكمال من الجهة الجنوبية التي يقترب منها الجيش السوري، عبر رفع سواتر ترابية وحفر خنادق، إلى جانب إرساله مزيداً من التعزيزات إلى محيط محطة «T2» وبلدتي القورية والعشارة، جنوب شرق الميادين.
وبدت علائم تلك التعزيزات عبر الاشتباكات العنيفة التي تشهدها أطراف بلدة محكان التي استطاع الجيش دخول أطرافها الشمالية الغربية، من ناحية الميادين. وتظهّرت مفاعيل المفاوضات التي يجريها «التحالف» مع «داعش» عبر التباين الكبير بين هجمات التنظيم على كل من الجيش و«قسد». فبينما تشهد منطقة الحقول النفطية التي تسيطر عليها «قسد» هدوءاً لافتاً، يضغط «داعش» بكامل قوته العسكرية في وجه الجيش، داخل بلدة محكان، وامتدادها نحو بلدتي القورية والعشارة.
وفي موازاة المعارك باتجاه البوكمال، كثّف الجيش عملياته العسكرية على محور حيي العمال وكنامات في الأحياء الشرقية لمدينة دير الزور، وذلك بعد استكمال السيطرة على منطقة حويجة صكر وحي الصناعة، وبدء عمليات إزالة الألغام والعبوات الناسفة هناك. ويصعّد الجيش من ضغطه على مسلحي «داعش» المحاصرين ضمن عدد من الأحياء، في وقت يستمر فيه بتجهيز المطار العسكري جنوب شرق المدينة، ليكون مؤهلاً لهبوط طائرات الشحن العسكرية والطائرات المدنية.

المصدر: الأخبار