لا يزال العدو الإسرائيلي يقدّر أن ثمة رداً من المقاومة الفلسطينية على الاعتداء الأخير عليها، فقررت بذلك محاولة إبعاد هذا السيناريو الذي استعمله حزب الله في السنوات الماضية (ضربات حدودية). أما السلطة الفلسطينية، فأعلنت أمس عودة التنسيق الأمني «الكامل» مع إسرائيل

مع استمرار العدو الإسرائيلي في احتجاز جثامين خمسة شهداء للمقاومة الفلسطينية بعدما استخرجتها من النفق الذي قصف أخيراً، قرر العدو تصنيف الحدود مع قطاع غزة «منطقة عسكرية مغلقة يحظر على الإسرائيليين الاقتراب منها». وأصدر قائد المنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي، ايال زامير، أمس، أمراً بهذا المضمون، فيما قالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إن القرار جاء في أعقاب «إنذارات ساخنة بإمكانية استهداف الإسرائيليين القريبين من الحدود ردّاً من الجهاد الإسلامي على استهداف النفق».

ووفق الصحيفة، يشمل التحذير منع المزارعين الإسرائيليين من الوصول إلى مناطق قريبة من الحدود مع القطاع، بالإضافة إلى حظر أعمال بناء السور الضخم الذي يشرف عليه الجيش حتى إشعار آخر.
على صعيد ثانٍ، أعلن المدير العام للشرطة الفلسطينية في الضفة المحتلة، حازم عطاالله، استئناف التنسيق الأمني مع إسرائيل، بعد مرور أشهر على تجميده في تموز الماضي، بسبب الأحداث في المسجد الأقصى. وقال عطاالله للصحافيين أمس، إن «الجميع ينسّق الآن. هذا يعني أن الأمور عادت إلى ما كانت عليه قبل 14 تموز»، علماً بأن جهات كثيرة كانت ترى أن إعلان وقف التنسيق كان شكلياً، فضلاً عن أن عطاالله أوضح أن استئناف التنسيق الأمني بدأ أصلاً قبل أسبوعين تقريباً، أي قبل إعلان ذلك رسمياً أمس، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن جهاز الشرطة لم يوقف التنسيق من جانبه، وأن «95% من الأنشطة استمرت... الأمر الوحيد الذي أوقفناه هو لقاؤهم (الإسرائيليين) في الميدان».
من جهة أخرى، استغل المدير العام للشرطة المؤتمر ليدعو حركة «حماس» التي أعلنت تسلّم قطاع غزة لحكومة «الوفاق الوطني»، إلى «نزع سلاحها من أجل إنجاح اتفاق المصالحة» الذي وقعته الشهر الماضي مع «فتح» في القاهرة. وقال عطاالله: «نتحدث عن سلطة واحدة، قانون واحد وسلاح واحد»، مكرراً بذلك تصريحات رئيس السلطة محمود عباس.

وأضاف أنه لا يمكن ترك سلاح «كتائب القسام» كما هو، موضحاً بالقول: «هذا مستحيل. كيف يمكنني تولي الأمن عندما يوجد هناك كل تلك الصواريخ والمسدسات وغيرها؟ هل هذا ممكن؟». وقال إن نحو ثمانية آلاف إلى تسعة آلاف رجل شرطة كانوا يعملون في غزة قبل سيطرة «حماس»، وعليه سيعودون إلى عملهم، رافضاً «فكرة الاندماج مع قوات الشرطة التي تقودها الحركة». وأضاف: «عودة الشرطة إلى غزة تحتاج إلى دعم مالي كبير، لأن ميزانيتها ستتضاعف».
على خطٍّ موازٍ، أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني، رامي الحمدالله، حاجة «الوفاق» إلى «تمكين كامل غير منقوص في غزة»، قائلاً من الضفة أمس، إنه في ما يتعلق بموضوع الأمن، «نأمل أن تحل هذه المشكلة في اجتماع القاهرة في الحادي والعشرين من الشهر الجاري حتى نتحدث عن تمكين كامل للحكومة». واستدرك: «كلنا أمل أن يجد الفصائل وأشقاؤنا في مصر حلاً لموضوع الأمن خلال الاجتماع المقبل».
وكان الحمدالله قد قال في تصريح أول من أمس، إنه «لا يمكن المعابر أن تعمل دون أمن كما عليه الحال إلى غاية اللحظة، ودون سيطرة فعلية للأجهزة الأمنية فيها»، فيما رفضت «حماس» في بيان تصريحات الحمدالله، مشيرة إلى أنها سلمت السيطرة على المعابر كلياً للسلطة وبإشراف مصري.
في المقابل، أصدرت القوى والفصائل الفلسطينة بياناً مشتركاً أعلنت فيه أمس، رفضها تشغيل معبر رفح البري، جنوبي القطاع، وفق «اتفاقية المعابر الموقعة عام 2005»، لافتة إلى أن المعبر يملك هوية فلسطينية ــ مصرية، «ما يستدعي البحث عن صيغة مشتركة بين القدس والقاهرة».
واتفاقية 2005 كانت قد وقعتها السلطة مع إسرائيل في 15 تشرين الثاني من تلك السنة، وتنص على تشغيل المعبر بوجود مراقبين أوروبيين، وكاميرات مراقبة إسرائيلية. لكن البيان رأى أنها اتفاقية «منتهية الصلاحية... والعمل بها انتهاك للسيادة الوطنية الفلسطينية ويعيدنا إلى دائرة الوصاية الأجنبية». كذلك، أشار البيان إلى «ضرورة أن يكون اجتماع الحادي والعشرين من الشهر الجاري في القاهرة وطنياً شاملاً مسؤولاً ومستنداً إلى اتفاقية الوفاق الوطني الموقعة في 4 أيار 2011 في القاهرة لوضع الآليات اللازمة لذلك دون تبديل أو تغيير»، علماً بأنه وقّع على البيان كل من «حماس» و«الجهاد الإسلامي» والجبهتان الديموقراطية والشعبية بالإضافة إلى «القيادة العامة»، و«جبهة التحرير» و«منظمة الصاعقة» و«حركة المبادرة الوطنية» و«حزب فدا».
إلى ذلك، وقعت السلطة، ممثلة برئيس «هيئة شؤون الأسرى والمحررين» عيسى قراقع، و«اللجنة الدولية للصليب الأحمر»، ممثلة بمدير بعثتها في القدس، ديفيد كاين، أمس، اتفاقية «فنية لتنظيم زيارة عائلية إضافية للأسرى»، بحضور الحمدالله. وتهدف الاتفاقية إلى تقديم الدعم من «الصليب الأحمر» إلى رام الله، والتنسيق معها من أجل تنظيم زيارة عائلية شهرية إضافية (ثانية) للأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية بدلاً من تلك التي ألغتها اللجنة الدولية، وذلك لمدة انتقالية أولية قدرها ستة أشهر قابلة للتجديد.

المصدر: الأخبار