بعدما كان لبنان يستعد لحرب جديدة طرفاها «حزب الله» وإسرائيل، بدأ الترويج لـ «حرب سعودية» عبر ماكينة الإعلام السعودي وحلفائه، تحت حجج «ردع حزب الله» الذي يراه حكام آل سعود عدوهم اللدود، وسط ارتياح وترقب تل أبيب.
السعودية «تدق طبول الحرب» في لبنان، على طريقتها بـ «رد الصاع لإيران» وفق ما بدأت تعلن عبر صحفها الرسمية. إعلان أراد له محمد بن سلمان أن يكون حاداً ومتسارعاً، هو الطامع لخلافة والده في العرش الملكي المهتز على وقع «إصلاحاته» وحروبه. ولي العهد السعودي يريد أن يضيف إلى سجله حرباً جديدة لعل وعسى تتوجه ملكاً، بالرغم من مستنقع اليمن، حيث يواصل «الحوثيون» بث أخبار غزواتهم للمناطق الحدودية جنوب المملكة.
«الحرب السلمانية» بدأ الإعلام السعودي الترويج لها، من خلال القنوات والصحف الرسمية. إذ حملت أغلفة هذه الصحف يوم أمس عناوين فاقعة من نوع «دويلة حزب الله... تختنق» و«حزب الله ينخر لبنان»، أو عبر تويتر ورأس حربته الوزير السعودي ثامر السبهان وجنوده الافتراضيون.
سيناريوهات ما بعد «الحريري» السعودية، ستكون على شاكلة «حسابات إيجابية ستسود المنطقة بعد القضاء على نصر الله وحزبه». هذا ما أراد الكاتب مساعد العصيمي في صحيفة «الرياض» قوله لنا في معرض تبريره للحرب المقبلة، مضيفاً أنّ «حسن نصر الله متوتر حد الرعب الشديد، توتر ينطلق من عدم الثقة بالإيرانيين بعدما اكتشف أنه لم يقرأ التاريخ جيداً». وبحسب رأيه، ها هم «يهربون من الضاحية الجنوبية وكل ما له علاقة بالحزب وأرضه... ومطار بيروت بصوره وأخباره يظهر الإيرانيين الهاربين بكثرة تلفت النظر»!
زميله في الصحيفة نفسها، عبدالله الزازان، عاد إلى تاريخ نشأة حركة المقاومة الإسلامية لـ «الوقوف على واقع حزب الله اللبناني وضبط حركته، هو الذي يشهد مخاضات في لبنان وسوريا ومناطق أخرى من العالم». وبحسب الزازان، يرجع الفضل في صنع «حزب الله» إلى الإمام المغيب موسى الصدر. إذ أورد في مقالة بعنوان «حزب الله... المأزق وخطوط الانحراف»، إن «الصدر عاد إلى لبنان عام 1959 يحمل معه توجهاً طائفياً، ومضى في خطته الكبرى [دولة شيعية في الجنوب اللبناني]»، متناسياً عن جهل أو غفلة أن الإمام المغيب كان محل إجماع اللبنانيين في سلمهم وحربهم. ثم عاد ليؤكد أنّ استقالة الحريري جاءت «لتضع لبنان مستقبلاً على الخارطة السياسية الصحيحة».
الحرائق التي أشعلتها السعودية في العراق وسوريا واليمن والبحرين بحجة ملاحقة النفوذ الإيراني والقضاء عليه، لم تنطفئ بعد. لكن بحسب جميل الذيابي رئيس تحرير جريدة «عكاظ»، كما «كانت حرب اليمن خياراً وحيداً فرض على السعودية أن تخوضها، والسبب إيران، ستكون الحرب على عملاء إيران في اليمن ولبنان مفروضة عليها».
حملات سياسية وشعبية سعودية في لبنان، اختارت معها الدبلوماسية الناعمة خلع قفازها الحريري، وليس المقصود بـ «الحريري» رئيس الوزراء اللبناني المغلوب على أمره، حتى إنّه لم يكلّف المملكة غير تصريح عبر صحافي سعودي صغير في برنامج مرسيل غانم أوّل من أمس للقول للبنانيين إنّ رئيس وزرائهم لن يعود! وبحسب التشخيص العسكري للكاتب خالد السليمان في صحيفة «عكاظ»، أنّ «لبنان بيت الداء. واذا أراد العالم العربي التخلص من السرطان الإيراني في الجسد العربي، فعليه استئصال «حزب الله» من لبنان، وهذا ما قرره الجراح السعودي».