بينما كانت «حماس» تقدِّم جردة حساب تشرح فيها موقفها من عرقلة المصالحة التي تتهم بها السلطة، مبدية ارتياحاً للدور المصري الراعي، اتهمت «فتح» إيران بتقديم أموال إلى الحمساويين بهدف تخريب المصالحة
في ذروة التصعيد الفتحاوي المتواصل ضد حركة «حماس»، مقابل لغة هادئة إلى حدّ ما تبديها الأخيرة المرتاحة للدور المصري الضامن والمراقب للمصالحة، وأيضاً المرتاحة من عبء الحكم، أعلنت «فتح» بدء ترجمتها الطلبات السعودية المتكررة منها، التي جاءت على شكل ضغوط وتهديدات. فيوم أمس، قال عضو اللجنة المركزية لـ«فتح»، ومسؤول وفد المصالحة فيها، عزام الأحمد، إن «إيران هي المموِّل الأول للانقسام الفلسطيني... ويبدو أن دعمها لحماس كان مشروطاً بمنع حدوث المصالحة».
في المقابل، وللمرة الأولى تقريباً، عقدت «حماس» مؤتمراً صحافياً على نسق «فش الخلق»، شرحت فيه عبر نائب قائد الحركة في غزة، خليل الحية، حكاية المصالحة وفق روايتها، قائلة إنها ذهبت إلى التوافق وقدمت في سبيل ذلك التنازلات «من أجل المستقبل الواعد للشعب الفلسطيني». الحية رأى أن ذلك «ليس تنازلاً، بل مرونة... وحماس ليست نادمة على ذلك، بل ستواصل الأمر»، لكنه ذكر في المؤتمر المنعقد في غزة أمس، أن «الحالة الإعلامية في الأيام السابقة لا تطمئن ولا تسعد حماس».
وقال الحية: «حماس كانت طالب بتشكيل لجنة وطنية لمتابعة التنفيذ حتى يتوقف السجال بين فتح وحماس، لكن فتح لم توافق ثم تغير التوجه نحو زيارة يجريها الوفد الأمني المصري» لتقييم أسباب تعرقل المصالحة. وشدد على «توافق الفصائل والمصريين على رفع العقوبات عن غزة، لكن هذا الملف لم ينجح لإصرار فتح على تمكين الحكومة كلياً»، داعياً في الوقت نفسه إلى إشراك ثلاثة أعضاء من غزة في أعمال اللجنة الإدارية الخاصة بالنظر في ملف دمج موظفي غزة في قوائم السلطة الفلسطينية.
الموقف الجديد الذي كشفت عنه «حماس» هو أنها في حال تفعيل «المجلس التشريعي» (البرلمان)، فإن الحركة لن تستخدم الأغلبية في التشكيل الجديد للحكومة، إذ أشارت إلى نيتها الذهاب نحو الانتخابات «كحل للخروج من الحالة السياسية المجمدة». كذلك أكد الحية موقف حركته بشأن ملف الموظفين، قائلاً: «منذ الحكومة العاشرة وبعدها هذا خط أحمر لا يمكن تجاوزه وهو موضوع وطني لا يملك أحد تخطيه». وعن سلاح المقاومة، شدد على أنه «غير قابل للقسمة، وهو ليس خطاً أحمر فقط، بل كل الخطوط الحمراء».
أما فتحاوياً، فردّ المتحدث باسم «فتح»، جمال نزال، بالقول مبرراً إن «قيادات من فتح عبّروا عن رؤيتهم ووجهة نظرهم... فبادرت عدد من قيادات حماس بالتهجم على هذه القيادات بلغة مسيئة ومخالفة لقانون العقوبات الفلسطيني». وأعاد خلال تصريحات إذاعية، تأكيد «ضرورة التمكين... وهو يعني أن تكون الحكومة هي الجهة المخولة بجمع الضرائب لكي توزعها على شكل خدمات». وأضاف نزال أن «المشكلة تكمن في أن حماس ترفض أن تعطي الحكومة صلاحياتها وفرصتها القانونية المتفق عليها في اتفاق القاهرة... وأن تكف حماس بشكل شامل ونهائي عن ممارسة أي سلطة تنفيذية تقتطع من صلاحيات الحكومة».
مع ذلك، شهد شاهد من «فتح» نفسها، وهو عضو في «المركزية» محمد شتية، على عكس ذلك، عندما قال أمس، إن «الوفاق» تسلمت المعابر في غزة على أكمل وجه، مضيفاً أن «إخواننا في حماس متعاونون على أكمل وجه في كل ما يتعلق بمفاصل المصالحة».
أما كل من «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» و«الجبهة الديموقراطية»، فعلقتا على التصريحات الفتحاوية، وخاصة حديث عضو «اللجنة المركزية» للحركة، عزام الأحمد، الذي طالب «حماس» بتسريح موظفيها وإعادتهم إلى بيوتهم، بالقول إنها تأتي ضد ما اتفق عليه بين «حماس» و«فتح»، فيما وصفها عضو المكتب السياسي لـ«الشعبية»، رباح مهنا، بـ«التخريبية». ووفق مواقع محلية أجرت حوارات مع مهنا، ومسؤول آخر في «الديموقراطية»، اتهمت الجبهتان السلطة بأنها تماطل في المصالحة لأسباب خاصة.
في سياق متصل، وصل وفد أمني مصري، أمس، إلى قطاع غزة، عبر حاجز «بيت حانون ــ إيريز» على الحدود الشمالية للقطاع مع الجانب الإسرائيلي، وذلك لمتابعة تنفيذ المصالحة. ويضم الوفد اللواء في «المخابرات العامة» همام أبو زيد والقنصل المصري خالد سامي، على أن يبقى لعدة أيام يتنقل خلالها بين الضفة وغزة، ويلتقي قيادات «حماس» ومسؤولين في حكومة «الوفاق الوطني». كذلك التقى الوفد نائب رئيس الوزراء، زياد أبو عمرو، المقيم حالياً في غزة.
إلى ذلك، قالت وسائل إعلام عبرية، أمس، إن صاروخاً طويل المدى أطلق من غزة باتجاه البحر، مشيرة إلى أن المسؤول عن إطلاق هذا الصاروخ هو الجناح العسكري لـ«حماس»، «كتائب عز الدين القسام».