نجح الوزير السعودي ثامر السبهان في صنع الأزمات المتتالية لبلاده منذ أن كان سفيراً في بغداد قبل أن تطلب الحكومة العراقية استبعاده من أراضيها بعد تجاوزه الأعراف الدبلوماسية بالتدخل في الشؤون العراقية الداخلية, غير أن رجل السعودية المقرب من الملك غير المتوّج محمد بن سلمان لم يتعلم الدرس وراح يزرع في بيروت بذور الفتنة الطائفية عبر مدّ أذرعه في البيت اللبناني الداخلي.. عشق السبهان التراشق الإعلامي عبر حسابه على تويتر, وتوجيه رسائله وتهديداته والكشف عن خططه التي يتوعد خلالها تدمير خصوم بلاده السياسيين, ومنذ 12 اكتوبر الجاري، غاب ثامر السبهان ولم يعثر أحد له على أي أثر ليس فقط من منصة التدوين “تويتر” بل من مجمل المشهد السياسي داخل بلاده وعلى المستوى الاقليمي والدولي. يُلفت المراقبون إلى تزامن غياب السبهان الذي ملئ الساحة اللبنانية صخباً مع سقوط خطة الاطاحة برئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، فقد توافق غيابه مع يوم مغادرة الحريري الرّياض إلى باريس. وكالة “أسوشييتد برس” أكدت في تقرير لها بأن السبهان تعرّض “لتوبيخ قاس من البيت الأبيض جرّاء تغريداته الاستفزازية، متسائلين عمّن أعطاه الحق في تقويض استقرار لبنان، في الوقت الذي كان البلد يستضيف أكثر من مليون لاجئ سوري وتتلقى قواته المسلحة الدعم من واشنطن”، وأضاف التقرير: “السبهان وزير السعودية للشؤون الخليجية، هو المسؤول الحكومي المعروف بعدائه لإيران، وقد كانت بصمات أصابعه واضحة في استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، والتي سرعان ما فشلت قبل أيام”. وتشير “أسوشييتد برس” إلى انه الرياض أرادت الضغط على حزب الله وتوجيه الانتباه إلى الحضور الإقليمي المتصاعد للمجموعات المسلحة الشيعية، لكن النتائج كانت تشير إلى هزيمة السعودية إلى حد كبير”. وبعد أيام من استقالة الحريري التقى السبهان بمسؤولين من وزارة الخارجية والبنتاغون ومجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، وفيما توقع السبهان أن يتلقى الثناء والدعم من القادة الأمريكان، فوجئ بسيل ثقيل وقاسي من التوبيخ واللوم, مطالبينه بالتوقف الفوري عن تغريداته الاستفزازية. وفي بيروت هناك من يُردّد عبارات تتضمّن شكوكاً حول ما تعرّض له “السبهان” من أولياء أمره في الرياض، على ضوء فشله بإدارة الملف اللبناني وتوريط بلاده في مأزق دبلوماسي وسياسي مكشوف أمام العالم, وقد بات محسوماً ومؤكداً أنّ مفاعيل ملف استقالة الحريري وما انتهت اليه من نتائج، أدت إلى أنّ يكون “السبهان” أوّلَ ضحاياه، وهذا يظهر جلياً في صمته المطبق والمريب عن هوايته المفضّلة في “التغريد”، وكذلك من إعادة تفعيل دور السفير وليد اليعقوبي. مصادر سياسية مطلعة أشارت إلى أنَّ ارسال اليعقوبي بالتزامن مع سقوط “المخطط السعودي” من استقالة الحريري فور عودته إلى بيروت، يدل على إجراء تغيير تكتيكي في سياسة الرياض اتجاه الشأن اللبناني, وتلمح المصادر إلى أنَّ الملف اللبناني باتَ في عهدة شخصيتين أساسيتين، هما السفير وليد اليعقوبي كاداة مباشرة في بيروت، يشرف عليها من الرياض السفير السابق علي عوض العسيري، الذي خبر العلاقة مع السياسيين اللبنانيين لسنوات طويلة. ويرجح مراقبون للسياسة السعودية أن يستمر غياب السبهات لفترة قبل أن يستعيد تموضعه كوزير للشؤون الخليجية، ليلعب أدواره الاستخبارية في تسميم العلاقات وتخريب البيت الخليجي, وهذه المرة انطلاقاً من اشعال الحرائق في فضاء الأزمة القطرية.