يمكن الجزم الآن بقوة بأن ما جرى في اليمن خلال الثماني والأربعين ساعة الماضية كان بمثابة 7 أيار يمني بامتياز…! فقد حاولت قوى محلية فاسدة مرتبطة بالعدوان السعودي مدّ يدها إلى سلاح المقاومة اليمنية الذي هو في عهدة أشرف الناس وأنبلهم في اليمن، أي «أنصار الله» في إطار مهمة خيانة عظمى لصالح قوى العدوان كآخر ورقة بقيت في يد الأميركيين والصهاينة وما تبقى من حكم آل سعود…! المهمة المذكورة يمكن وصفها بشكل واضح وشفاف بأنها محاولة انقلاب فتنوي مدفوع الأجر، يأتي في إطار مؤامرة إقليمية تشمل كل محور المقاومة من بيروت الى دمشق الى طهران الى غزة وصولاً الى الدور الروسي الدولي الذي بات يشكل الغطاء الأممي لمحور المقاومة في حربه المفتوحة ضد الأحادية الأميركية المتوحشة…! وبالمعلومات نقول: 1- إن ما جرى في صنعاء وبعض المحافظات اليمنية لم يكن سوى محاولة سعودية مفضوحة تمّ خلالها شراء ذمم بعض المتنفذين في المؤتمر الشعبي العام بقيادة علي عبد الله صالح لبثّ الفوضى وعدم الاستقرار تمهيداً لدخول قوى العدوان الى العاصمة فاتحين تستقبلهم قوى وظفت تحالفها مع الثوار لمثل هذا اليوم… لكن المحاولة فشلت تماماً، ولله الحمد رغم إنفاق السعودية مئة مليون دولار على هذا المشروع، وذلك بسبب انتباه وفطنة ويقظة أنصار الله وإخلاص ووفاء بعض قادة المؤتمر ما دفع السعوديين إلى تجرّع السم على أسوار صنعاء مرة جديدة كما سبق وتجرّعوها مرة تلو الأخرى على مدى السنوات الثلاث الأخيرة… لقد ظنّ السعوديون أنهم قادرون على خلخلة الجبهة الداخلية اليمنية بشكل يؤدي الى تمكين مرتزقتهم المباشرين من الاندفاع الى داخل صنعاء من محور نهم. 2- السبب الأساسي الذي سهل لهذا التسلل المؤتمري هو طمع قيادة المؤتمر بالوساطة الروسية الاوروبية الجارية حالياً بهدف وقف الحرب لاحظوا السماح بوصول مواد الإغاثة رغم أنف السعوديين . ولما كانت الوساطة تجري بموافقه أميركية وبعض المتنفذين في جماعة صالح يريدون طرح أنفسهم على أنهم هم مَن يمثل اليمن جماعة السعودية ومرتزقتها بشكل أخص ، وبالتالي يريدون تقوية حضورهم في المفاوضات الجارية حالياً. 3- لقد ظنّ صالح خطأ وغباءً ونتيجة سوء تقدير بعض كبار مستشاريه أنه يستطيع حشد قوات ميليشياوية قبلية حول العاصمة، لكنه خُذل من جهة القبائل وبهت من جهة دراية أنصار الله ما جعل العاصمة تنجو من الفتنة. وقد أزيلت الأخطار على أمن صنعاء حيث ظهر صالح أوهن من بيت العنكبوت، إذ سرعان ما فقد أي سيطرة في الميادين المحيطة بصنعاء وفي المحافظات الأخرى أيضاً. وبالمقابل سرعان ما صار أنصار الله لهم اليد العليا في الميادين ويحكمون السيطرة على الوضع، ويدعون صالح للعودة الى الصواب والتوبة قبل فوات الأوان… ولكن الزعيم لم يرعوِ ما جعله يفقد آخر فرصة ولم يعد له أي مفر ولا أية مساحة متاحة حتى في المعادلة الدولية، حيث إن الروس ومن معهم باتوا يعرفون موازين القوى في الميدان ولن يمنحونه شيئاً في أية مفاوضات او حلول سياسية مقبلة…. وهكذا تكون قوة أنصار الله وثورتهم تتجه الى منحى جديد في التعامل مع حليفها الإجباري المؤقت في قيادة المؤتمر الشعبي الى ما يشبه ذلك الذي حصل مع قائد الثورة الصينية الرئيس ماوتسي تونغ عندما اضطرّ للتخلي عن حليفه «الوطني» غير الثوري تشان كاي تشيك تثبيتاً لمبادئ ثورته، او حالة ثورة الإمام الخميني العظيم الذي يوم حصحص الحق وسط الحرب الضروس التي شنّها صدام حسين على بلاده، وهو لا يزال في مرحلة تثبيت دعائم ثورته، عندما أحسّ بتآمر قوى داخلية كبيرة ضده ما اضطره لطرد الرئيس الاول للجمهورية أبو الحسن بني صدر وعزله، ومعه الخائن مسعود رجوي اللذين سرعان ما تحوّلا إلى عميلين صغيرين بيد قوى العدوان والقوى العظمى لأنهم طعنوا الثورة في ظهرها… والى اولئك الذين يتوسّعون في التحليل حول ضرورة رأب الصدع الوطني ويعلنون حزنهم على ما جرى أو يشبّهون ما جرى إلى خلافات قريبة مما حصل يوماً بين حركتي أمل وحزب الله، نقول إنكم مخطئون جداً، فما جرى ويجري في اليمن منذ نحو ثلاث سنوات ليس خلافاً فئوياً أو فصائلياً أو حزبياً… أبداً ليس كذلك، نعم ثمة كثير من المؤتمرين وكثير من قوى الشعب اليمني الحي يناصرون أنصار الله ويقفون معها بوجه العدوان. وهم قد يختلفون معها في الموقف وفي المبادئ السياسية العامة، وأنصار الله يحترمون هذه التنوعات والانتماءات ويعونها جيداً. وهم اليوم عندما يدافعون عن أمن العاصمة وعن سلاح المقاومة بالحزم الذي سمعنا وشاهدنا لا يدافعون عن فصيل اسمه انصار الله، إنهم يدافعون عن مبادئ الثورة اليمنية العظيمة التي قادوها هم ومعهم أكثرية اليمنيين ضد الطغاة والفاسدين والمستبدين والانتهازيين والوصوليين والمرتزقة والعملاء والأذناب، وبالتالي لا بدّ للمتابع الحصيف والمحلّل البصير أن يدقق جيداً في ما يحصل: الثورة اليمنية في الساعات الماضية كانت في خطر، والقلعة اليمنية الصامدة كلها كانت في خطر السقوط من الداخل، بمساعدة شرذمة من الخونة والمتآمرين، وليس خلافاً بين حزبين أو فصيلين…! على أية حال ستنبئ لنا الأيام بكثير من الأسرار والخفايا والمفاجآت ما يؤكد مشروعية الخطوة الحازمة الضرورية التي اضطر إليها انصار الله لإزالة الورم السرطاني الفتنوي الخبيث، وقطع اليد التي حاولت أن تمتد الى أنبل ظاهرة يمنية وإلى أشرف سلاح وأطهر قوم، إنهم أنصار الله ورباني آياته… إنه تحول كبير سيسرّع في حسم الحرب المفروضة على اليمن واليمنيين لصالح قوى الخير والثورة في اليمن ويقوي ويثبت وحدة اليمنيين على مَن سواهم من قوى الشر الأجنبية ويطيح بكل مخطط قوى التحالف الدولي ضد اليمن… إنه عصر جديد ستنتقل فيه اليمن بيسر وسلاسة أكثر لصالح تحوّلها قوة إقليمية أساسية ورقماً صعباً في الدفاع عن الأمن القومي العربي، ولعب دور الحامي الشجاع والصلب عن مشروع مقاومة العدوان الصهيوني من باب المندب الى إيلات وما بعد بعد إيلات.. بعدنا طيبين، قولوا الله.