قامت قيامة العالم بعدما اعلن الرئيس الاميركي دونالد ترامب في اجتماع لمعالجة الهجرة في البيت الابيض أن الافارقة هم حثالة. قبل ذلك قامت قيامة العرب نتيجة اعلان الرئيس ترامب اعترافه بالقدس عاصمة للدولة العبرية. وسبق وقامت قيامة اللاتينيين نتيجة عزم اعلان ترامب عن كرهه لهم وسعيه لمنعهم من الهجرة الى بلاده.

السؤال هنا، ما هو الجديد الذي قام به ترامب ولم يقم به الرؤساء الأميركيون السابقون؟

لقد قامت الولايات المتحدة قبل اربعة قرون عبر ابادة السكان الاصليين واستقدام الافارقة كعبيد من افريقيا بالقوة ليعملوا بالارض التي يملكها البيض بعدما فرضت عليهم اقسى ظروف الحياة. ولم ينل الافارقة حريتهم قانونيا الا بعد الحرب الاهلية الاميركية في العام 1865، لكنهم بقيوا محرومين من حقوقهم المدنية لقرن اخر من الزمن وبقيوا يتعرضون للتمييز في معظم الولايات الأمركية وحتى للقتل حتى يومنا هذا. ولا يزال معظم الاميركيين من اصل افريقي يعيشون في احياء فقيرة وفي ظروف صعبة ولا يتمتعون بالفرص نفسها كما الاميركيين البيض. فاذا كان هذا موقف الولايات المتحدة حيال الافارقة الاميركيين فما بالكم بموقفها من  الافارقة في افريقيا. علما أن الولايات المتحدة دعمت النظام العنصري في جنوب افريقيا قبل هزيمته في العام 1989، ودعمت الدكتاتوريات في الدول الافريقية خلافا لرغبة الشعوب الافريقية. وقد خاضت الولايات المتحدة حتى حربا سياسية واقتصادية ضد جنوب افريقيا لقيامها بتزويد الدول الافريقية الاخرى بالدواء البخس الثمن. وقد شنت واشنطن هذه الحرب لحماية مصالح كارتيل شركات الادوية التي تتاجر بالدواء على حساب حياة الفقراء.

وبالنسبة لفلسطين ما الذي فعله ترامب ولم يفعله الرؤساء الاميركيون قبله؟

لقد كانت الولايات المتحدة هي التي دعمت في العام 1948 قيام دولة اسرائيل على ارض فلسطين بعد ارتكاب الصهاينة لمذابح بحق الشعب الفلسطيني وتهجير معظمه من أرضه. وكانت الولايات المتحدة هي التي زودت اسرائيل بالسلاح منذ نشأتها وهي التي ضغطت على الدول الاوروبية الغربية لتزويد اسرائيل باحدث انواع الاسلحة كما كانت هي التي دفعت اسرائيل لشن حروبها كلها على العرب. كذلك كانت الولايات المتحدة هي التي عطلت كل قرارات الامم المتحدة التي تدين جرائم اسرائيل عبر استعمال الفيتو في مجلس الامن وكانت هي التي تؤيد اسرائيل سياسيا وتضغط على العرب ليقبلوا بشروطها.

وبالنسبة للاتين فلقد كانت الولايات المتحدة هي التي عرقلت احلام اللاتينيين بالوحدة التي نادى بها سيمون بوليفار، وكانت هي التي استخدمت على مدى القرن العشرين سياسة العصا والجزرة ضد دول اميركا اللاتينية، وكانت هي التي دعمت انقلابات ادت الى وصول انظمة مثل نظام بينوشيه في تشيلي والطغمة العسكرية في الارجنتين وباتيستا في كوبا وغيرها والتي ارتكبت جرائم بحق شعوبها.

اذن ما الذي فعله ترامب ولم يفعله اسلافه؟ ببساطة كان ترامب صريحا في التعبير عن السياسة الاميركية خلافا لاسلافه الذين غلفوا سياساتهم العنصرية تجاه الافارقة بشعارات التمسك بحقوق الانسان والذين دعموا عنصرية اسرائيل تحت غطاء دعم القانون الدولي والذين صنعوا ودعموا الانظمة الديكتاتورية في اميركا اللاتينية تحت غطاء دعم الديمقراطية. كان ترامب صريحا في ذلك ما كشف زيف ادعاءات اركان النخبة الاميركية، وما كشف ايضا تآمر اصحاب القرار الافارقة والعرب واللاتين مع الامبريالية الاميركية ضد شعوبها، وهذا ما يفسر صراخها ضده لأنه كشفها.

لقد كان ترامب صريحا في التعبير عن عنصريته، وكان صريحا في التعبير عن تأييده لعنصرية اسرائيل، وكان صريحا في التعبير عن عدائه للاتين. لا شك أن عنصريته وعداؤه يجعلان من اي كان انسانا غير شريف، وهو ما كان حال جميع الرؤساء الاميركيين. لكن صراحة ترامب تعطيه افضلية عليهم. فلقد كان شريفا في التعبير عن عنصريته ما يجعلنا نقول إنه كان أشرف عديم شرف بين الرؤساء الأميركيين. 

المصدر: أخبار 961