روزاليند فرانكلين، ماري فان براون، آن تسوكاموتو، وغيرهن... هل سمعتم عن أسماء هؤلاء المخترعات من قبل؟
لماذا يتبادر إلى أذهاننا أسماء مثل توماس أديسون وغراهام بيل وغيرهم من الرجال، عندما نتحدث عن الاختراعات والابتكارات العظيمة التي أحدثت تغيّراً كبيراً في حياة البشرية، متناسين دور المرأة العظيم في تطوير حياة البشرية على مرِّ التاريخ!
إليك بعضاً من اختراعات النساء التي غيَّرت وجه العالم، وأكدت أن الحاجة هي أم الاختراع!
ماري كوري والنشاط الإشعاعي
حين نبدأ بالحديث عن إنجازات النساء، فلا بد أن نبدأ بماري كوري، وذلك لما أحدثته هذه المرأة البولندية الأصل من تغيير كبير في العالم، باكتشافها عناصر مشعة كالراديوم والبولونيوم والثوريوم.
كانت البداية في عام 1896، عندما اكتشف العالم هنري بيكريل أن أملاح اليورانيوم تنبعث منها أشعة تشبه الأشعة السينية في قدرتها على اختراق الأجسام، وكان هذا الإشعاع يختلف عن الإشعاع الفوسفوري في أنه ينتج تلقائياً من اليورانيوم ذاته، ولا يستمد طاقته من أي مصدر خارجي.
كان السؤال الذي يدور بذهن ماري كوري وزوجها في ذلك الوقت: هل يمكن لهذه الأشعة الغريبة المنبعثة من اليورانيوم، أن تأتي من أشياء أخرى؟
قام الزوجان بعد ذلك بالبحث عن مواد أخرى تنبعث منها الإشعاعات، باستعمال جهاز الإلكتروميتر، لتعلن ماري عام 1898، عن اكتشاف عنصر البولونيوم، وبعد أشهر قليلة، أعلن الزوجان عن اكتشاف عنصر جديد آخر، تحت اسم الراديوم. وقاد اكتشافهما هذا إلى إيجاد تكنولوجيا الطاقة الذرية.
لم يسجل الزوجان براءة اختراعهما لهذا الاكتشاف، لأنهما كانا يؤمنان بأن البحث العلمي يجب أن يكون متاحاً للجميع، وفي عام 1903 تقاسمت وزوجها بيير مع العالم هنري بيكريل جائزة نوبل في الفيزياء، عن اكتشافهم للمواد ذات النشاط الإشعاعي.
أولغا غونزاليز سانابريا وبطاريات المحطة المدارية
الدكتورة أولغا غونزاليز سانابريا هي عالمة ومخترعة من بورتوريكو، وتعمل الآن مديرة لقسم الهندسة في مركز غلين للأبحاث، التابع لوكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا).
في عام 1979، بدأت غونزاليس سانابريا مسيرتها في ناسا كرئيس مكتب التخطيط في مركز أبحاث جلين التابع لوكالة ناسا، ولعبت دوراً أساسياً في مجال أنظمة الطاقة.
تمكنت عام 1980 من وضع التكنولوجيا التي ساعدت على إنشاء "بطاريات النيكل الهيدروجينية طويلة العمر"، التي تزود المحطة الفضائية الدولية بالطاقة، وكانت هذه البطارية من الابتكارات المهمة حقاً في ذلك الوقت.
وقد منحت جائزة R & D 100 تقديراً لهذا الجهد.
آن تسوكاموتو وفصل الخلايا الجذعية
الخلايا الجذعية هي الخلايا الأم لكل خلايا الجسد، فهي تتميز عن غيرها من الخلايا بقدرتها على الانقسام لتجديد نفسها، وأيضاً الانقسام لتكوين أنواع مختلفة من الخلايا، ولذلك يمكنها أن تحل محل أي عضو تالف. فيمكن مثلاً للخلايا الجذعية أن تكون بديلة عن الكبد، في حال كان يعاني من أيّ مشكلة أو بعض المضاعفات.
وتقوّي الخلايا الجذعية جهاز المناعة أيضاً، فهي تعمل كمخزن للدواء في جسم الإنسان، ولذلك ظهرت تقنية فصل هذه الخلايا لاستخدامها في علاج الأمراض الخطيرة.
وهذا ما فعلته المخترعة آن تسوكاموتو، لتحصل عام 1991 على براءة اختراع طريقة عزل وفصل الخلايا الجذعية.
وقد أدت البحوث التي أنجزتها إلى تطورات عظيمة في فهم الدورة الدموية لمرضى السرطان، التي يمكن أن تؤدي في النهاية إلى التوصل إلى العلاج.
ماري فان بريتان براون ونظام الأمن المنزلي
شهدت فترة ستينيات القرن الماضي ارتفاعاً في معدلات الجريمة، الأمر الذي دفع الأميركية ماري فان بريتان براون، التي كانت كثيراً ما تبقى في بيتها وحدها، إلى التفكير في ابتكار يجعلها أكثر أماناً في مسكنها.
وبالفعل تمكنت ماري من تطوير أول نظام إلكتروني لحماية المنازل بمساعدة زوجها ألبرت.
وكان الجهاز يشتمل على آلة تصوير تعمل بمحرك يرفعها ويخفضها حول باب بيتها الأمامي. وكان الهدف من هذه الآلة هو التعرف على وجود أي شخص يحاول اقتحام البيت، وكان النظام متصلاً بشاشة في غرفة نومها.
ستيفاني كوليك والسترات الواقية من الرصاص
ستيفاني كوليك هي كيميائية أميركية، توفّي والدها عندما كانت في العاشرة من عمرها، فاضطرت أمها للعمل كحائكة ملابس، وتعلمت ستيفاني من أمها تصميم الملابس.
حصلت ستيفاني على درجة البكالوريوس في الكيمياء، وانضمت لشركة "دوبون" للكيماويات، وعملت كباحثة في مختبر أبحاث الشركة.
في الـ42 من عمرها كلفتها الشركة بالبحث عن أنواع من الألياف يمكن استخدامها بدلاً من الصلب في صناعة إطارات السيارات.
في عام 1966م، سجلت ستيفاني براءة اختراع ألياف "كفلار"، التي تستخدم في صناعة السترات الواقية من الرصاص.
والكفلار عبارة عن ألياف اصطناعية خفيفة جداً، لكنها أقسى من الصلب بخمس مرات، ومقاومة للتآكل والصدأ والنار، وتم استخدامها بعد ذلك لصناعة السترات الواقية من الرصاص.
غريس هوبر وبرمجيات الكمبيوتر
في أثناء الحرب العالمية الثانية، تطوعت عالمة الرياضيات والحاسوب غريس موراي هوبر بالبحرية الأميركية، وتم تعيينها برتبة ملازم في مشروع الحوسبة لجامعة هارفارد، لتصبح من ضمن فريق البرمجة لحاسوب مارك الأول.
وأثناء عملها على تطوير الحواسيب عام 1947، وجد مساعدها حشرة عالقة داخل الحاسوب، وقد ذكرت غريس في سجل العمل أنهم كانوا يقومون بعمل debugging، أي إزالة الحشرة، وأخذت هذه الكلمة شهرتها منذ ذلك الحين، وباتت تستخدم للتعبير عن التنقيح البرمجي، وتصحيح المشكلات التي يواجهها المبرمج.
وفي عام 1949 عملت هوبر موظفة في شركة إيكارت-موكلي للحواسيب، لتشارك في تطوير حاسوب "يونيفاك الأول". وأثناء عملها على تطوير هذا الحاسوب طورت كذلك مترجماً للغات البرمجة (كمبايلر) سمته A-0 System، ويعد أول مترجم للغات البرمجة، وساهم بعد سنوات قليلة في تطوير لغة "كوبول"، التي تعد أشهر لغة برمجية للبرامج التجارية، والتي لا تزال تستخدم بشكل واسع حتى اليوم.
سارة ماذر وتلسكوب الغواصات
في 16 أبريل/نيسان عام 1845، حصلت المخترعة الأميركية سارة ماذر، على براءة اختراع "تلسكوب الغواصات" لفحص ورؤية الأشياء تحت الماء. ويتكون الجهاز من أنبوب له طرفان، يتصل مصباح بأحد طرفيه، بحيث إذا غمر هذا الطرف تحت الماء، يسقط منه الضوء على الأجسام تحت الماء، ليمكن رؤيتها من الطرف الآخر للأنبوب.
تعددت استخداماته بعد ذلك في العديد من المجالات، كدراسة علوم البحار، وفي مجال الجيولوجيا، لنسف الصخور وتطهير القنوات المائية، ودراسة التكوينات الجيولوجية داخل البحار والمحيطات.
باتريشيا باث واستخدام الليزر في علاج المياه البيضاء
في الماضي كان يتم علاج المياه البيضاء التي تتكون على عدسة العين بالجراحة التقليدية أو بالموجات فوق الصوتية.
لكن الطبيبة الأميركية ذات الأصول الإفريقية، باتريشيا باث، فكرت في استخدام الليزر، وسافرت إلى جامعات ألمانيا وفرنسا وإنكلترا، لدراسة الليزر وتطبيقاته.
كان ابتكارها يعتمد على دخول الليزر إلى العين من خلال فتحة صغيرة، ليعمل على تبخير المياه البيضاء، وإزالة العدسة المعتمة، ثم يتم تثبيت عدسة جديدة بدلاً منها.
ونجحت التجربة، لتحصل باتريشيا عام 1988، على براءة اختراع لجهازها الذي سمّته "ليزرفاكو بروب"، وأصبحت أول أميركية من أصول إفريقية، تحصل على براءة اختراع في الطب.
واليوم، تستخدم هذه التقنية في كل دول العالم، لعلاج ملايين المرضى.
ماريا تيلكس وأول منزل يعمل بالطاقة الشمسية
في عام 1925، تلقّت ماري عرضاً وظيفياً للعمل كفيزيائية في مؤسسة كليفلاند كلينيك، وبالفعل قبلت هذه الوظيفة، وبدأت حياة جديدة في الولايات المتحدة.
في عام 1937 أصبحت عالمة الفيزياء الهنغارية الأصل ماريا تيلكس مواطنة أميركية، وبعدها بسنتين عملت كشريك باحث في علم المعادن في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
كانت أبحاثها في هذا المعهد ترتكز على الطاقة الشمسية، وقد حصلت على منحة خاصة هي وفريق من الباحثين، لبناء أول منزل يستخدم الشمس كمصدر رئيسي للطاقة.
تولت ماريا الإشراف على هذا المشروع، وفي عام 1947 تمكنت من ابتكار أول منزل يعمل بالطاقة الشمسية 100%، من خلال مولد كهربائي يعتمد على فرق درجات الحرارة لتوليد الكهرباء والحرارة.
واستخدمت ماريا تيليكس ملح الصوديوم المستخرج من أحماض الكبريت لتخزين الحرارة، استعداداً للأيام التى لا تتواجد فيها الشمس، ونجح المنزل في تجاوز 3 فصول شتاء قبل أن ينهار النظام، لكنها كانت صاحبة الفضل في ابتكار هذه التقنية، التي ما زال العلماء يعملون على تطويرها إلى الآن.