خلال رحلة طويلة حول العالم، اكتشف المصور الفرنسي برايس غارسين مدرسة رائعة تتخذ من جسر للقطار مقرا لها، وتقدم هذه المدرسة الابتدائية، التي أنشئت بمبادرة من بقَّال، دروسها مجانا لأطفال فقراء الحي، وذلك حسب ما جاء في صحيفة لاكروا الفرنسية.
وتقول لاكروا إن زائر هذه المدرسة يلاحظ أن الأطفال منتبهون ومنصتون بشكل يثير الإعجاب، وهو ما يرجعه القائمون على المدرسة إلى سعادتهم الغامرة بأنهم تمكنوا من الالتحاق بالدراسة، الأمر الذي لم يكونوا يتوقعونه، لأن معظم أولياء أمورهم من السائقين أو العمال البسيطين أو المهاجرين.
وترجع فكرة هذه المدرسة إلى مبادرة من البقال راجيش كومار شارما، الذي يقول إنه كان وهو صغير يحلم بأن يصبح مهندسا، غير أن الصعوبات المالية لوالديه حالت بينه وبين ما يشتهيه، فلم يتمكن من دخول المدرسة الثانوية التي كان يحلم بها، عندها أصبح بقالا، وهو عمل نجح فيه كثيرا.
ولكن شارما ظل دوما يستحضر ماضيه المؤلم، ليقرر في أحد الأيام أن ينتقم “من الماضي” عبر مساعدة الأطفال الذين لا يستطيعون الذهاب إلى المدرسة في حي يامونا بانك الفقير في دلهي، وحقق مبتغاه حين افتتح عام 2006 ما أطلق عليه اسم “المدرسة المجانية تحت الجسر”.
لقد استثمر بالفعل مساحة بين أعمدة أحد الجسور التي يمر من فوقها القطار، فركب فيها في البداية، فصلا دراسيا مرتجلا، ثم راح يجوب المنطقة لإقناع الآباء بإرسال أطفالهم إلى هذه المدرسة التي تعتبر -حسب رأيه- أفضل ترياق للجريمة، وهذا أمر مهم إذا ما اعتبرنا تقريرا لليونسكو يقول إن 17.7 مليون طفل ومراهق هندي لن يتمكوا من الذهاب إلى المدرسة، مما ينذر بتحولهم إلى أشكال مختلفة من الانحراف.
يقوم اليوم كومار شارما في كل صباح بتقديم دروس مجانية لهؤلاء الأطفال الصغار؛ تشمل اللغة الإنجليزية والهندية والجغرافيا والتاريخ والرياضيات، ويحظى اليوم بمساعدة معلم آخر وعدد من المتطوعين.
وبعد أن ذاع صيت هذه المدرسة، بدأت التبرعات تتدفق عليها، مما مكن شارما من شراء القليل من المواد والدفاتر والكراسي على وجه الخصوص ليتمكن الأطفال بذلك من الحصول على بديل يجلسون عليه بدل الأرضية المغبرة.