أظهرت أول دراسة وافية عن المخاطر التي تتعرض لها زراعات البن العالمية أن نحو 60 في المائة من أنواع القهوة المعروفة باتت على وشك الانقراض حسب تقرير بي بي سي.
وقد أفاد العلماء بأن الأرقام التي كشفت عنها الدراسة تدعو إلى القلق حيث إن نباتات البن التي تنمو في الغابات تعد بالغة الأهمية بالنسبة لمحاصيل القهوة العالمية. الجدير بالذكر أن أكثر من 100 نوع من الأشجار تنمو في الغابات بشكل طبيعي، لكن نوعين فقط منها يستخدم في صناعة القهوة التي نتناولها. وقد أظهرت الدراسة أن شجرة واحدة من بين خمس أشجار تنتج محاصيل غير القهوة مهددة بالانقراض، لكن بالنسبة للقهوة، فإن نسبة 60 في المائة تعد «نسبة خطيرة».
وفي هذا الصدد، قال الدكتور أرون، ديفيس، المشرف على إدارة «الحدائق الملكية للنباتات» البريطانية لـبي بي سي، «لولا الأنواع التي تنمو في الغابات ما كانت لتتوفر لنا كل تلك الأنواع والكميات من القهوة التي نتناولها اليوم في مختلف أنحاء العالم. إذا نظرت إلى تاريخ زراعة البن، ستجد أننا استخدمنا الأنواع التي تنمو في الغابات للمحافظة على استمرارية محاصيل البن في العالم». وكشف بحث منشور في صحيفة «ساسينس أدفانفسيس»، أن الوسائل المتبعة للمحافظة على بقاء الأنواع البرية «غير ملائمة»، بل إنها تشكل ضررا على إنتاج محاصيل البن عالميا على المدى البعيد.
اكتشف الباحثون كذلك أن 28 في المائة من القهوة البرية تنمو خارج المناطق المحمية وأن صنفها فقط محمي فيما يعرف بـ«بنوك البذور».
وكشفت دراسة أخرى نشرت بمجلة «غلوبال تشينج بيولوجي» أن القهوة البرية العربية يمكن إدراجها ضمن «القائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض» وذلك بسبب التغيرات المناخية. ومن المتوقع تراجع أعداد محبي القهوة بواقع 50 في المائة بحلول عام 2088 لنفس السبب، بحسب الدراسة.
تعتبر إثيوبيا موطن البن العربي حيث تنمو بصورة طبيعية في المرتفعات، وتستخدم البن العربي في توفير البذور لمزارع البن، ناهيك عن كونها محصولا مستقلا بذاته. وفي نفس السياق، قال الدكتور تيديسي ولدماريام كول، المشرف على «منتدى البيئة وقهوة البراري» (الذي تأسس في إثيوبيا عام 2005 بهدف المحافظة على محاصيل البراري)، «نظرا لأهمية البن العربي لإثيوبيا وللعالم، علينا أن نبذل قصارى جهدنا لفهم المخاطر التي تواجه بقاء نموها في البراري».
ولا يدرك غالبية محبي القهوة أن هناك 122 نوعا تحتل القمة وجميعها تنمو في البراري، لكن ليس كل أنواعها ذات مذاق مستساغ، لكن الكثير منها يحتوي على جينات تعمل على الإبقاء على أشجارها في المستقبل وسط التغيرات المناخية والأمراض الجديدة التي تهاجم أشجار البن.
وأكد الباحثون على أهمية أشجار البن البراري في المحافظة على مستقبل محاصيل البن عالميا، حيث شدد الدكتور ديفيز على أهمية «التأكيد على أهمية البن البراري». وبالنسبة لنسبة انقراض الأشجار فالرقم العالمي يشير إلى شجرة واحدة من بين خمس أشجار غير البن مهددة بالانقراض، لكن بالنسبة لشجرة البن، فإن النسبة تصل إلى 60 في المائة.
بالمقارنة، فإن نحو نصف زراعات الشاي البري ونصف أنواع المانجو مهددة بالانقراض، وستة في المائة من أشجار البندق و9 في المائة من أشجار الفستق مهددة بالانقراض.
تعتمد تجارة البن العالمية على: القهوة العربية، وقهوة «روبوستا»، والنوع الثالث هو قهوة «ليبريكا» التي تنمو بمختلف أنحاء العالم، لكنها نادرا ما تستخدم في إعداد مشروب القهوة.
وأكد العلماء على أهمية التصدي للمخاطر التي تواجه زراعة البن وضرورة توفير المصادر اللازمة للتغلب على تلك المخاطر.
وبما أن أشجار البن، شأن الكثير من الأشجار الاستوائية، ذات بذور لا تعيش في البيئة الجافة المتجمدة المتوافرة في «بنوك البذور» التقليدية، ولذلك فإن نحو 45 في المائة من أنواع قهوة البراري لا يمكن تعبئتها والاحتفاظ بها معلبة خارج البراري. وقد أفاد الدكتور نيك لوغادا، الذي يعمل بحدائق النباتات الملكية «كيو» بلندن، بأن هذه هي المرة الأولى التي تتضمن فيها «القائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض» القهوة العالمية وأن نسبة 60 في المائة تعتبر بالغة الارتفاع.
وأضاف، «نتمنى أن تساعد البيانات الجديدة في تسليط الضوء على الأنواع التي يجب أن تحظى بالاهتمام وتعطى الأولوية للمحافظة على قطاع إنتاج القهوة عالميا وأن تتخذ الإجراءات المناسبة لحماية هذه الأنواع».