لعله من المفيد أن يعرف الجمهور العربي قدرا من المعلومات عن بعض أبرز الخصوم السياسيين المعادين للزعيم البوليفي إيفو مورالس، لأن ذلك يساعد في فهم ما يجري في بوليفيا وتوضيح الصورة أكثر، رغم أن مواقف مورالس المشرفة، لا تخفى على أي متابع، بدءا من الصدام الدبلوماسي مع العدو الصهيوني ( قطع العلاقات الدبلوماسية مع "إسرائيل" عام 2009) ومن ثم اعتبار "إسرائيل" كيان إرهابي في العام ٢٠١٤ وكذلك رفضه لعدوان الناتو على ليبيا في العام ٢٠١١ والوقوف في وجه المؤامرة على سوريا.. ما يكفي لرفض ما جرى بحقه من مؤامرة انقلابية أميركية.

منذ سنوات يتزعم كارلوس ميسا المعارضة ضد الزعيم البوليفي إيفو مورالس، وكانت الصحافة الغربية قد وضعت ميسا في صدارة تحالف مدني/عسكري نفذ انقلابًا صريحا دعمته وخططت له واشنطن، بحجة أن الانتخابات الأخيرة "غير صحيحة وبها تلاعب." مع العلم أن الزعيم مورالس، وافق على إعادة فرز الأصوات ودعا إلى حوار تشارك فيه المعارضة.و"ميسا" هو المرشح الخاسر في الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي أجريت في الشهر الماضي أكتوبر ٢٠١٩، والتي اعتبرتها منظمة الدول الأمريكية (وهي منظمة مقرها في واشنطن وتتحدث بلسان الخارجية الأمريكية ولها تاريخ حافل في التآمر على الثورة الكوبية والحشد ضد الثورة البوليفارية في فنزويلا) .

والحقيقة أن "كارلوس ميسا" بشكل أو بآخر ينتقم - كمتأمرك حقيقي- من الزعيم إيفو مورالس.فالحكاية تقول أن "ميسا" كان رئيسا بوليفيا من ٢٠٠٣ حتى ٢٠٠٥، وأنه قدم استقالته ورحل عن الحكم، بعد أن ثار ضده الفقراء (وليس الملوّنون) وبقيادة واضحة من إيفو مورالس الزعيم النقابي وقائد "الحركة نحو الاشتراكية MAS".. وسبب اندلاع ثورة ٢٠٠٥ هو عدم قدرته على حل المشكلة الموروثة عن سلفه، والممثلة في هيمنة الشركات الغربية على احتياطات الغاز البوليفية والثروات الطبيعية الأخرى، ونهبها بأثمان بخسة، في المقابل كانت المعارضة تقول أنه من الواجب وقف تصدير الغاز كمادة خام، لأن هذا يتسبب في خسائر تصل إلى ٧٢% من قيمته، وأنه يجب توجيه الغاز لسد الحاجات المحلية في البداية، بالإضافة استغلاله في دعم التصنيع الوطني.وكذلك ثار الفقراء يومها بقيادة مورالس على "ميسا" بسبب تنامي الفوارق الاجتماعية، وتهميش وقمع السكان الأصليين لصالح النخبة البيضاء التي تعود في أصولها إلى أوروبا..(عندما وصل الزعيم مورالس إلى الحكم في يناير ٢٠٠٦، قام بتأميم احتياطات الغاز، ونفذ برامج اجتماعية واقتصادية لدعم الفقراء ومحدودة الدخل، ناهيك عن كونه أول رئيس للبلاد من سكانها الأصليين).وعليه فما يجري اليوم هو انتقام مؤجل ينفذه "ميسا" بحكم أنه واجهة لتحالف كبار الأثرياء البيض مع واشنطن.

وتجدر الإشارة إلى أن كارلوس ميسا، هو عضو في "مركز الحوار بين الأمريكتين" ومقره في واشنطن، ويركز هذا المركز جل اهتمامه في السنوات الأخيرة على مواجهة ما يعتبره "التمدد الصيني في أمريكا الجنوبية"، ويترأس هذا المركز"مايكل شيفتر"، ولمن لا يعلم من هو شيفتر، وما هي حجم خطورته؟، فيكفي الإشارة إلى عمله اليوم في "مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي"، وعمله السابق في الوقف الوطني الأمريكي للديمقراطية NED، وكذلك مؤسسة فورد.. أي أن "شيفتر" الذي يقود هذا المركز الذي يعمل فيه "المعارض البوليفي والرئيس السابق: ميسا"، له خلفية قوية في العمل مع مؤسسات "وكالة المخابرات المركزيةCIA" والماليين الغربيين الكبار، التي تهدم الدول وتخترقها بالأساليب الناعمة.

أما الوجه الثاني الذي برز في سياق المؤامرة على مورالس، فهو "لويس فرناندو كاماتشو" وهو واحد من رجال أعمال منطقة سانتا كروز شرقي البلاد (والمعروفة بالثراء التاريخي)، وسليل عائلة بيضاء جمعت المال وبعض المناصب.

لكن ما يستحق الإشارة إليه هو أن مدينة سانتا كروز كانت بؤرة توتر دائمة معارضة لمورالس، وقد استقبلت دعم أمريكي لتحريض نخبها المالية على السير في اتجاه (( الانفصال ))، كما شهدت أعمال شغب متكررة بواسطة عصابات تم تمويلها من هذا التحالف اليميني الفاشي/الأمريكي، وكان مورالس قد طرد في سبتمبر ٢٠٠٨ السفير الأمريكي فيليب جولدبرج على خلفية اجتماعه بالمعارضة البارزين في سانتا كروز بغرض التنسيق وتدبير الفوضى.

المصدر: السيد شبل - ميسلون