منذ بدايات تشكل حزب الله وبدء عملياته تحت اسم "المقاومة الإسلامية" انفتح باب الجدال حول نشاطه العسكري، بين مدافع عنها كعمل محرر للأرض اللبنانية المحتلة وبين مهاجم لهذا العمل كونه يخرج عن عمل الدولة وجيشها الحصري في الدفاع عن الوطن. 
بعد تحرير العام ألفين تزايدت مساحة اتهام حزب الله بأنه دولة ضمن الدولة، مع أن الحزب لم تتغير علاقته بالسلطة ولم يحصل على امتيازات "صاحب الدولة"، فلا كان له أن يوظف عناصره أو المقربين منه في إدارات الدولة، ولا استطاع توفير موارد العيش بشكل أفضل من السابق في مناطق وجوده، كالماء والكهرباء والبنى التحتية غيرهما، ولا تدخل في القضاء أو غيره من سلطات الدولة، وأكثر من ذلك، شاهد عملاء ميليشيا لحد يُحكم عليها أحكاماً مخففة فيُسجنون أشهراً أو سنة على الأكثر ثم يُطلق سراحهم ليتجولوا في شوارع الوطن رافعي الرؤوس بكل وقاحة.
وقد شكّل مجموع هذه الأمور، الخفة في تعاطي القضاء مع العملاء، والعجز عن توفير موارد الحياة بشكل أفضل وغير ذلك، هدفاً لبيئة الحزب كي تنتقده على صمته على تلك الخفة وعما هو من المفروض أن يكون حقه أو "حصته" بعد الإنجازات العظيمة التي قام بها في تحرير لبنان من العدو الإسرائيلي.
وقد كانت قيادة حزب الله، ولا سيما الأمين العام السيد حسن نصر الله، توضح في بعض المناسبات حقائق الأمور التي يشكو منها جمهور المقاومة، فيقتنع من يقتنع وينتقد من لم يقتنع.
خلال كل ذلك، اتخذت فئة من الإعلاميين والمثقفين والناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي من حزب الله هدفاً تصوب عليه في كل مناسبة، لا حرصاً وغيرةً على الحزب، إنما من باب وضع العصي في الدواليب، أو "الحرتقة" أو من باب العداوة السياسية. وطبعاً ابتعد هؤلاء عن المنطق والإنصاف في كتاباتهم، مستعملين أسلوب "نعرفها ونحرفها"، لإظهار حزب الله مقصراً مع جمهوره، متواطئاً مع خصومه، صامتاً عن الممارسات التي تطال بيئته.
وها هو موضوع الإفراج عن العميل عامر الفاخوري يشكل مادة دسمة وفرصة كبيرة للنيل من حزب الله الذي جرى تصويره وكأنه باع دم شهدائه وعذابات أسراه في معتقل الخيام، وصمت على القضاء الذي لم يحكم على العميل فاخوري بالسجن أو الإعدام، وكان هؤلاء أحرص من قيادة حزب الله على شهداء الحزب ومعتقليه وجرحاه وعناصره وشعبه وبيئته ووطنه، مزايدين بكتاباتهم على الحزب ناعتين بيانه الذي صدر حول موضوع الإفراج عن العميل بأبشع النعوت، حتى كدنا نراهم متظاهرين في الشوارع ضد قرار القضاء.
ربما يجب على قيادة حزب الله أن تنشئ وحدة إعلامية متخصصة للرد على ما يطلبه المغردون والمفسبكون، وقد يكون من مهام هذه الوحدة مراسلة بعض الناشطين وسؤالهم عن رأيهم في موضوعٍ ما قبل أن تتخذ القيادة القرار بشأنه، وقد يجري تشكيل شورى رديفة من هؤلاء تقرر ما على الحزب اتخاذه من قرارات في المواقف المصيرية، "ليش لأ؟".

المصدر: خاص الرافد