تحدثت في مقالي السابق عن وجود طريقتين لمواجهة فيروس كورونا الجديد. ورجحت بأن الطريق الأقصر والأسرع لمحاربته حالياً هو في البحث عن دواء معتمد مسبقا من هيئة الغذاء و الدواء لإثبات فعاليته في علاج الفيروس الجديد. ولقد ذكرت بأن هناك بعض الأدوية الموجودة قد أعطت مؤشرات إيجابية في مجابهة الفيروس. قبل الحديث عنها بشكل مبسط يجدر الإشارة هنا لتسجيل مزيدا من التقدم من قبل دول كألمانيا والصين وأمريكا وغيرهم في تجربة لقاحات جديدة لمجابهة الفيروس، لكن إيصالها لمرحلة الاستخدام العام لا يزال يحتاج لوقت، كما أن إنتاجها بمعدل كبير يفي بمتطلبات الناس سيحتاج لوقت إضافي. لذلك فإن هذه اللقاحات في حال نجاحها و إنتاجها قد تفيد في مواجهة مستقبلية للوباء أو في التصدي له متأخراً على أحسن التقديرات.
حالياً ونحن في خضم المعركة مع هذا الفيروس الذي يجتاح العالم وينتشر بشكل سريع في أوروبا أصبح التركيز أكثر على الأدوية المتوفرة التي أبدت مؤشرات إيجابية عند تجربتها ضد الفيروس الجديد. فقد أدخل بعضها في بروتوكولات العلاج الحالية بناءاً على بعض التجارب الإيجابية حتى قبل التحقق بشكل كافي من مدى فعاليتها في علاج الفيروس وذلك لكسب الوقت ومحاولة إنقاذ أكبر عدد من المرضى. فمعدل الإصابات يرتفع يومياً في أوروبا بنسبة كبيرة مع الأخذ بعين الإعتبار أن العدد الحقيقي يفوق الأعداد المسجله بالفحص الإيجابي وأن الفحوصات وخصوصا السريعة منها ليست دقيقة بنسبة 100% في كشف الحالات المرضية وقد تعطي نتائج سلبية لبعض المرضى المصابين. حتى لحظة كتابة هذا المقال تتأرجح أعداد الوفيات في أوروبا بين حوالي 0.3 % كما هو الحال في ألمانيا إلى ما فوق 8 % كما هو الحال في إيطاليا. تجاوزت أوروبا الصين في أعداد الوفيات جراء فيروس كورونا. وقد تأثر عدد الوفيات بشكل كبير بقدرة النظام الصحي للدولة على إستيعاب عدد كبير من المرضى في آن واحد ومدى توفر أماكن للعناية المركزة في المستشفيات للحالات الحرجة، بالإضافة لطريقة التعامل العلاجي مع المرضى وعمر وحالة المصاب الصحية المسبقة كوجود أمراض أخرى.
تقدر الإحصائيات أن حوالي 20 % من حالات الإصابة تحتاج البقاء في المستشفيات وأن حوالي 5 % يحتاجون للعناية المركزة. توفر أجهزة التنفس الصناعي بعدد كافي في المستشفيات كان عاملا مهما في إنقاذ حياة المرضى، ليسمح بتخصيص جهاز لكل مريض يحتاجه لفترة قد تصل لأسبوعين حيث أن الأسبوع الأول قد يكون الأهم لبناء المناعة الذاتيه وهو المرحلة الحرجة في تدهور الحالة الصحية. قلة أعداد هذه الأجهزة كان للأسف في بعض الأحيان سبباً في عدم القدرة على إنقاذ حياة المريض كما حدث في بعض الحالات في إيطاليا. كما ان بدء تفشي المرض في إيطاليا قبل دول أوروبية أخرى قد يكون أحد اسباب ارتفاع نسبة الوفيات.
وبالعودة للأدوية المستعملة حاليا في العلاج فيمكن القول أن البحث ما زال جاريا لإثبات فعاليتها و أفضلها رغم إستخدام بعضها في بروتوكولات العلاج الحالية. وهنا يجدر الإشارة إلى أن الدواء سيكون موجه بالأخص لفئة قليلة من مرضى الفيروس التى لم تستطيع بناء مناعة كافية للتغلب عليه بسبب كبر عمرها ووجود أمراض أخرى كأمراض القلب والكبد والجهاز التنفسي، فتتدهور حالتها الصحية بشكل ملحوظ. إيجاد الدواء المناسب لهذه الفئة يتطلب بجانب الحاجة لفعاليته أن يكون دون مخاطر بالنظر لصحة المريض، كما يجب أن لا يتداخل الدواء المقترح بشكل سلبي مع أدوية أخرى يتعاطاها المريض بشكل دائم لمعالجة مشاكل صحية أخرى. ضمن عدة أدوية تم تجربتها أو يتم حاليا تجربتها لمواجهة الفيروس تعتمد بعض الدول بشكل مبدئي إختيار بعضها على أساس مؤشرات ايجابية لفعاليتها في المختبر وتوفرها بشكل كافي ووضوح الأمان لاستخدامها ومحاذيره لتشكل خطوط مبدئية للعلاج. توفر مزيد من المعلومات عن فعاليتها وفعالية أدوية أخرى قيد الفحص بالتجارب الإكلينيكية قد يؤدي إلى تغيير الأدوية المختاره. أهم الادوية المختارة حالياً هي دواء الهيدروكسي كلوروكوين
مضاد الملاريا والروماتويد الفرنسي المعروف و دواء لوبينافير/ريتونافير مضادات متلازمة نقص المناعة البشرية ودواء الرمديسفير مضاد الفيروسات. تقرن بإستخدام معالجات الأعراض وأدوية أخرى عند الحاجه مثل المضاد الحيوي الازيثرومايسين. كما يقترح دواء توسيليزوماب المضاد للإلتهاب لعلاج العوارض الصعبة في حالات المرض المتقدمة. كما يقترح الروس الثلاثي الدوائي من ريبافيرين و لوبينافير/ريتونافير و انترفيرون بيتا ب ١ في علاج الفيروس.
لازالت مضادات فيروسات أخرى قيد البحث عن فعاليتها في علاج الفيروس الجديد. قد يترك للطبيب أو المشفى تقدير الخطر والمنفعة من إعطاء الدواء حسب حالة المريض. يمكن القول أن علاجا ناجحا مجمعا عليه ومثبتا بالتجارب الإكلينيكية ما زال مبكراً. يجدر العلم بأنه في أكثر من 80% من حالات الإصابة بالفيروس لا يحتاج المريض أصلا للذهاب أو البقاء في المستشفى ويكتفي بالحجر المنزلي واستخدام خافض حرارة ومسكن كالبراسيتامول إن لزم الأمر.